من المقرر أن يناقش البرلمان التركي مشروع قانون لإطلاق سراح عشرات الآلاف من السجناء، في محاولة للحد من تفشّي فيروس كورونا في تلك السجون التي تعج بهم؛ لكن المسجونين بتهم تتعلق بالإرهاب لن يُفرج عنهم. وتقول منظمات حقوق الإنسان إن من بين هؤلاء آلاف من السجناء السياسيين المُدانين بانتقاد الحكومة.
ودعت منظمة هيومن رايتس ووتش تركيا إلى أن يشمل القانون الجديد من سُجنوا بسبب التعبير عن آرائهم. وقد يؤدي هذا القانون إلى الإفراج المبكر عن 90 ألف سجين من إجمالي 300 ألف يقبعون في السجون التركية.
وقالت إيما سنكلير ويب، المدير المعني بتركيا في منظمة هيومن رايتس ووتش، “قد يبدو الإرهاب من أخطر الجرائم؛ لكن في تركيا، تسيء الحكومة استخدام الاتهامات من أجل أغراض سياسية. الكثير من السجناء يُحتَجزون لفترات طويلة قيد المحاكمات، أو يُسجنون دون سند أو أدلة على ارتكابهم جرائم عنف أو تقديمهم دعماً لوجيستياً للجماعات المسلّحة المحظورة.
“من المهم أن يستفيد السجناء الذين يقضون مدة عقوبة بسبب أمور لا تتعلق باستخدام العنف. يجب ألّا يكون هناك تمييز على أساس الرأي السياسي”.
ومن بين السجناء السياسيين غولتان كيشاناك، رئيسة بلدية ديار بكر، أكبر مدينة في جنوب شرقي تركيا ذي الأغلبية الكردية. أُلقي القبض على كيشاناك في عام 2016 وحُكم عليها بالسجن 14 عاماً في عام 2019، بتهمة الانضمام إلى عضوية منظمة إرهابية، وهي اتهامات ينفيها مؤيدوها بشدة.
وقالت ابنتها إيفين جيان كيشاناك إن زيارات السجن أُلغيت بعد أن أكدت تركيا أول حالة إصابة بفيروس كورونا في 11 مارس. وأشارت إلى أنها استطاعت أن تتحدث إلى أمها هاتفياً لمدة عشر دقائق الأسبوع الماضي. وقالت والدتها إن السجن غير مجهّز لمواجهة هذه الجائحة.
وقالت إيفين إن أمها أبلغتها بأن “السجن لم يُمدّهم بأي منتجات للنظافة أو مطهرات ومعقمات. جناحهم لم يخضع للتعقيم، والفئران تنتشر في كل مكان”.
أضافت أن من الضروري الإفراج عن والدتها بسبب ظروفها الصحية السيئة، لكنها قالت إن التماساً للإفراج عنها رُفض بالفعل.
واستغرق إعداد مشروع القانون المطروح أمام البرلمان وقتاً طويلاً، لكن جرى التعجيل بإعداده بعد ذلك بسبب الجائحة. وارتفع عدد حالات الإصابة المؤكدة بفيروس كورونا في تركيا إلى أكثر من 20 ألف حالة، وسجلت البلاد إلى الآن حوالي 400 حالة وفاة بسبب الجائحة. لكن حتى هذه اللحظة، لم تُسجَّل أي حالة إصابة بالفيروس داخل السجون.
وشملت مسودة لمشروع القانون إمكانية الإفراج المبكر عن السجناء المدانين بارتكاب جرائم جنسية وغيرها من جرائم العنف. لكن بعد انتقادات واسعة من الرأي العام، لن يتم الإفراج عن مرتكبي الجرائم الجنسية وجرائم القتل وعدد من المجرمين الآخرين. غير أن الحكومة رفضت تغيير موقفها من قضية السجناء السياسيين.
ومن بين أهم السجناء السياسيين في تركيا صلاح الدين دميرطاش، الرئيس المشترك السابق لحزب الشعوب الديمقراطي الموالي للأكراد، والمسجون منذ عام 2016 على خلفية عدة اتهامات تتعلق بالإرهاب والارتباط بحزب العمال الكردستاني، الذي يقاتل منذ عام 1984 من أجل حكم ذاتي كردي في تركيا.
وفي عام 2018، أمرت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان تركيا بالإفراج عن دميرطاش، قائلة إن اعتقاله “هدفه الخفي هو خنق التعددية وتقييد حرية الحوار السياسي”. لكن تركيا قالت إن الحكم ليس مُلزِماً وأبقت السياسي الكردي في السجن، الذي تمكن وهو قابع فيه من أن يحل ثالثاً في الانتخابات الرئاسية التركية عام 2018.
ودعت زوجته، باشاك دميرطاش، إلى تعليق عقوبات السجن وإطلاق سراح المحتجزين على ذمة قضايا.
وقالت في رسالة فيديو نشرتها على تويتر إن “الزنازين مزدحمة للغاية، والتهوية غير كافية، ويكاد ضوء الشمس لا يدخلها. من غير الممكن الحصول على غذاء صحي. ظروف النظافة غير كافية بشكل مأساوي جداً”. وحذرت من كارثة محتملة في السجون.
وقال رمضان دمير، محامي صلاح الدين دميرطاش، إن معظم السجناء السياسيين في تركيا يقبعون حاليا في السجن لأنهم كانوا يعارضون الحكومة، وإن استثناءهم من الأهلية للإفراج المؤقت من تلك السجون المزدحمة خلال جائحة فيروس كورونا المستجد “تعادل تركهم في مواجهة الموت”.