مبدأ التقييم المرحلي والمراجعات الذاتية

آلدار خليل –

كان للقوى التي تسمي نفسها بالمعارضة اليوم ومع بدايات الحِراك في سوريا فرصة ومهام كبيرة، فكانت الظروف مساعدة للانتقال بالحال والواقع السوري إلى مرحلة مغايرة للتي سادت فيها الفورة الشعبية وانطلقت لأسباب معروفة؛ الفرصة التي أتحدث عنها هي تلك التي سنحت للمعارضة آنذاك بالوصول إلى موقع هام في القضية السورية عالمياً وبخاصة في ظل سحب ما يقارب المئة دولة الاعتراف بالنظام السوري وتبنيهم لموقف الشعب عبر المعارضة ومن ثم دعمها وفتح المجال أمامها للتحرك وفق ما يخدم الشعب السوري في المجالات كافة؛ السياسية، الدبلوماسية، الإعلامية، وحتى المادية والعسكرية أيضاً.
فشل القوى المعارضة في تلك المرحلة وعدم قدرتهم على بناء مشروع للحل في ظل ما توفر من إمكانات لعله السبب الأبرز فيما آلت إليه الأمور فيما بعد ودلائل هامة في عدم قدرة المعارضة على التحرك وفق قرارها الذاتي خاصة مع بدايات انحرافها نحو التأثر بتيار الإخوان والذي طغى فيما بعد على تلك الصبغة المعارضة لنكون منذ تلك المرحلة حتى الآن أمام هيكل أجوف لشيء اسمه “المعارضة”، أما القرار والتوجه والبرنامج فهو تحت القرار والتوجيه التركي المباشر ولا زال.
في القيام بأي عمل لا بدّ من أن يكون هناك تقييمات ذاتية وتحليل للتفاصيل الهامة المؤثرة في التقدم والتراجع وهنا فغياب هذا المبدأ في آليات عمل المعارضة سبّب دون شك في إيصالها إلى ما هي عليه؛ نعتقد بأن السنوات التي مضت وما شهدناه من تداخل للأمور وتحركات دولية، إقليمية وجّر بعض الأمور نحو التناحر محلياً؛ الارتزاق وتطوراته، هزيمة داعش، التصعيد الحالي في الداخل السوري، الاحتلال التركي العلني وهجومه الفاشي في عفرين.. إلخ كل هذه الأمور تحتاج إلى التقييم ذاته الذي تحدثت عنه؛ كي لا يكون الوضع مماثل بعد فترة لما هو عليه الآن، أقصد بشكل خاص الأطراف التي تسمي ذاتها بالمعارضة السورية.
يجب أن يكون هناك تراجع بعد تثبيت الأخطاء والتحرر من التبعية التي تمت خاصة لدولة الاحتلال التركي مع البدء بإجراءات التوافق مع الجسم السوري الجديد الديمقراطي، العمل من أجل خدمة التغيير لا يمكن أن يكون هناك نجاح لهذه القوى مع حالتها الراهنة، حيث إنها وفي أوجها وبالإمكانات المفتوحة أمامها لم تحقق شيئاً؛ فكيف في هذا الوضع وهذه الحالة؟! العودة إلى تقييم الأمور شيء ليس بخاطئ وتصحيح المسارات وفق توجه الوطنية الفعلية هام. في الشق المتعلق بالكرد ضمن الخط المذكور (المعارضة ـ الائتلاف الحالي) لا نعتقد بأن هناك ما يتعارض مع وجهة نظر أي طرف كردي حينما نتحدث نحن على إننا ماضون نحو حل القضية الكردية ضمن القضايا العالقة في سوريا وتثبيت الحقوق والدور الكردي اعتماداً على مشروع الأمة الديمقراطية؛ فلماذا لا تزال بعض الأطراف الكردية تتحرك داخل ذلك الجسم الأجوف غير المحقق لأي شيء للسوريين مع ضياعهم لفرص وإمكانات كبيرة ولا تتجه نحو منحى آخر (المشروع الديمقراطي الذي يقوده الكرد وشعوب المنطقة) مع وضع الإمكانات في تحقيق هذا الهدف الكردي؟
من باب النصيحة والحرص على ما تم تحقيقه كردياً، من أجل الحفاظ على الإنجازات التاريخية، لمنع خلق الشرخ والتوسع فيه؛ لتوحيد الأهداف لما يخدم تاريخ وهوية وقضية شعبنا؛ فإن الطرف الكردي ضمن الصف الذي يسمي نفسه بالمعارضة كما الصف ذاته مدعوين للتراجع عن مسارهم البعيد عن طموح الكرد وكل السوريين ولا بد من أن يكونوا أمام تقييم حقيقي لبناء دور لهم يكون هذا الدور مؤثر وفعّال ونابع من رؤى استراتيجية لا أمور آنية مستثمرة من قبل بعض الجهات التي تريد دوام حال الشتات هذا والابتعاد عن الالتحام بمشروع خدمة الكرد والسوريين جميعاً.