الأزمة الليبية واجهاض الحلول

بعد أقل من ثلاثة أيام على عقد مؤتمر “برلين” الذي ناقش الحل السياسي للأزمة الليبية، ووصفته المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل بأنه مثل “خطوة صغيرة إلى الأمام نحو السلام في ليبيا” تجددت الاشتباكات بين قوات حكومة الوفاق الليبية برئاسة فايز السراج، والجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، في عددٍ من محاور العاصمة طرابلس.

وفي غضون التصعيد، أعلن المتحدث باسم الجيش الوطني الليبي، أحمد المسماري، فرض الحظر الجوي فوق طرابلس بالكامل، وعلى وجه الخصوص مطار معيتيقة: “الذي تحوّل إلى مصدر لنقل الإرهابيين والأسلحة والمعدات، ونقطة ارتكاز للقوات التركية الغازية، إذ أصبح بالكامل تركياً”.

يأتي تصريح المسماري، بعد وقتٍ قصير من تعهد الدول الرئيسية المشاركة في مؤتمر ليبيا وأبرزها تركيا (نظراً لتدخلها السافر في ليبيا) بالتزام حظر إرسال الأسلحة إلى ليبيا ووقف التدخل في شؤونها الداخلية.

بحسب مراقبون، فإن عودة التصعيد العسكري من طرف قوات فايز السراج (المدعوم تركياً وقطرياً) والجيش الوطني الليبي الذي يمثل تطلعات الشعب الليبي بالتحرر من الهيمنة الخارجية، يحمل جواباً صريحا ومغايرا على حقيقة ما قدمه “مؤتمر برلين” من مخرجات لحل الأزمة الليبية.

ويذكر بعض المختصين في الشأن الليبي بوصف نتائج مؤتمر “برلين” بأنها “إعادة تدوير لبيانات سابقة عن مؤتمر مصر، وباريس وباليرمو، أبو ظبي 1 وأبوظبي 2، التي بحثت الأزمة الليبية في السابق”، و أن: ” مؤتمر برلين جاء بمخرجات تشمل كل ما نتج عن هذه الاجتماعات، دون أن تفضي هذه المخرجات إلى تقديم أي جديد أو أي خطوة ملموسة على الأرض، وأن المعطيات الميدانية تشير إلى أن الطرفين في ليبيا، يدفعون التصعيد العسكري إلى الامام ويرفضان الحل السياسي والبعيد حاليا”.

مضيفين: “إن بعثة الأمم المتحدة الدولية في ليبيا، لم تولي الاهتمام اللازم بتشكيل لجنة من الشعب الليبي ومن أبناء القبائل اللذين لهم دور محوري وجدي للوقوف فعليا على المعطل الرئيس لحل الأزمة في ليبيا”، وهو أمر غامض للغاية تثير تساؤلات مهمة لخارطة الطريق المتوقعة مستقبلا.

وهناك من يعمل على تعميق الأزمة، باستقواء طرف ليبي ودفعه للتدخل بشكل كامل، على حساب طرف آخر وهو الجيش الوطني الليبي الذي يرفض هذا التدخل السافر في ليبيا.

وأن تركيا حتى الآن، هي المسبب في تأجيج الصراع والاشتباكات، عبر تقديم الدعم العسكري واللوجستي، ونقل المرتزقة والسلاح، وميليشيات مسلحة ارتكبت مجازر بحق أهالي شمال سوريا، إلى ليبيا للقتال إلى جانب الميليشيات المسلحة لما يسمى (حكومة الوفاق).

والذين يخططون للانتقال إلى الدول الأوروبية، وهو ما يهدد أمن واستقرار هذه الدول، ويعمل على انتعاش ظاهرة الذئاب المنفردة التي تهدد أمن هذه الدول.

وحيث المخزون النفطي الكبير لليبيا ستدفع بالدول إلى الانخراط بشكل أكبر في الأزمة الليبية، وبغية الاستحواذ عليها وتجميع ميلشيات ومرتزقة من دول العالم واستخدامهم في ليبيا.

وبات واضحا للجميع مدى التوغل التركي في شؤون الدول الأخرى دون أي رادع قوي من قبل حكومات الدول الكبرى حيث باتوا قاب قوسين أو أدنى من وصول شرارة الحريق لدولهم.

يوسف ملا