يستعد بشار الأسد لحكم سوريا سبع سنوات أخرى، بحسب “الدستور” السوري الذي تغير عدة مرات على مدار فترة حكم عائلة الأسد التي تحكم سوريا منذ سنة 1970. الانتخابات التي شهدتها سوريا الأربعاء 26 أيار/ مايو، ومن المنتظر أن يفوز بها الأسد، وصفت بـ”الصورية” و”غير الشرعيّة” حسب الولايات المتحدة الأمريكيّة وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا في بيانها المشترك حول الانتخابات الرئاسيّة السوريّة.
يحكم بشار الأسد سوريا، منذ عام 2000 خلفًا لأبيه، حافظ الأسد، الذي حكم سوريا في الثلاثين سنة التي سبقت وراثة ابنه لمنصب رئاسة “الجمهوريّة”.
مرت سنوات حكم الأسد الابن بمحطات عديدة رصدها رصيف22 في هذا التقرير، أبرزها الثورة السوريّة التي انطلقت في أواسط آذار/ مارس من العام 2011، وكانت نتيجتها خروج مناطق واسعة عن سيطرة النظام السوري، ولاحقًا التدخل الإيراني والروسي العسكري المباشر دعمًا لنظام الأسد، والتدخلات الدوليّة المُعقدة والمختلفة.
يصعب الحصول على إحصاءات دقيقة لغياب أية أرقام رسميّة صادرة عن الحكومة السوريّة ولوجود حكومات أمر واقع في مناطق تحت سيطرة قوى متعددة، وكذلك بسبب صعوبة الوصول إلى كثير من المناطق السوريّة.
في ما يلي بعض الأرقام من سوريا مع التنويه بصعوبة الحصول على إحصاء دقيق لغياب أية أرقام رسميّة صادرة عن الحكومة السوريّة ولوجود حكومات أمر واقع في مناطق تحت سيطرة قوى متعددة، وكذلك بسبب صعوبة الوصول إلى كثير من المناطق السوريّة.
هذه الأرقام تبتعد عن ذكر التكلفة البشريّة للحرب من قتلى وجرحى وذوي احتياجات خاصة ومعتقلين ومغيّبين قسريًا، بسبب اختلاف المصادر في ذكر الأرقام، ولعدم قدرتنا على التأكد من صحتها.
الضربات الكيماويّة
حسب دراسة لمعهد برلين الدولي للسياسات العامة، نُشرت في العام 2019، فإنّ سوريا شهدت 366 هجومًا بمواد كيماويّة، بداية من العام 2011، و98% من هذه الهجمات الموثقة يتحملها الرئيس السوري بشار الأسد. كما قُدمت شكاوى جنائيّة في بلدان عديدة، كالسويد وفرنسا وألمانيا، ضدّ نظام الأسد لاستخدامه الأسلحة الكيماويّة في حربه ضدّ شعبه.
في المقابل تحولت سوريا إلى مختبر ومعرض للأسلحة الروسية، حيث استُخدمت أنواع أسلحة عديدة، جديدة وقديمة، في سوريا بغرض التجريب. نتيجة لذلك، ارتفعت مبيعات روسيا من السلاح بعد نجاح أسلحتها في حسم انتصارات لصالح نظام الأسد.
التدخل الروسي
تدخلت روسيا لصالح النظام منذ بداية أزمته، واستخدمت حق الفيتو في مجلس الأمن، إلى جانب الصين، مرات عديدة لمنع عقوبات دوليّة ضد النظام، وتدخلت عسكريًا وبشكل مباشر عبر جنودها وقواعدها العسكريّة منذ عام 2015.
رجّحت تقديرات وسائل الإعلام الروسيّة أنّ ثمن التدخل العسكري في سوريا يكلف الخزينة الروسيّة 156 مليون روبل في اليوم الواحد، أي نحو 1.7 مليون يورو، إلّا أنه في المقابل تحولت سوريا إلى مختبر ومعرض للأسلحة الروسيّة، حيث استُخدمت أنواع أسلحة عديدة، جديدة وقديمة، في سوريا بغرض التجريب.
نتيجة لذلك، ارتفعت مبيعات الصادرات الروسيّة من السلاح بعد نجاح أسلحتها في حسم انتصارات لصالح نظام الأسد والحفاظ على منطقة من الشمال السوري تحت سيطرته، ففي العام 2015 قُدرت صادرات السلاح بنحو 14.5 مليار دولار أمريكي مقارنة بـ 10.3 مليار دولار في السنتين السابقتين.
التعليم في سوريا… ما لم يقضِ عليه القصف تخرّبه المناهج
تقرير يرصد… مستشفيات سوريا تحت القصف وأكثر من نصف الهجمات نفذها الأسد وحلفاؤه
الكارثة البيئية في سوريا… الأثر الباقي بعد زوال الحرب
كذلك قال معهد ستوكهولم لبحوث السلام في العام 2018 إنّ شركات صناعة الأسلحة الروسيّة انتقلت إلى المرتبة الثانيّة بعد الولايات المتحدة الأمريكيّة في قائمة أكبر مصنعي السلاح العالميين، إذ بلغت إجمالي مبيعات الشركات الروسيّة من السلاح حوالي 9.5% من إجمالي مبيعات أكبر مئة شركة عالميّة.
