استيرك كلو … الخصم الخافي

هل سيغير الخصم الخافي “فايروس كورونا” أشكال الأحلاف والتوازنات الذي اعتمدت عليه القوى المهيمنة في حربها، أم إنها شكل آخر أضيف إلى أشكال العولمة. في الحقيقة الإجابة على هذا السؤال ربما يميل بنا الميزان إلى نظرية المؤامرة أو إلى القبول الطوعي للوضع المعاش الذي تتجه بالإنسانية إلى حالة عقيمة تفرض النجاة إن كنا مؤمنين بقوة المجتمع في تخطي قضاياه، ولكن الأصح ربط السبب والنتيجة فهذا سيكون أكثر واقعية. لا خافية بأن الحرب البيولوجية أحد أهم أشكال الحروب في العالم وكانت خطيرة بقدر أنواع الحروب الأخرى وكثرت في العديد من بلدان العالم، لذا فأنها تعتبر جزءاً هاماً من الحرب العالمية الثالثة التي هجت الأنظمة السلطوية قبل الشعوب. القلق يطفو على معالم الكون ولكن الأمر الذي تأكدت منه شعوب البلدان التي تخوض حرباً ضد فايروس كورونا وعلى رأسها أمريكا وإيطاليا والعديد من الدول الأوربية، بأن الدولة التي كانت تعتبرها حاضنة ضامنة باءت على وجه الشلل والإفلاس وخاصة في القطاع الصحي وبأن أنظمتها لم تكن مستعدة لهكذا وباء، رغم الإشارات الواضحة التي كانت تتنبأ به العديد من القوى بخصوص هذه الأنواع من الأوبئة.
أما الحال في الشرق الأوسط يبدو أكثر تعثراً للتصدي لهذا الخصم الصامت وخاصة بعدما ضعفت قواه في الحروب التقليدية التي وصل الانهماك بالأصلاء قبل الوكلاء جراء خوضهم هذه المعركة بلا مقاييس ولا أخلاق. ومثلما وصل الحال بالبلدان التي فقد مواطنيها الثقة بتخطيهم هذا الوباء اعتماداً على دولهم، بات يتوجه إلى الاعتماد على اكتفاءاته، وبهذا أصبح كورونا وسيلة في البحث عن ماهية هذا الارتباط الدخيل ما بين المجتمع والسلطة. الأصح هنا ربط السبب والنتيجة ببعضها لأنه سيكون أكثر واقعية ، لكن بكل أسف الأنظار متجهة صوب النتيجة والقلة النادرة يناقشون السبب، ولكن بنظري إن لم يتم تثبيت السبب فلا يمكن استنتاج الحل وهذا بدوره سيدخلنا في دوامة لا يمكن الخروج منها إلا بنتائج أكثر كارثاتية في المستقبل القريب. مع زيادة توحش النظام العولمي في الاحتكار باسم الاقتصاد العولمي الذي تحول إلى أرقام باستطاعتها أن تفلس بلداً بدقائق وكذلك غياب المجتمع عن اتخاذ وسائله في الدفاع كجسد واحد وتحوله إلى لا شيء باسم كل شيء، يتركنا أمام تساؤلات كبيرة للبحث في ماهية هذه المرحلة.
سُئل أحد الأطباء في شمال شرقي سوريا، إن وصل الحال بكم في اختيار أحدهم للعيش شاباً أم شيباً مثلما وقع به الحال الحرج للعديد من الأطباء في العالم والذين اختاروا إنقاذ الشباب نظراً لقلة المعدات الطبية وأجهزة التنفس، فأيهما ستختار؟ طبعا السؤال هنا كان صعباً ولكن أجاب ….الشيب ماضينا وحاضرنا.