في وقت تشتد فيه أزمة كورونا، يشهد العالم تضافراً للجهود من أجل التعامل مع الموقف الذي فرضه الفيروس المستشري في غالبية المناطق.
وبينما تقوم الحكومات والمنظمات الدولية بحملات تعبئة لإنقاذ الأرواح وإسعاف المحتاجين، انضم متطوعون كثيرون إلى هذه الحملات، كما أطلق بعضهم مبادرات فردية.
وفيما لا تبدو هذه الجهود كافية، قررت جماعات المافيا المطلوبة والمطاردة من قبل حكومات مختلفة أن تطلق حملة مساعدات لخدمة المتضررين.
إيطاليا
وبينما تكافح إيطاليا لإصلاح ما تبقى من اقتصادها الذي تأثر بسبب الوباء، تكتسب المافيا الدعم المحلي من خلال توزيع الطعام المجاني على العائلات الفقيرة في الحجر الصحي الذين نفذوا من المال. وتقدم عصابات المافيا السلع الأساسية للإيطاليين الذين تضرروا بشدة من حالة الطوارئ في المناطق الجنوبية الأشد فقراً، منها كامبانيا وكالابريا وصقلية وبوليا، مع تصاعد التوتر في جميع أنحاء البلاد.
ولكن من جانب آخر، يُنظر إلى تصرفات المافيا على أنها إجراءات لاستغلال الوضع الراهن لتلميع صورتها. وذكرت السلطات الإيطالية أن مسألة توزيع الطرود الغذائية هي تكتيك قديم لدى المافيا.
وصرح نيكولا غراتيري أن “رؤساء المافيا يعتبرون مدنهم إقطاعيات خاصة بهم. ويعرفون جيداً أنه من أجل كسب الناس، يحتاجون إلى رعايتهم في مناطقهم، ولذلك يستغلون هذا الوضع لصالحهم “.
وأضاف غراتيري، الذي يعمل في مكتب المدعي العام في منطقة كالابريا، جنوب البلاد: “في نظر الشعب، الذي يطرق الباب لتقديم الطعام المجاني هو بطل. ويعلم رئيس المافيا أنه يستطيع بعد ذلك الاعتماد على دعم هذه العائلات عند الضرورة، عندما تدعم المافيا، على سبيل المثال، سياسياً للانتخابات كي يعزّز مصالحها الإجرامية”.
وتابع غراتيري: “منذ أكثر من شهر، أُغلقت المقاهي والمحال التجارية والمطاعم. لم يكسب ملايين الأشخاص دخلهم لأكثر من شهر ولا يعرفون متى يمكنهم بدء العمل مرة أخرى. إذا لم تتحرك الحكومة الآن، ستتولى المافيا زمام الأمور”.
البرازيل
وفرض تجار المخدرات في عددٍ كبيرٍ من الأحياء الفقيرة في ريو دي جانيرو حظراً للتجول بعد انتشار فيروس كورونا، وسط تزايد المخاوف من تأثير الوباء في بعض المواطنين الفقراء في البرازيل.
وفي الأيام الأخيرة، مع ارتفاع حصيلة الوفيات إلى 1.141، في البلاد، كان أفراد العصابات في غرب ريو دي جانيرو يأمرون السكان بالبقاء في منازلهم بعد الساعة 8 مساءً.
ومع نقص تمويل حكومة المنطقة بشكل مروع وانتقاد الرئيس البرازيلي جايير بولسونارو على نطاق واسع لرد فعله البطيء على تفشّي المرض حين وصفه بـ”مجرد إنفلونزا بسيطة”، تتّخذ العصابات الإجرامية التي طالما سيطرت على الأحياء الفقيرة في ريو احتياطاتها الخاصة للوقاية من الفيروس.
ووفقاً لسكان وتقارير صحافية، كان رجال عصابات المدينة يقودون سيارات حول الحي الفقير، ويطلقون رسالة مسجلة عبر مكبرات الصوت: “إنّنا نفرض حظر التجول لأن لا أحد يأخذ هذا الأمر على محمل الجد. كل من يتنقّل في الشارع أو يذهب في نزهة سيراً على الأقدام سيُعاقب وسيضرب به المثل. ومن الأفضل أن تبقى في المنزل ولا تفعل شيئاً. لقد أوصلنا الرسالة”.
المكسيك
في المكسيك، وزّعت العصابات المواد الغذائية على سكان مدينتين وسط الأزمة، بحسب ما ذكرت وسائل إعلام محلية.
وأشارت مصادر رسمية إلى أنه يجري التحقيق في شحنات الأغذية التي يُزعم بأن الـ”غلف كارتل” نفذتها في ولاية تاماوليباس الشمالية الشرقية ولوس فياغراس في ولاية ميتشواكان الغربية.
وفي تاماوليباس، وهي ولاية على الحدود مع الولايات المتحدة، صادرت السلطات صناديق تحتوي على مواد أساسية مثل التونة المعلبة والزيت والسكر في أحياء مهمشة.
ومن المعروف في المكسيك أن العصابات توزع الطعام أو الالعاب في تواريخ معينة، مثل يوم الطفل أو عندما تكون هناك أزمات، فيما يُنظر إليه على أنه وسيلة لإظهار وجودهم وكسب دعم المجتمع.
ونشرت وسائل الإعلام المحلية صوراً تظهر ملصقات على الصناديق التي كُتب عليها “كارتل ديل غولفو: دعماً لسيوداد فيكتوريا”.
فساد أم طيبة؟
أظهرت دراسة حديثة أن جماعات المافيا تتطلع بشكل متزايد إلى اقتصادات ذات معدلات نمو عالية، مثل أوروبا الشرقية. كما يمكن أن تصبح بعض دول الاتحاد الأوروبي أقل اهتماماً بغسل الأموال.
ولقد تسلّلت المافيا بالفعل إلى الاقتصاد الألماني ولديها موطئ قدم قوي في إسبانيا، بخاصة في الفندقة والسياحة. وكانت هناك أيضاً عمليات تسلّل في فرنسا وبلجيكا. وقُتل الصحافي يان كوتشياك أثناء التحقيق في هذه المسألة في سلوفاكيا عام 2018.
وفي هذا السياق، قال رئيس مكافحة المافيا في إيطاليا غوفرنال: “سيعملون في أي مكان توجد فيه قدرة على الوصول إلى المسؤولين الفاسدين، الذين سيقعون في الفخ، إما لأنّهم من ذوي الخبرة أو على استعداد للفساد”.
العنود النحيط