حلفاء أمريكا في سوريا يتهمون تركيا بمنح داعش “منطقة آمنة”

أشاد حلفاء أمريكا في الشرق الأوسط بإدارة بايدن لشن القوات الخاصة الأمريكية لعملية جريئة في شمال سوريا الأسبوع الماضي، والتي شهدت قتل زعيم داعش.

وبينما يحذر القادة والخبراء من أن داعش تحاول إعادة البناء، وأن قطع رأس الجماعة لن يشلها لفترة طويلة، هناك مزاعم متزايدة بأن حليفاً حيوياً للولايات المتحدة في المنطقة يمنح داعش مساحة للتنفس.

تقول قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، وهي جماعة متمردة تضم مقاتلين كرد بشكل أساسي والتي اعتمدت عليها الولايات المتحدة لسنوات لقيادة الحرب البرية ضد داعش في سوريا، بأن تركيا، وهي عضو في الناتو على تماس مع الحدود الجغرافية للتحالف في الشرق الأوسط، تسمح لداعش بإنشاء “منطقة آمنة” في شمال سوريا.

يطرح مقتل ثاني زعيم لداعش خلال ثلاث سنوات في منزل قريب جداً من الحدود التركية بعض الأسئلة المحرجة للولايات المتحدة وشركائها في الناتو.

وقالت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) إن أبو إبراهيم الهاشمي القريشي فجر نفسه وأفراد عائلته مع تحرك قوات النخبة الأمريكية الأسبوع الماضي. حيث كان مختبأ في منزل في أطمة، وهي بلدة سورية على بعد أقل من ميلين من الحدود التركية. لقد جرت عملية مماثلة بنتيجة مماثلة، خلال غارة أمريكية عام 2019، والتي خلفت مقتل زعيم داعش السابق. فقد قُتل أبو بكر البغدادي في منزل جنوب غربي أطمة على بعد أقل من ثلاثة أميال من الأراضي التركية.

قال مدير المكتب الإعلامي لقوات سوريا الديمقراطية فرهاد شامي، لشبكة CBS News في اليوم التالي لمقتل القريشي أن “العديد من قادة داعش والقاعدة ما زالوا أحياء، وتحميهم تركيا في المناطق المحتلة شمال شرق وشمال غرب سوريا”. فزعيم داعش المقتول “كان محمياً بين ثلاث قواعد عسكرية تركية … هل هناك شك في أن تركيا حولت مناطق في شمال سوريا إلى منطقة آمنة لقادة داعش؟”.

لم ترد وزارة الدفاع التركية على طلب CBS News للتعليق على هذه الاتهامات، لكن مصدراً أمنياً تركياً نفى مزاعم قوات سوريا الديمقراطية ووصفها بأنها “سخيفة تماماً”، قائلاً إن تركيا استُهدفت من قبل داعش مرات عديدة في الماضي وأن القوات التركية تواصل القتال ضد التنظيم.

تم إلقاء اللوم على داعش في العديد من الهجمات الكبيرة داخل تركيا، بما في ذلك هجوم ليلة رأس السنة الجديدة على ملهى ليلي شهير في اسطنبول في عام 2017 والذي أعلن التنظيم نفسه مسؤوليته عنه. خلف هذا الهجوم وحده 39 قتيلاً ويقول مسؤولون أتراك إن داعش قتلت 315 مدنياً في البلاد.

أعطت فوضى الحرب الأهلية المستمرة منذ عقد في سوريا غطاءً للأتراك لشن عمليات عسكرية عبر حدودهم، لملاحقة المقاتلين الكرد على الأراضي السورية. ما جعل العضو في الناتو حليفاً صعباً في بعض الأحيان للولايات المتحدة، نظراً للاعتماد الأمريكي الكبير على قوات سوريا الديمقراطية.

في حين أن الولايات المتحدة لديها الآن بضع مئات فقط من القوات على الأرض في سوريا، ولا تزال تعمل مع قوات سوريا الديمقراطية، تحتفظ تركيا بوجود عسكري كبير في شمال البلاد.

أشار تقرير أعده الباحث المستقل والصحفي ألكسندر ماكيفر، تعقيباً على الغارة الأمريكية الأسبوع الماضي، إن القوات التركية تتمركز في مواقع متعددة على بعد عدة أميال فقط من المنزل الذي قتل فيه القريشي.

وكتب ماكيفر: “كيف تم العثور على اثنين من أكثر الرجال المطلوبين في العالم يعيشون بالكاد خارج تركيا؟”. وقال إن زعيم داعش المقتول مؤخراً اختار منزلاً للاختباء فيه على بعد أقل من ميلين من نقطة تفتيش أمنية داخل تركيا، وعلى بعد ثلاثة أميال “من أقرب قاعدة عسكرية تركية داخل سوريا”.

وختم بالقول: “من الواضح تماماً أن محاربة داعش لا تحظى بالأولويات التركية في سوريا”.

ورفضت وزارة الخارجية الأمريكية والبنتاغون التعليق على اتهامات قوات سوريا الديمقراطية، وأحالتا شبكة CBS News إلى الجماعة المتمردة وتركيا لمناقشة الأمر.

ورحب مسؤولون عراقيون، بمن فيهم رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، بقتل زعيم داعش وقالوا إن البلاد قدمت معلومات استخبارية للولايات المتحدة كشفت عن مكان القريشي. لكن المسؤولين العراقيين يشككون في أن مقتله سيعيق داعش لفترة طويلة.

وشهدت الأشهر الأخيرة تصعيداً ملحوظاً في عمليات التنظيم على جانبي الحدود العراقية السورية، بما في ذلك الهجوم الدموي على سجن تديره قوات سوريا الديمقراطية في مدينة الحسكة شمال سوريا. وتعد هذه الخطوة الأكثر جرأة لداعش منذ سنوات، حيث قتل 121 من مقاتلي قوات سوريا الديمقراطية وموظفي السجن والمدنيين، وتمكن بعض سجناء داعش من الفرار.

وفي تقرير نُشر الأربعاء، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إن التقديرات تشير إلى أن داعش لا يزال لديه ما بين 6000 و10000 مقاتل على جانبي الحدود العراقية السورية.

وجاء في التقرير أن “داعش يواصل العمل كتمرد ريفي متجذر في العراق والجمهورية العربية السورية، مستغلاً الحدود المليئة بالثغرات بين البلدين، بينما يواصل عملياته في المناطق ذات القبضة الأمنية المنخفضة”.

وقال الخبير الأمني العراقي فاضل أبو رغيف لشبكة CBS News: “داعش تنظيم أيديولوجي للغاية، وقتل الزعيم قد يؤثر على داعش لفترة وجيزة، حتى يسموا زعيماً جديداً، لكن لن يكون له تأثير طويل المدى”.

لقد رحبت قوات سوريا الديمقراطية بعملية القضاء على زعيم داعش. وشكر القائد مظلوم عبدي الولايات المتحدة على القضاء على القريشي و”دعمها المستمر”.

وقال الشامي، المسؤول الإعلامي لقوات سوريا الديمقراطية، لشبكة CBS News إن قواتهم لعبت دوراً مهماً في العملية، وأن القوات الأمريكية الخاصة شنت غارة انطلاقاً من قاعدة في أراضي قوات سوريا الديمقراطية.

وقال إن مقتل زعيم داعش كان بلا شك أمراً جيداً، لكنه حذر من أنه إذا استمرت الجماعة الإرهابية في الاستفادة من “منطقة آمنة” في سوريا، فسيكون من الصعب جداً ضمان الاستقرار في المنطقة.