استهداف المنشآت الطبيّة
وثّق الأرشيف السوري 410 هجمات منفصلة ضدّ 270 مؤسسة طبيّة في سوريا، منذ العام 2011 حتى العام 2020. ورجّح أنّ أكثر من نصف الحالات قد ارتكبتها القوات السوريّة أو الروسيّة. واعتبر الأرشيف أنّ هذه الهجمات ليست كلّ الهجمات التي تعرضت لها المنشآت الطبيّة، لكنها الهجمات التي استطاع فريق المنظمة أنّ يوثّقها ويحفظها.
في سياق متصل، يذكر أنّ في سوريا الآن فقط 70 طبيبًا مختصًا بـالطب النفسي، وثلاثة مستشفيات نفسية، اثنان منها في دمشق وواحد في حلب، أما باقي المستشفيات والمراكز الطبيّة المُختصة فهي خارج الخدمة.
التعليم
وثّقت منظمة اليونيسيف، التابعة للأمم المُتحدة، ما يقارب 700 هجومًا على المرافق التعليميّة، 52 هجومًا منها فقط في العام 2020.
كما قالت اليونيسيف إنّ 40% من البنية التحتيّة للمدارس قد تعرّضت للضرر أو الدمار، وإنّ أكثر من ثلث الأطفال خارج المدارس، وإنّ حوالي 1.3 مليون طفل يواجهون خطر التسرب من المدرسة، وإنّ واحداً من كل ثمانيّة أطفال بحاجة إلى دعم نفسي أو اجتماعي.
الكارثة البيئيّة
تشير التقارير إلى أنّ الأخطار البيئيّة قد تكون أكبر من أخطار الحرب في البلاد، إذ احتلت سوريا في العام 2019، المركز الثامن عشر عالميًا في قائمة الدول الأكثر تلوّثًا، كما أنّ أكثر من 85% من الأراضي الزراعيّة في البلاد عرضة لتآكل التربة، وقد انخفض استخدام الأراضي الصالحة للزراعة بنسبة 21% بين عامي 2010 و2014 -ومن المرجّح أن يكون الرقم أكبر بكثير الآن- وقد انخفضت الأراضي المزروعة بنسبة 30% في المتوسط، والأراضي المرويّة بنسبة 50%، كما انخفض إنتاج القمح إلى النصف.
إلى ذلك، فإنّ مياه نهر الفرات، النهر الأكبر في سوريا والذي يستخدم بشكل رئيسي في ري المزروعات في مناطق واسعة من شمال البلاد وشرقها، كما يستخدم في توليد الطاقة، قد شحّت مياهه حتى كاد يجف، وذلك بسبب تحكّم تركيا، التي تحتل مناطق من شمال سوريا مثل جرابلس وعفرين، بكمية المياه المتدفقة في النهر الذي ينبع من تركيا ويمر في سوريا وصولاً إلى مصبه في العراق.
فمن نتائج ضعف الدولة السورية وتوجيه إمكاناتها للحفاظ على مقعد الأسد، تتجاهل تركيا الاتفاق المبرم مع سوريا والعراق والذي يقضي بضخ المياه بمعدل 500 متر مكعب في الثانية، لكن منسوب الضخ تراجع إلى حوالي 200 متر مكعب في الثانية.
يُذكر أنّ 70% من محطات الكهرباء وخطوط إمداد الوقود توقفت عن الخدمة بسبب الحرب، حسب بيانات وزارة الطاقة في العام 2019.
اللجوء والتهجير والحاجة
حسب دراسة لإحدى منظمات المجتمع المدني السوري، فإنّ ثلثي السوريين الذين يعيشون في العاصمة دمشق يحلمون بالهجرة. وذلك بعد أن هُجّر أكثر من نصف الشعب السوري، حسب مفوضيّة الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مقسمين إلى 5.6 مليون لاجئ إلى خارج البلاد، و6.7 مليون نازح داخلها، من أصل 22 مليون سوري داخل البلاد في بداية العام 2011.
وقدّرت الأمم المتحدة أعداد السوريين المحتاجين للمساعدات الإنسانيّة داخل سوريا، وذلك بحلول شهر كانون الثاني/ يناير من العام الجاري بحوالي 13.4 مليوناً، من بينهم ستة ملايين في أمس الحاجة إليها. وحسبما نقلت بي بي سي عربيّة في تقرير أعدته، فإنّ أكثر من 12 مليوناً يجاهدون من أجل العثور على الطعام يوميًا، وأضاف التقرير أنّ نصف مليون طفل يعاني سوء تغذية مزمناً.