مع مجيء إدارة جو بايدن إلى الحكم عمل بايدن على تعزيز دور الولايات المتحدة وإعادة صياغة سياسة الولايات المتحدة العالمية لمواجهة الخطر الصيني الاقتصادي والروسي العسكري، حيث بات بايدن يدرك مدى الاضرار التي لحقت بالولايات المتحدة نتيجة سياسية سلفه دونالد ترامب. فانسحاب ترامب من الاتفاق النووي الإيراني عام 2018 وفشله في الضغط على إيران لإعادة صياغة اتفاق جديد، جعلت الصين تنتهز الفرصة خاصة أنها مع إيران تواجهان عقوبات اقتصادية لعقد اتفاقية تعاون مع إيران مدتها 25 عاما لتعزيز علاقتهما الاقتصادية والسياسية طويلة الأمد وتبلغ قيمتها 400 مليار دولار، وهو ما يخدم مشروعها الاقتصادي حزام واحد طريق واحد، فالصين تدرك تماماً أهمية موقع إيران لاستكمال مشروعها والتوجه نحو الشرق الأوسط حيث تشكل إيران بوابة الشرق الأوسط.
من هنا ندرك مدى رغبة الولايات المتحدة في إعادة المفاوضات مع إيران وإعادة الثقة من خلال خطوة مقابل خطوة، فقد تعهّد بايدن بإعادة بلاده إلى الاتفاق بشرط أن تعود إيران أولاً للالتزام بكافة بنوده. إلا أن إيران بعقد هكذا اتفاق مع الصين قادرة على أن تضغط على الولايات المتحدة وتملي بعض شروطها عليها والعودة إلى الاتفاق القديم، فإيران ترغب ضمنياً في العودة إلى الاتفاق النووي بصيغته القديمة ولكن مع وجود ضمانات بعدم قيام الولايات المتحدة بالانسحاب من الاتفاق في المستقبل. فإيران على الرغم من المنافع التي ستجنيها من الصين إلا انها تدرك عواقب استمرار العقوبات الأمريكية على اقتصادها وتخشى من ردة فعل الولايات المتحدة بفرض المزيد من العقوبات إلى جانب تعرض منشآتها النووية لأعمال تخريبية وبالتالي اضطرارها إلى تقديم تنازلات للصين لتخفيف الآثار الناجمة عن تلك العقوبات.
الولايات المتحدة في صراعها مع الصين اقتصادياً وروسيا عسكرياً غير قادرة على كسب هذا الصراع وهناك خلافات أمريكية مع دول الشرق الأوسط “إيران، تركيا، مصر” وأزمات تشهدها المنطقة، هذه الخلافات والأزمات تستغلها الصين وروسيا لتوقيع اتفاقيات طويلة الأمد لصالحها “اتفاقية الصين وإيران، اتفاقية روسيا والنظام في سوريا إلى جانب التعاون الروسي التركي” لذا حتى تكون الولايات المتحدة قادرة على مواجهة الخطر الصيني الروسي قد نشهد في المستقبل القريب عودة الولايات المتحدة للاتفاق النووي وإعادة بناء الثقة بين الطرفين وليس غريباً أن نشهد مفاوضات سلام بين إيران ودول الخليج برعاية أوروبية أو أممية، والضغط على تركيا سياسياً واقتصادياً وعسكرياً لفك ارتباطها مع روسيا، وحل أزمة سد النهضة بين مصر وأثيوبيا، فالفوضى الخلاقة التي كانت تخدم مصالح الولايات المتحدة، أصبحت الآن تشكل عبئاً عليها وتخدم مصالح الصين وروسيا.
وفي هذا السياق باتت إيران تحت رحمة التنين الصيني التي أصبحت بوابة إيران لتخفيف وطأة العقوبات الأمريكية عليها وبين قوة الولايات المتحدة السياسية والاقتصادية وعقوباتها التي شلت اقتصاد الإيراني وقدرة الولايات المتحدة حتى التأثير على الاتفاق الموقع مع الصين ومنعها من الاستفادة منها من خلال فرض عقوبات جديدة على غرار قانون قيصر التي منعت روسيا من الاستفادة في سوريا .
NRLS