دافعنا وندافع من أجل تحقيق حقوقنا القومية المشروعة

 

نحن الكرد ومثل كافة الأمم والشعوب الأخرى نفتخر بأصولنا القومية، ودافعنا وندافع من أجل تحقيق حقوقنا القومية المشروعة، وهناك من يدافع حتى الآن ويقدم الآلاف من الشهداء من أجل إحقاق الحقوق، لا بالشعارات الرنانة والبراقة، ولا باستغلال عواطف الناس، بل عبر نظرية واقعية، تحلل الوضع بمنطقية وعقلانية، وعبر تقديم التضحيات وبالعمل الجاد اعتمادا على النفس، وما تم تحقيقه حتى الآن لم يكن سوى ثمرة لتلك التضحيات.

تلك التضحيات والدماء التي سكبت منذ عشرات السنين، في كل بقعة من هذا الأرض، لم تكن سوى من أجل تلك القضية. والذين سلكوا دروب الجبال واجتازوا الوديان وقطعوا الأنهار، وحملوا أرواحهم على أكتافهم، كان فقط همهم تحقيق أماني وطموحات شعب يتعرض للظلم والقهر، وهناك في كل وادي وفوق كل قمة وعلى ضفاف كل نهر، ذكرى لشهيد وشهيدة تحكي ملحمة من ضحوا في سبيل الحرية والتحرير.
لكن أن يتم اتهام من ناضل واستشهد بأنه باع القضية وليس لديه مشروع وطني، فهذه ليست تهمة باطلة فقط، بل هي إجحاف بحق الملايين من البشر وإجحاف بحق دماء الآلاف من الشهداء الذين ارتقوا إلى مرتبة الشهادة، وهذه التهمة التي يطلقها من يدعون بأنهم أصحاب النهج القومي، يدركون قبل غيرهم أنهم يكذبون، وهم مقتنعون أن من يضحي لا يمكن أن يتنكر لقضيته، ولكن أصحاب الشعارات والبيانات فقط هذه هي طريقتهم لتشهير بما هو وطني فعلاً.

أصحاب الشعارات والبيانات اختاروا العداوة ضد حركة الحرية في كردستان الشمالية منذ بداية الثمانينات من القرن الماضي بحجة أن الحركة تطالب باستقلال كردستان، واستمروا في عداوتهم بعد ذلك وإلى الآن رغم أن حركة الحرية حققت تطورا نوعيا في نهجها وسياستها وأسلوب عملها وحتى أهدافها، وهذه المرة كانت الحجة والذريعة هو أن الحركة لا تمثل النهج القومي.

ومع إيماننا بأن أي شعب أو أي مجتمع قد يكون هناك أكثر من نهج أو أكثر من رؤية واحدة داخله، وقد يكون هناك العشرات من الأحزاب والحركة التي تمثل كل وحدة منها نهجا وفلسفة معينة، لكن ان يكون مدعي النهج القومي هم أكثر الناس عدوة لتطلعات القومية، فهذا من لا يمكن اعتباره شيئا طبيعيا، فمن المفروض أن يكون مدعي النهج القومي هم أكثر الناس تمسكا باللغة الكردية مثلا، ولكن مع الأسف كانوا هم أكثر الناس ضد التعليم بلغة الأم وبحجج وذرائع واهية، وكان من المفروض أن يكونوا هم في طليعة من يدافع عن هذا الأرض ولكن الواقع أنهم كانوا أكثر الناس يشجعون الجماهير لترك هذا الأرض، وكان من المفروض أن يكون مواقفهم واضحة وصريحة وحتى قاسية ضد أعداء هذا الشعب، لكن الحقيقة كانوا هم أكثر الناس مساومة وبدون موقف لا بل كانوا مستعدين لقبول كل شيء من الأعداء من جهة، وعدم قبول أي تنازل ولو بسيط لأخيه الكردي من جهة أخرى.

إذا هذه الفئة من مدعي النهج القومي، لا يمثلون ذلك النهج رغم وجود الملاحظات على هذا النهج نفسه، فهؤلاء استخدموا اسم النهج لتحقيق غايات سياسية لا تخدم الكرد عبر علاقاتهم المشبوهة، وتحركاتهم مع كل من يعادي تطلعات وأهداف هذا الشعب، والأمثلة عديدة، لكن مثال واحد فقط يوضح بلى شك حقيقة هؤلاء، وهو وجودهم ضمن ائتلاف عنصري معادي للكرد، فأي حزب أو منظمة كردية موجودة ضمن ذلك الائتلاف العنصري التركي ألإخواني، ويدعي أنه يمثل نهج قومي هو يكذب على الجماهير، لأنه لا يحصل من الائتلاف على أي شيء في صالح الكرد، اللهم سوى بعض المكاسب المادية التي يستفيد منه بعض الشخصيات التي باتت معروفة.

بالمقابل النهج الديمقراطي الذي اعتمدته الإدارة الذاتية والعديد من الأحزاب الوطنية، هو نهج يخدم القضية الكردية، ولكنه أيضا يحقق تطلعات كل المكونات الأخرى، وهو كذلك نهج مقبول عالمياً بعكس الأفكار القوموية والعنصرية التي تفضل القوقعة على الانفتاح. باختصار النهج الديمقراطي هو النهج الذي سيحقق كل التطلعات بعكس مدعي النهج القومي الذين يضرون بالقضية ويخلقون العداوات مع كل المكونات بأفكارهم القوموية.