أصبحت جائحة كورونا اختبارًا للحكم. حيث اتخذت كل دولة في العالم تقريبًا بعض الإجراءات التي يمكنها أن تفتخر بها في معركتها ضد فيروس كورونا، في حين أن جميعها ارتكبت أخطاء. لا شيء مثالي، ولا يوجد أحداً معصوماً من الخطأ.
إن العدد المنخفض من الوفيات والعدد المرتفع من حالات الإصابة الذين تم شفاؤهم لا يعتبر معيارًا مناسبًا لتقييم أداء الدولة. تعد الإحصائيات مهمة للغاية في تحديد موقفنا تجاه حربنا ضد الوباء، ولكن بقدر ما هي مهمة في إثبات فرضية بعينها، بقدر ما يمكنها إثبات نقيضها.
تختلف سرعة العدوى والمنحنى الذي يشير إلى عدد المرضى الجدد اختلافا كبيرا من دولة إلى أخرى.
وبصرف النظر عن الإحصائيات، هناك عاملان آخران مهمان في تقييم أداء أي دولة. أحدها هو الإجراءات التي اتخذتها الحكومات لاحتواء انتشار الوباء، مثل فرض الحجر الصحي وحظر التجول. وكانت تركيا بطيئة في اتخاذ هذه التدابير وأساءت تطبيقها. وتسبب هذا التباطؤ في استقالة وزير الداخلية بعد إعلان فرض حظر تجول قبل ساعتين من تطبيقه مما دفع حشودًا ضخمة إلى متاجر الأغذية، على الرغم من أن الرئيس رجب طيب أردوغان ألغى الاستقالة.
وعلى النقيض من ذلك، نجحت الدول التي اتخذت إجراءات فورية في بداية الوباء في احتواء انتشاره. وتعتبر تايوان وكوريا الجنوبية وألمانيا الأفضل أداءً في هذا المجال.
العامل الثاني هو عدد الاختبارات، التي تعطي فكرة عن حجم الوباء في دولة ما. إذا كانت نتائج الاختبار إيجابية، يمكن علاج المصابين وعزلهم حتى لا ينقلون الفيروس إلى الآخرين. وتكاد تكون القدرة على تصنيع مجموعات الاختبار غير محدودة.
لذا، يتبقى ما يجب القيام به وهو تنظيم وتدريب الطاقم الطبي لإجراء أكبر عدد ممكن من الاختبارات يوميًا، وبالتالي بناء القدرة على إجراء عشرات الآلاف، إن لم يكن مئات الآلاف، من الاختبارات يوميًا.
ومن خلال القيام بذلك، يمكن للدولة أن تمنع وفاة عشرات الآلاف من مواطنيها، وهو ما يعتبر سباق مع الزمن. بذلت تركيا جهودًا لزيادة عدد الاختبارات المتاحة، ولكن في وقت كتابة هذا التقرير، وصل إجمالي عدد الاختبارات التي أجريت في تركيا حوالي 599 ألف اختبار. يوجد في تركيا وألمانيا نفس عدد السكان تقريبًا – 82 مليونًا – لكن ألمانيا أجرت حتى الآن مليون و728 ألف اختبار.
وفي مكافحة فيروس كورونا، تعتبر الولايات المتحدة حالة خاصة. وتعتبر كل إسبانيا وإيطاليا دولتان أخرتان. ثم تأتي الفئة التي تشمل بريطانيا وفرنسا وألمانيا. ومن الناحية الإحصائية، تقف تركيا تقف في مكان ما بين هذه الفئة الأخيرة وبقية دول العالم.
ولكن أظهرت تركيا فشلاً ذريعاً في منطقة أخرى لا علاقة لها بالقدرة الطبية، ترتبط بالإجراءات الاجتماعية للتخفيف من المشاكل التي يسببها الوباء. حيث فعّلت الحكومة التركية، التي لديها تقاليد عميقة الجذور للتضامن الاجتماعي، إجراءات على عكس ما يجب أن تكون عليه في وقت الكارثة، وأغلقت الحساب المصرفي الذي فتحته إحدى بلديات المحافظة التي تسيطر عليها المعارضة لجمع الأموال للمواطنين المحتاجين وأولئك الذين فقدوا وظائفهم نتيجة للوباء. وقالت وزارة الداخلية إن هذا النوع من الحملات يتطلب تفويضًا من حاكم المحافظة شخصياً.
وكان السبب في عرقلة حملة مساعدة البلدية هو أن حزب الشعب الجمهوري المعارض الرئيسي فاز بالانتخابات البلدية في جميع المدن التركية الرئيسية تقريبًا، بما في ذلك اسطنبول وأنقرة وإزمير وأضنة وأنطاليا ومرسين وإسكي شهر. وكنتيجة عن عدم رضائها عن هذه النتائج، تريد الحكومة الآن عرقلة أداء هذه البلديات. إن معاقبة المحتاجين في وقت كان يجب فيه تعبئة الجهود الإنسانية بشكل عام هو آخر شيء كان متوقعا من السلطات المركزية القيام به.
لم يتوقف جشع السلطات المركزية عند هذا الحد: فقد كانت بلدية إسكي شهر – وهي مدينة كبيرة أخرى يحكمها حزب المعارضة – توزع الطعام اليومي على الفقراء والطلاب. لكن الحكومة حظرت هذا أيضا.
وسيتبين في الانتخابات المقبلة المقرر إجراؤها في عام 2023، ما إذا كانت الحكومة ستكون قادرة على تحقيق النتائج التي تريدها من خلال هذه الأعمال.
يشار ياكش