أخبار عاجلة

تركيا و الورقة التركمانية

أثارت التصريحات الأخيرة  التي أدلى بها الرئيس السابق لجنوب كردستان مسعود البرزاني حول حقوق المكونات الموجودة في جنوب كردستان وعلى رأسها المكون التركماني والمكون المسيحي تساؤلات عديدة لدى الرأي العام، هذه التصريحات التي لم تأت من فراغ وفقاً لما تناوله مراقبون لسياسة الحزب الديمقراطي في جنوب كردستان، حيث أن تصريحات زعيمه مسعود البرزاني جاءت في الوقت الذي تشير الأنباء حول موضوع توطين عوائل تركمانية من قبل تركيا في العديد من المناطق بجنوب كردستان وبشكل خاص بالقرب من القواعد العسكرية الـ 37 التي بنتها دولة الاحتلال التركي في جنوب كردستان خلال الأعوام الماضية.

وقد تناولت وكالة روج نيوز للأنباء في الـعاشر من تشرين الأول2020 ونقلاً عن صحفي كردي حديثه عن مخطط وصفه بالخطير جرى التحضير له من قبل دولة الاحتلال التركي وبتسهيل من الحزب الديمقراطي الكردستاني في جنوب كردستان، حيث يتضمن هذا المخطط الانطلاق من منطقة بهدينان في جنوب كردستان وذلك من خلال تشكيل قوات عسكرية قوامها الآلاف من (المرتزقة) تعمل بتوجيهات تركية وتعمل لضرب الهوية الكردية وكذلك أمن وسلامة أقليم كردستان تنفيذا لاستراتيجية تركية بعيدة المدى

ان عمليات تشكيل ونشر هذه القوات جرت في المناطق التي تحاذي أماكن يتواجد فيها مقاتلون من  حزب العمال الكردستاني، فقد تمت التحشدات ونقل للأسلحة إلى تلك المناطق، وبحسب ما تداولته وسائل إعلامية كردية فأن حكومة جنوب كردستان قامت هي الأخرى بنقل الأسلحة التي قدمتها الولايات المتحدة الامريكية إلى قوات البيشمركة لقتال تنظيم داعش الإرهابي إلى مناطق انتشار تلك القوات والتي تدعى مناطق ” كلان وروج ” في محيط جبل كارى في إقليم كردستان، وهذه التحشدات تشير بوضوح الى استعدادات تجري لشن عمل عسكري مرتقب يستهدف مقاتلي حزب العمال الكردستاني في المدى المنظور، والاقليم كاملا في المدى الاستراتيجي.

وبالعودة إلى نواة هذا التشكيل والجهات الداعمة والتي تقف خلف تدريبها، فقد تناول مركز ” ليكولين للدراسات الكردية ” في تقريرله : إن ما تسمى  بـ شركة “سادات” الأمنية هي التي تقوم بعمليات التدريب لهؤلاء المرتزقة وتقديم الدعم لهم عبر شركات مساهمة محدودة المسؤولية، تتخذ من العمل الاغاثي والإنساني ستاراً لها، ومنها منظمة “تيكا” والتي تنتشر فروعها في الكثير من دول العالم ومن بينها جنوب كردستان.

ومن جهة أخرى فإن العمود الفقري لهذه القوات تتألف من عناصر من المكون التركماني حيث تشير المعلومات الأخيرة ان دولة الاحتلال التركي قامت باستقدام عناصر من فصائل تركمانية تأسست على ايدي الاستخبارات التركية، مثل  “السلطان مراد، وفرقة الحمزات  وكتيبة سليمان شاه”  من ليبيا ونقلهم إلى جنوب كردستان وبعد نقل عوائلهم وتوطينهم في محيط القواعد العسكرية التي بنتها في جنوب كردستان.

تحاول تركيا من خلال اقحام المرتزقة التركمان السوريين في الصراعات الدائرة بين حزب الديمقراطي الكردستاني وحزب العمال الكردستاني لخلق أجواء من عدم الاستقرار في إقليم كردستان والقضاء على الهوية الكردية المستقلة فيه،  ومن جانب أخر فانه ومن خلال معرفة سياسة دولة الاحتلال التركي ودعم المكون التركماني الذي بات مكشوفا و واضحا إبان اعلان الاستفتاء في جنوب كردستان قبل ثلاث سنوات.

وهذا الدعم الذي تقدمه الدولة التركية للتركمان وإبراز نفسها  بمثابة الأب الروحي للمكون التركماني في جنوب كردستان كما فعلت من قبل في العديد من أماكن تواجد التركمان ( قبرص بلغاريا، آرتساخ أرمينيا )  فهي تحاول في الوقت الراهن إلى تقوية الورقة التركمانية في إقليم كردستان، والتي لم تكن موجودة خلال العقود الماضية من الحكم العراقي البعثي، لهذا تقوم اليوم بتضخيم اعداد المكون التركماني داخل الإقليم طمعاً في التوسع داخل البرلمان في هولير وكسب المزيد من المقاعد وإفراغه من محتواه الكردي.

من خلال المتابعة  والتعمق في أماكن انتشار القواعد التركية في الإقليم  وبعمق 30 كم ممتده من حدود جنوب كردستان وتركيا وصولاً إلى الحدود مع مناطق الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا، فأنه يتبين جلياً الرغبة التركية في إنشاء حزام أمني يعزل مناطق انتشار مقاتلي حزب العمال الكردستاني عن محيطهم الكردي، وفصل جنوب كردستان عن مناطق الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا وبالتالي القضاء على أي كيان او وجود كردي، وذلك بالاعتماد على نشر مرتزقتها بعد استقدامهم من ليبيا وأذربيجان ونشرهم في منطقة ” الحزام الأمني ” المزمع إنشائه من قبل دولة الاحتلال. وذلك لتحقيق:

أولاً: استهداف مقاتلي حزب العمال الكردستاني وتقييد تحركاتهم داخل إقليم كردستان.

ثانياً: التناغم مع التهديدات التي يطلقها الحزب الديمقراطي الكردستاني حول ” ضرورة ابتعاد مقاتلي حزب العمال الكردستاني عن إقليم كردستان وكل ذلك بالطبع  تماشيا تحت ضغط تركي، الامر الذي قد يدفع الديمقراطي الكردستاني الى شن حرب قذرة على مقاتلي حزب العمال الكردستاني.

ثالثاً: وفي حال فشل المساعي التركية في دفع القوى الكردية لخوض حرب داخلية ــ لاسيما بعد تصاعد الأصوات داخل تشكيلات عسكرية في الجنوب تعلن رفضها للأنخراط في أي عمل عسكري يستهدف المقاتلين الكرد، مما قد يدفع هذا  دولة الاحتلال التركي لدفع مقاتلين من تشكيلات عسكرية أخرى كالمرتزقة التركمان الذين تم نقلهم من ليبيا ادربيجان، وسوريا، وكذلك ممن يسمون بـ ” بيشمركة روج آفا ” المتواجدين في جنوب كردستان الى شن معارك ضد مقاتلي حزب العمال، وبالتالي اشعال العداوة المستترة بين القوى الكردية

ونجاح تركيا في هذه المساعي الاستعمارية سيعطيها دافعاً أكبر للتدخل المباشر من خلال جيشها، والقيام بعمل عسكري سواء في جنوب كردستان او مناطق الإدارة الذاتية كمحاولة للقضاء على التجربتين الكرديتين.

 

NRLS