“تركيا تستهدف شعبية حزب العمال الكردستاني” تحت هذا العنوان نشرت مجلة (ناشيوال انترست) الأميركية مقالاً موسعاً تناولت فيه المساعي التركية لخلق حرب أهلية بين الكرد، وذلك بعد فشلها العسكري في محاربة حزب العمال الكردستاني.
وبحسب المجلة تتبنى أنقرة استراتيجية من ثلاث مراحل لبناء رواية يمكن أن تسهل الأهداف التركية من خلال وسائل غير عسكرية.
وأشارت المجلة إلى إن هذه الاستراتيجية التركية الجديدة مصممة لاحتواء حزب العمال الكردستاني من خلال مهاجمة شعبيته، لكونها مصدر القوة الرئيسي للحزب. وأضافت: “يمتلك حزب العمال الكردستاني نفوذاً كبيراً في جميع المناطق التي يقطنها الكرد، وبالتالي تطور ليصبح لاعباً إقليمياً”.
ونوه مقال المجلة الأميركية إلى أن التاريخ الكردي محفوف بمخاطر حرب الأخوة، وتابع “تعتقد أنقرة أن ترويج الحرب الأهلية سيخدم أهدافها. ذلك أن قوة حزب العمال الكردستاني تكمن في شعبيته، لذا استهداف هذه النقطة سيكون استراتيجية أرخص وأكثر فعالية”.
وقالت المجلة أنه بالنظر إلى التاريخ العسكري لتركيا مع حزب العمال الكردستاني، فإن: “أنقرة مقتنعة بأن الوسائل العسكرية لا يمكن أن تقضي على الحزب. وهكذا، بدأت تركيا في صياغة سردية لإضعاف دعم المجموعة بين الكرد والعالم الأوسع. المرحلة الأولى من الاستراتيجية التركية هي عملية عسكرية تفضي إلى خلق رواية جديدة”.
وفي هذا السياق ذكّرت المجلة بحادثة الهجوم الذي أسفر عن فقدان خمسة عناصر من البيشمركة لحياتهم، والذين قتلوا في سيارة عسكرية قرب أربيل. “دفع الحادث الحزب الديمقراطي الكردستاني وحزب العمال الكردستاني إلى شفا حرب أهلية”.
واستدركت المجلة أنه سرعان ما تم التشكيك في تورط حزب العمال الكردستاني. “أكد خبراء عسكريون من وزارة البيشمركة أن عربة البيشمركة لم تُصاب بقاذف صواريخ وإنما بضربة جوية – لا سيما أن حزب العمال الكردستاني لا يمتلك الطائرات، كما كانت إطارات السيارة سليمة أثناء تفجير سقفها، حيث نفى حزب العمال الكردستاني تورطه بالحادثة وطالب بفتح تحقيق”.
وترى المجلة أن معظم المراقبين لا يحللون التعقيدات الجيوسياسية في المنطقة ويستهلكون معلوماتهم اليومية من وسائل التواصل الاجتماعي، “أدى ذلك إلى المرحلة الثانية من استراتيجية تركيا، وهي صياغة خطاب إعلامي مناهض لحزب العمال الكردستاني”.
وتابعت المجلة أنه مع ترويج القصص المناهضة لحزب العمال الكردستاني بهدف خلق انطباع بأن وجود الحزب هو السبب في الضربات الجوية سوف يلطخ سمعة الحزب في أعين الكرد.
وأردفت: “من خلال خلق انطباع بأن حزب العمال الكردستاني مشارك في احتمال نشوب حرب أهلية، سيتم إقناع الكرد لتصديق الرواية التركية في أن حزب العمال الكردستاني يجلب الاضطرابات إلى المنطقة ومن ثم فرض قيود على نشاط حزب العمال الكردستاني، وهي المرحلة الثالثة من الاستراتيجية”.
فبعد حادثة البشمركة، حشد الحزب الديمقراطي الكردستاني البيشمركة بالقرب من قواعد حزب العمال الكردستاني. حيث لم يكن لدى مقاتلي الكريلا خيار سوى استيعابهم وعدم الانجرار للاستفزازات، حيث أن المزيد من الاشتباكات مع إخوانهم الكرد هي وصفة لحرب أهلية وتساعد على تعزيز الرواية التركية.
كما أشارت المجلة إلى موقف حزب الاتحاد الوطني الكردستاني الذي لديه ايضا مقاتلين من البيشمركة والذي التزم الحياد، تاركاً الحزب الديمقراطي الكردستاني وشأنه.
عن ذلك أضافت المجلة: “إذا اندلعت حرب، يمكن دعوة القوات التركية إلى كردستان العراق، سيعزز ذلك من شعبية حزب العمال الكردستاني في إقليم كردستان العراق، وهي رواية تريد تركيا منعها”.
وتابعت المجلة: “أججت تركيا في التسعينيات حرباً أهلية في إقليم كردستان العراق من خلال دعم الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني لمحاربة حزب العمال الكردستاني. وعلى الرغم من أنه في الثمانينيات كان الحزبان يمتلكان مقاتلين مخضرمين كانوا قد عملوا في قنديل، إلا أنهم فشلوا في طرد حزب العمال الكردستاني من المنطقة”.
وأضافت: “الآن قوات البيشمركة داخل كردستان العراق غير مدربة وتفتقر إلى مهارات القتال، كما أن المعنويات بين البيشمركة في أدنى مستوياتها على الإطلاق، ومع وصول رواتبهم لشهور متأخرة فإن مقاتلي البيشمركة ككل كردي سينددون بقتال الإخوة بين الكرد”.
وخلص مقال المجلة الى أن حزب العمال الكردستاني لم يعد جماعة محاصرة في جبال المنفى في كردستان العراق. “في العقود الماضية، طور الحزب استراتيجية الأخطبوط للانتشار إلى الشرق الأوسط. على سبيل المثال، تنتشر الآن الجماعات والمنظمات المسلحة المرتبطة بحزب العمال الكردستاني خريطة الشرق الأوسط، وتمتد إلى أوروبا وخارجها”.
ورأت المجلة: “إن السياسة الخارجية للرئيس التركي أردوغان المتمثلة في إعادة تشكيل الشرق الأوسط يتم إحباطها من الجنوب بسبب وجود حزب العمال الكردستاني. ويتطلب كسر هذه العقبة عمليات عسكرية عبر الحدود تحتاج إلى موافقة القوى الإقليمية والدولية”.
وأنهت المجلة مقالها بنتيجة مفادها: “فشلت تركيا في احتواء حزب العمال الكردستاني، على الرغم من امتلاكها ثاني أقوى جيش في الناتو. لهذا بدأت تلجأ الى وسائل غير عسكرية لشن حرب ضد حزب العمال الكردستاني”.