كيف نتجاوز محنة الكورونا، وماذا يعني التجاوز؟!

عقدٌ من الزمن؛ عانت فيه منطقتنا وكذلك عموم سوريا من الصعوبات التي لا تزال مستمرة، حيث كل هذه المآسي جاءت بحكم دفاع شعبنا وعموم الشعب السوري عن الديمقراطية والحرية ومن أجل العيش بكرامة وتحقيق التطلعات المشروعة وبناء الإرادة الديمقراطية. ما فعله النظام السوري ولا يزال يمضي فيه يدركه الجميع فيما يتعلق بالنهج والذهنية التي يحاول بها علاج كل هذه المعضلات المتجذرة في سوريا، حيث هو السبب الرئيس فيها؛ وكذلك نهج من يسمون أنفسهم بالمعارضة لا يختلف عن السلوك والتوجه المذكور للنظام خاصة في ظل إنهم باتوا بمسار الدفاع عن أجندات خارجية والبعد الكبير عن الأهداف التي خرج الشعب السوري من أجلها. وباتوا في عداء علني لنضال شعبنا وعموم الشعب السوري. داعش أيضاً كانت في فترة من الفترات عاملاً من هذه العوامل التي ناهضت كل التوجهات والمساعي النضالية من أجل الديمقراطية في سوريا خاصة بما ارتكبته من جرائم وممارسات بحق مناطقنا وشعبنا.
في ظل انتشار وباء كورونا وتحوله لجائحة على مستوى العالم وبات يهدد مناطقنا وعموم سوريا في الوقت ذاته الذي لا تزال فيها الصعوبات والممارسات المذكورة موجودة؛ لا بد من الإشارة إلى أن الإدارة الذاتية بكل ما فيها وبهويتها ليست بدولة لها ما لها بما تعني الدولة من مفهوم. لكن؛ الإدارة مشروع لا يزال قيد التنظيم والتأسيس، ولا يزال يبحث وسط كل هذه الصعوبات والمعوقات عن تأسيس إرادة الشعب بشكل ديمقراطي وشق هذا الطريق الصعب وسط تكاتف الكثير من القوى والأطراف على هزيمة الإدارة وإفشال تجربتها.
في ظل عدم انتشار كورونا في مناطقنا أو انحصاره بأعداد معينة في عموم سوريا؛ وفي ظل تأثر الكثير من الدول بهذه الجائحة؛ فإن عدم وصوله لمناطقنا لا يعني بأنه ليس بعامل مؤثر سلباً على عموم مرافق الحياة بما فيها شكل التمويل الذاتي وما يرافقه من عمليات إنتاجية وتجارية، وهذا يزيد من الصعوبات على شعبنا وعلى الإدارة الذاتية. يجب أن نعي هذه المفارقات الكبيرة. وقوف شعبنا إلى جانب الإدارة وتعاونه معها يستحق كل التقدير، حيث تجاوز هذه المحنة والانتصار عليها سيعتبر انتصاراً تاريخياً يضاهي في الأهمية الانتصار على كافة الصعوبات التي تم التطرق لها آنفاً ضد شعبنا في مسيرته النضالية؛ انتصار يضاهي ويتجاوز ما تم إنجازه ضد داعش وضد كافة المخططات العدائية بحق شعبنا. لكن؛ يجب ألا نتناول هذه المواقف وهذا التعاون على أنه يجب أن يكون في المجال الصحي فحسب؛ لا بل علينا أن نعيد النظر في كافة نشاطاتنا اليومية وحياتنا المعتادة لتلائم حالة الطوارئ التي نحن فيها وكذلك ندعم من خلال هذه الإعادة تكاتفنا المجتمعي وتعاوننا معاً والشعور بالآخرين خاصة مع ذوي الدخل المحدود أو الذين يعيشون بما يكسبونه يومياً. بحيث كلنا جميعاً نكون مسؤولين ونتحمل مع هذه الإدارة.
التحمل والصبر والتعاون سيؤدي إلى انتصارات تاريخية وسنكون بهذه الإرادة وهذه المواقف مثالاً للعالم أجمع عن مدى نجاح مشروعنا الديمقراطي، حيث كما أكدنا كشعوب متعددة وحدتنا وقوتنا أثناء النضال ضد داعش وكذلك نوعية إدارتنا الذاتية؛ سنؤكد بقوة مرة أخرى خاصة في ظل التبعات المؤثرة التي باتت تفرضها كورونا على عموم الأنظمة والدول في العالم والتي حتماً ستغير الكثير من الأمور في البنية والنظام.
بهذا التكاتف وكما عملنا على تحقيق النجاح بنضالنا وتنظيمنا في المراحل التي تطلبت النضال سنحقق النجاح في الجوانب الصحية كذلك ونؤكد بأننا ومن خلال آليات تنظيمنا الذاتي ووحدتنا نتجاوز كل المحن. وحكماً هذه الإرادة التي ستهزم هذا الوباء الذي عجزت عنه حكومات ودول ستحقق الانتصارات وتحرر عفرين وسري كانيه /رأس العين/، وكري سبي /تل أبيض/ وتصنع ملامح سوريا الجديدة الديمقراطية.
في هذا التوقيت والاختبار التاريخي الذي نمّر فيه؛ يجب وبشكل خاص على عموم الأحزاب، المثقفين، الفنانين وعموم القوى الوطنية العمل بذات المسؤوليات المطلوبة والسمو عن إثارة الصراعات والخلافات؛ كوننا نعيش مرحلة تتطلب أن نحمي ذواتنا ونؤدي مسؤولياتنا على أكمل وجه ونمنع تشتيت القوة المطلوبة لحماية شعبنا من هذا الوباء والحفاظ على ما تم تحقيقه من مكاسب تاريخية، حيث هناك الكثيرون ممن يتربصون بنا لإعادة هيمنتهم وسلطتهم علينا.

آلدار خليل