مصير المعارضة السورية (الشكلية) في سياسة أردوغان حيال اللاجئين

آلدار خليل –

منذ بداية الأزمة في سوريا وظهور التوجه العسكري كحل؛ اعتقد البعض من خلاله إنه الحل الأكثر معقولية في حل الأمور ولا زالت تظهر معاناة السوريين في ذلك وعلى مختلف المجالات؛ إحداها وأهمها اللاجئين الذين فروا من ويلات الحرب إلى مناطق الجوار وتشردوا في ظل غياب المسؤولية الإنسانية والأخلاقية للأطراف التي حرّضت ولا تزال على الحرب في سوريا، امام ما ظهر من حصار ومعاناة وتهديد وهجوم على مناطق شمال وشرق سوريا وعلى عفرين، إلا إن هذه المناطق أوت الآلاف وقدمت لهم التسهيلات انطلاقاً من مبادئ أخلاقية وسمات وطنية حريصة على الاستقرار وبناء وطن سوري ديمقراطي لكل السوريين.
إن اللاجئين الذين فروا إلى تركيا والبالغ عددهم حوالي الثلاثة ملايين أو أكثر بقليل ربما كانوا ومنذ لجوئهم حالة مستثمرة من قبل الدولة التركية وأردوغان، حيث ومن خلالهم تم احتلال المناطق الحدودية بشكل علني في أواسط صيف عام 2015 متذرعاً بضرورة عودتهم دون ان يكون ذلك لمصلحة اللاجئين، بل مخطط لشرعنة وتوسيع احتلاله للمناطق السورية، من جهة أخرى استغل أردوغان حالتهم الإنسانية فكان يقوم بين الحين والآخر بزيارات إلى مخيماتهم مقدماً نفسه كشخص يشعر بما يعانوه مما تبين فيما بعد إن ذلك كان نوع من الخداع هدفه كسب المزيد من الشعبية من جهة وكذلك توظيف أعداد من هؤلاء للأصوات الانتخابية لصالحه.
إضافة لما ورد؛ ساهم أردوغان بعيداً عن معايير الأخلاق بابتزاز أوروبا حال تعثر مفاوضات تركيا مع الأولى بشأن انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي بطريقة وكأن كل هؤلاء اللاجئين هم خطر خاصة مع وجود تقارير تحدثت عن إن أردوغان كان يقوم بدس متطرفين بين هؤلاء اللاجئين لضمان الخطر على أوروبا.
أمام كل هذا وبعد الاستفادة منهم بطرق مختلفة وتوظيف هؤلاء اللاجئين ومعاناتهم لأجنداته اليوم يهددهم أردوغان بالترحيل التعسفي إن صح التعبير بعد نفاذ ورقتهم كما يحسبها هو؛ في الوقت نفسه؛ يهدد مناطق شمال وشرق سوريا التي تأوي ما يزيد عن مليون ونصف لاجئ من الداخل السوري، تماماً مع ظهور أهدافه الخفيّة من هذا الملف وهو التعامل بمعايير مختلفة مع اللاجئين السوريين كافة؛ بمعنى الموقف ليس واحد ممن هم الآن لاجئين داخل سوريا أو في مناطق أخرى بينما في تركيا كان يظهر اهتمامه بمعاناتهم والآن وكتكملة للاتفاق التركي – الروسي بعد صفقة صواريخ  S400 وللضغط في ملف المنطقة الآمنة بشمال سوريا، فانه يتعامل معهم بطرق وكأنهم سبب مشاكل تركيا.
يتوضح علنياً بأن تحالف أردوغان والحركة القومية في تركيا يتخذون من هذا الملف ذريعة لمكاسب سياسية ومطامع في المنطقة وكذلك يتبين حال السياسة التركية بقيادة هذا التحالف بأنها سياسة استثمار لمعاناة شعب أصبح له حوالي تسع سنوات يعاني من أجل الحصول على حقوقه المشروعة في وطنه.
لا بد لكل القوى التي تعول على تركيا وبخاصة الأطراف التي تدّعي بتمثيلها المعارضة السورية وتتخذ من تركيا مقراً للبحث عن الحل في سوريا متجاهلين كل الممارسات التركية في سوريا وما تفعله دولة الاحتلال التركي في مناطق توجداها (المحتلة) يجب أن يدركوا هؤلاء بأنهم لن يكونوا بمأمن من سياسات أردوغان وحلفائه القوميين حال انتهاء استثمار ملفهم (ملف المعارضة الشكلية) وليس ببعيد أن يكون مصير هؤلاء كما مصير من يتم ترحيله اليوم من تركيا بعد أن نفذ كورقة فيها الفائدة لأردوغان.
صمت القوى التي تدّعي أنها المعارضة حيال ما يتعرض له السوريين في تركيا شعور مبطن بأن البعض منهم قد فهم واقع الحال. ولكن؛ بحكم إرادتهم المصادرة وقرارهم غير الذاتي لن يكونوا إلا متفرجين تماماً كما حال تفرجهم اليوم على ما يفعله أردوغان في سوريا من احتلال وتهديد وتهجير وخنق للحل والحوار السوري؛ فهل سيكون هناك يقظة أم صمتاً حتى حرقهم كورقة انتهت صلاحيتها؟!.