الوحدة الكردية؛ بين عامل الزمن والتجاذبات
تشهد المنطقة تحولات وتطورات هامة وتعتبر سوريا مركزاً مهماً لها، حيث كل الأمور والقضايا في تناول كل الأطراف بحيث بات اليوم هناك صعوبة بالغة في معالجة قضية أو أمر ما بمعزل عن القضايا والأمور الأخرى، هذا التداخل في الوقت الذي يستوجب حلاً نوعياً؛ فإنه كذلك دليل كبير على إن المعالجات الكلاسيكية لم تعد ممكنة. لذا؛ لا بد من حلول جديدة، طبعاً القضية الكردية دائماً حاضرة وهي بشكلها ومضمونها تمثل جوهراً للحل وكذلك أحد أهم العوامل في تحديد شكله.
التعاطي مع هذا الواقع أو تقبله يتيح المجال لولادة آفاق جديدة، حيث الدلالات تكمن في إن الاعتماد أو التوسل على من لم ينتج أي حل على مدار عقود مضت توجه غير صحيح؛ إلا إذا كان هذا الطرف هو اليوم منتجاً للحلول لا مستهلكاً لقضايا الشعوب ومتاجراً بها؛ وفي هذا الجانب القضية الكردية موضع تحكم من خلال بوابات ضيقة لهذه الفئات عبر أحزاب معينة انحرفت عن دورها حينما كانت المنطقة ومع انسحاب النظام أرضية خامة كان يمكن التأسيس عليها (يوجد الآن 27 حزب لازموا الأحداث ولا زالوا يقومون بدورهم حالياً)، حيث أن الوحدة الوطنية الكردية حاجة وضرورة؛ كون حالات الاتحاد التي تتم اليوم جميعها بدون وجود عوامل مشتركة وإنما توجد مصالح مشتركة. لذا؛ مقومات الوحدة الكردية هي أقوى من الأمور الجامعة اليوم حتى بين الأعداء.
الإدارة الذاتية والتي تعمل وتقدم جهود حثيثة وكذلك قوات سوريا الديمقراطية في سبيل تحقيق هذه الوحدة حقيقة توجهاتها جادة وواضحة. ولكن؛ بالمقابل هناك من يتعامل مع هذه الجهود بطرق فيها استغلال ورفعة عن القضايا الوطنية حتى وصل الأمر بالأحزاب التي هي الآن خارج الاتفاق والإدارة الموجودة باللقاء مع الدولة التركية التي أصلاً لولا هذه المبادرة؛ لما تعاملت معهم بهذا الشكل، فتركيا تريد العرقلة و سحب حالة الانجذاب الموجودة وإن كانت ضئيلة لدى الأحزاب المذكورة، طبعاً الوضوح في المبادرة والتعاطي بجدية مع وحدة الصف الكردي بجدية باتت معدومة لدى الأحزاب المطلوبة منها مواقف جديدة وفعالة في هذه القضية.
عملياً لا يستطيع أحد من هذه الأحزاب التي تتدعي وجودها بصفة التمثيل الكردي في اللجان والمنصات والمفاوضات الدولية التأثير إلى الحد الذي يحقق فعلاً حاجة كردية وحل للكرد؛ هم بوجودهم المعزول عن الداخل يتواجدون بضعف وبشكل لا بالنوع وبالتالي فرض الأمور عليهم سهل وبالمقابل التجارة بالقضية الكردية كذلك سهل من قبل المعيقين لحلها؛ كونهم في كل مناسبة يتحدثون عن وجود ممثلين عن الكرد بينهم؛ ذلك أن الحاجة الملحّة تكمن اليوم في أن تكون المواقف جدية وموضوع الوقت هام جداً. وسط التطورات والأمور التي تم الحديث عنها؛ لا يمكن تقييم أي أمر على المدى البعيد إلا بالشكل العام؛ والانجذاب نحو جهات هي أصلاً سبب للمشاكل وفاقدة للحلول العملية يلحق ضرراً كبيراً في عامل الوقت الواجب الاستفادة منه. لذا؛ وحدة الكرد مهمة ولا بدّ منها وحتى الآن العدول عنها لأسباب معينة؛ حيث الأسباب ذاتها ليست مؤهلة لخلق هذا العدول والتخلف غير المقنعان؛ هذا العدول التاريخ سيكتبه تحت بند التقصير الوطني حال دوامه بهذا الشكل وهذا النمط.