تركيا تحاول قلب الطاولة في ليبيا دون أمل في النصر

 

مع اندلاع النزاع مرة أخرى في ليبيا، تحاول تركيا إعادة تشكيل النتيجة من خلال تدخلها العسكري. ومع ذلك، من غير الواضح ما إذا كان أي من طرفي الحرب الأهلية الليبية يمكن أن يكسر الجمود الحالي.

لقد مر عام منذ أن بدأ الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر حصاره على طرابلس للإطاحة بحكومة الوفاق الوطني هناك، ولا يزال النزاع مستعرا في ليبيا. فشل حفتر في الاستيلاء على طرابلس. وشنت حكومة الوفاق الوطني، التي تدعمها تركيا، في الشهر الماضي هجوما جديدا ضد الجيش الوطني الليبي يسمى بـ “عملية عاصفة السلام”.

ولم يتضح بعد ما إذا كانت “عاصفة السلام” ستدفع الجيش الوطني الليبي خارج العاصمة الليبية أو كم من الموارد التركية سيتم استهلاكها من قبل الدولة التي مزقتها الحرب في الوقت الذي تواجه فيه تركيا أزمة اقتصادية محلية تفاقمت بسبب جائحة فيروس كورونا.

وقال ماثيو باي، كبير المحللين العالميين لدى ستراتفور “هذا تصعيد كبير في القتال الآن حيث شهدت الميليشيات الموالية لحكومة الوفاق الوطني والمعادية لحفتر زيادة في الدعم المادي من تركيا، لكن قصة القتال على طرابلس وإقليم طرابلس منذ أبريل الماضي ظهرت في صورة هجمات متتالية حققت نجاحات بطيئة. لا يوجد سبب وجيه لتوقع نجاح هذا الهجوم أكثر من الهجمات السابقة التي شنتها حكومة الوفاق الوطني”.

 

ويرجع ذلك في المقام الأول إلى عدم قدرة أي من طرفي النزاع الليبي حاليًا على كسب معركة طرابلس في أي وقت قريب.

وفي حين أن عملية عاصفة السلام قد تسمح لحكومة الوفاق الوطني بالاستيلاء على الأراضي حول المناطق الحضرية الرئيسية التي تسيطر عليها حاليًا، وهي طرابلس ومصراتة، وتعطيل سلاسل إمداد الجيش الوطني الليبي، فإنه لا يزال من المحتمل ألا تثبت أنها قادرة على قلب تيار الصراع ضد الجيش الوطني الليبي.

وقال باي “إن حكومة الوفاق الوطني ببساطة لا تملك القدرة على إخراج الجيش الوطني الليبي من قواعد العمليات الأمامية”.

وقد استثمر أنصار حفتر – الإمارات ومصر وفرنسا وغيرها – الكثير من الموارد لدعمه، ومن غير المحتمل أن يقللوا من دعمهم، حتى مع دخول هجوم طرابلس عامه الثاني. وإذا زادت تركيا دعمها لحكومة الوفاق الوطني، فمن المرجح أن يفعل أنصار حفتر نفس الشيء. وقد تجد تركيا قريبًا نفسها بحاجة إلى زيادة دعمها لحكومة الوفاق الوطني أكثر.

يقول باي “التحول التدريجي لأهداف المهمة يمثل خطراً حقيقياً بالنسبة لتركيا”.

وفي حين أنه من غير المحتمل أن نرى القوات التركية تشارك بنشاط في القتال في انتشار بري كبير، إلا إن قوات العمليات الخاصة يمكن أن تشارك بشكل متزايد.

وقال أوليفر إمهوف، باحث في الشأن ليبي في مجموعة إيروارس الواقعة في بريطانيا، وهي منظمة غير ربحية، إن حكومة الوفاق الوطني وتركيا تحرزان تقدماً في المجالات الرئيسية في طرابلس. وقال “إن عدد الضربات الجوية والمدفعية التي سجلتها الطائرات في ليبيا قد ازداد بشكل ملحوظ منذ منتصف مارس مقارنة بالأشهر السابقة. ووفقاً لما يشاع من معلومات، ترسل كل من تركيا والإمارات المزيد والمزيد من الأسلحة إلى البلاد.

ويستخدم كلا طرفي النزاع طائرات مسلحة ذاتية القيادة. ويعتمد الجيش الوطني الليبي على طائرات ذاتية القيادة من طراز “وينغ لونغ 2” إماراتية الصنع، وقد قامت تركيا بنشر طائرات ذاتية القيادة من طراز “بيرقدار تي بي 2” التي تم تصنيعها محلياً، ويقال أنها بدأت أيضًا مؤخرًا في نشر طائراتها ذاتية القيادة الأكثر فتكًا.

لكن الجيش الوطني الليبي يواجه تحديًا خطيرًا، حيث خلص الخبراء إلى أن حفتر قد لا يكون قادرًا على كسب هذه الحرب بسبب دعم تركيا لحكومة الوفاق الوطني.

وقال إيمهوف “يرجع ذلك بشكل جزئي إلى الطائرات ذاتية القيادة التركية، ولكن أيضًا بسبب سلاح كوركوت المضادة للطائرات”. وقال إن طائرات كوركوت ذاتية الدفع التي صنعتها تركيا تعني أن الجيش الوطني الليبي لم يعد يسيطر على المجال الجوي الليبي.

وأشارت الخسائر الأخيرة لطائرات ذاتية القيادة التركية من طراز “بيرقدار” إلى زيادة تعقيد أنظمة الدفاعات الجوية للجيش الوطني الليبي، ولكن الميزة الكبرى لهذه الطائرات ذاتية القيادة هي تقليل خطر فقدان الطيارين.

وقال صمويل بينديت، زميل بارز في مركز الأمن الأميركي الجديد، وهو مركز أبحاث مقره واشنطن “أعتقد أن الطائرات ذاتية القيادة التركية في أيدي حكومة الوفاق الوطني تتمتع بفعالية عالية. وفي ليبيا، يتم تنفيذ معظم العمليات على الأرض، ولا تزال الطائرات ذاتية القيادة تلعب دورًا محدودًا”.

لن يكون إدخال طائرات “أنكا” الأكثر قوة فعالاً إلا إذا علمت تركيا وحكومة الوفاق الوطني كيفية تجنب الدفاعات الجوية للجيش الوطني الليبي.

 

بول إيدن