تحول العالم بكافة أشكاله إلى ساحة احتكار ومنافسة جعلت منه اليوم غير قادر على أن يؤمن نفسه من الصراعات وحتى من الأوبئة؛ بمعنى حينما يصل من يهيمن على العالم لدرجة تسخير كل شيء في سبيل أن يجني ما يحقق له الدوام والاستمرارية دون الاكتراث بالنتائج، حتماً سيكون هناك أزمات؛ أزمات متعلقة بالإرهاب وأشكاله، أزمات اقتصادية، مجتمعية، سياسية وكذلك صحية وما نعيشه اليوم مع تفشي فايروس كورونا(COVİD 19)، وقبله السارس دلائل قطعية بأن الانشغال التام بات في كيفية المنفعة لدى القطب المهيمن في العالم وإن سبل المحافظة الصحية والوقائية وحتى البيئية في مراتب متدنية وإلا لما كان عاجزاً اليوم على تأمين آليات الدفاع الصحي ولو بشكل مؤقت.
دون شك مع سرعة هذا الانتشار لفايروس كورونا في العالم والإصابات الكبيرة وكذلك الوفيات يقف العالم أمام مرحلة جديدة؛ بدأت بتوقف مرافق الحياة كافة في عموم العالم وصولاً إلى أزمات حقيقية باتت تبدأ مع مرور الأسابيع على انتشار الفايروس؛ هذه التطورات تجلب معها تغييرات عامة في العالم ومنها ما سيتضمن بكل تأكيد تغييراً في الملامح العامة للكثير من الدول وبالتالي لا يمكن للعالم ونظامه الحاكم أن يستمروا في فرض الأمور كما كانت قبل هذا الفايروس، حيث التغيير هام وضروري ولا بد منه ولا توجد بدائل عنه مطلقاً.
محلياً حينما نتناول هذا الموضوع؛ دون شك يجب ألا نغفل بأن تعزيز ثقافة الحماية الذاتية في كل شيء مهم؛ وسبق وأن كان شعبنا حينما هاجمته أعتى القوى المتطرفة ومعها تركيا الفاشية مثالاً للدفاع والمقاومة؛ الآن خطر هذا الفايروس لا يقل عن أية مخاطر كانت ولا تزال تحدّق بشعبنا لما لهذا الشعب من توجه مخالف لسير وقواعد من لا يريد أن يكون ذو دورٍ وإرادة. لكن؛ المخاطر هنا أكبر كون الهدف هو الإنسان كشخص، حيث مع التركيز الكبير والقوي على شيء معين بحد ذاته تزداد المخاطر ما يوجب أن تكون سبل الوقاية من هذا الفايروس حاضرة وقوية؛ أيضاً يجب أن تكون جدّية وفعّالة.
الاستهانة بالمرض أياً كان وخاصة هكذا أنواع يضعف بكل تأكيد جهود تخفيف تأثيره الكبير على الإنسان. لذا؛ من الضروري أن يكون هناك جهود ذاتية وقائية، أيضاً التحلي بتلك الثقافة التوعوية التي يحاول الإنسان من خلالها حماية ذاته وأهله وأصدقائه. عجز الكثير من الدول حتى الآن على السيطرة على الوضع ناجم عن ضعف إجراءات الوقاية التي كانت من المفروض أن تعمل بها الجهات المسؤولة. في شمال وشرق سوريا التدابير المتخذة هي وقائية بحتة. لكن؛ يجب أن يكون هناك تعاون والتزام من باب الحرص على الصحة العامة والشخصية. المرحلة التي نمر بها وفي ظل خلو منطقتنا من أية إصابات تضعنا أمام مسؤوليات تاريخية في أن نعكس تلك الثقافة والروح المسؤولة لتعزيز إمكانياتنا المجتمعية من كل مكان؛ خدمة لشعبنا ونموذجاً لمن يسعى لدرء مخاطر هذا الفايروس السيئ. حيث الانضباط والتنظيم يحققان قدرة المجتمع على الدفاع عن ذاته أمام كل المخاطر، وهنا الكومينات التي تم تأسيسها بهدف الاستجابة لحاجة المجتمع من النواحي كافة؛ لها دور ريادي في هذه الظروف والتي يمكن من خلالها الالتزام بالتعليمات واتباع الإجراءات المطلوبة؛ وهذا يحقق تطوراً كبيراً في مساعي حماية مجتمعنا واظهار ثقافة الحماية الذاتية التي نجحت في شمال وشرق سوريا والآن جملة ما كسبه شعبنا من تجارب يجب وضعها أمام هذا الوضع الصحي الطارئ ليتم تجاوزه بانتصار.