ثورة 19 تموز…ثورة الكرامة وحرية الشعوب

ANHA – إن ثورة 19 تموز التي انطلقت عام 2012 في المناطق الكردية، سرعان ما انتشرت في كافة مناطق شمال وشرق سوريا التي تحررت من إرهاب داعش، هذه الثورة وكما ذكرنا في الجزء الأول من ملفنا، تستند إلى فلسفة الأمة الديمقراطية، لذا في الجزء الثاني من ملفنا سنتحدث عن هذه الفلسفة وأبعادها ومدى تطبيقها.

 

ثورة مختلفة..

 

إن ثورة 19 تموز تختلف عن الثورات المعروفة من حيث خصوصيتها والنظام الإداري الذي اعتمدت عليه، فنظام الإدارة الذاتية يعدّ نموذجًا جديدًا للإدارة في الشرق الأوسط، ويستند إلى فلسفة الأمة الديمقراطية التي تدعو إلى بناء مجتمع أخلاقي سياسي، يضمن حرية المرأة وحماية البيئة.

 

وفي هذا السياق، يقول عضو الهيئة التنفيذية في مجلس سوريا الديمقراطية حسن كوجر، “ثورة روج آفا تختلف عن غيرها فهي تعمل على إعادة تفعيل المجتمع الأخلاقي والسياسي بعد ما أبعدته السلطات الحاكمة عن طبيعته، وتسعى للوصول إلى مجتمع قادر على إدارة نفسه بنفسه”.

 

ما هي الأمة الديمقراطية؟

 

يتحدث قائد الشعب الكردي عبد الله أوجلان في مرافعته التي تحمل عنوان “سوسيولوجيا الحرية” عن الأمة الديمقراطية ويعرّفها على الشكل التالي: “تترسخ الأمة الديمقراطية بين المجموعات اللغوية والثقافية التي تعيش بالطريقة نفسها أو بشكل متشابه ضمن مجتمع أخلاقي – سياسي، وتحقق التحول الاجتماعي في إطار السياسة الديمقراطية، في الأمة الديمقراطية، تتخذ كل القبائل والعشائر والأقوام وحتى الأسر، مكانها في المجتمع الأخلاقي السياسي على شكل وحدات. تنوع اللغات واللهجات والثقافات تتحول إلى أمة جديدة، في الأمة الجديدة، بالتأكيد، لا يُسمح بأن تفرض مجموعة عرقية أو مذهبية أو معتقد ما أو أيديولوجية طابعها على هذه الأمة”.

 

وفي الأمة الديمقراطية تستطيع كل منطقة إعلان إدارتها الذاتية وفقًا لخصوصيتها، إذ يقول القائد عبد الله أوجلان: “إذا كانت الأمة الديمقراطية روحًا، فالإدارة الذاتية الديمقراطية هي الجسد”.

 

ولخص أوجلان فلسفة الأمة الديمقراطية في مرافعته التي تحمل عنوان “القضية الكردية وحل الأمة الديمقراطية” في 9 ركائز يتم تطبيقها الآن عمليًّا في شمال وشرق سوريا، وهي كالتالي:

 

الفرد – المواطن الحر وحياة الكومونة الديمقراطية في الأمة الديمقراطية

 

في الأمة الديمقراطية ينبغي أن يكون الفرد المواطن كوموناليًّا (تشاركيًّا)، فالفرد الذي يتمتع بحرية زائفة، والذي تستثيره الأنانية الرأسمالية ضد المجتمع، إنما يحيا ضمنيًّا أعتى أشكال العبودية.

 

ولتحقيق هذه الركيزة، بدأت ثورة 19 تموز بعد انطلاقتها بتشكيل الكومينات التي تعدّ الخلية الصغرى والأساسية في تنظيم المجتمع، وعلى هذا الأساس تشكلت الكومينات في المزارع والقرى والأحياء، وعلى اعتبار أن الكومين هو لب الإدارة الذاتية، نشأت من هذه الكومينات مجالس الأحياء والمدن والمقاطعات ووصولًا إلى هيكلية الإدارة الذاتية.

 

وبني في شمال وشرق سوريا الآلاف من الكومينات التي تتألف بدورها من لجان تضلع كل واحدة منها بمهام خاصة (الصحة، التعليم والتدريب، الخدمة، الحماية، المرأة، الشبيبة، العدالة، الاقتصاد…)، ولكن هناك ما يعيق ترسيخ هذه الركيزة في المجتمع بحسب ما أشار إليه عضو الهيئة التنفيذية في مجلس سوريا الديمقراطية حسن كوجر.

 

ويقول كوجر “إن نظام الدولة أعاق وحارب بشكل مستمر المجتمع الكومونالي, وأبعد الفرد عن حياته الكومونالية التي هي من طبيعته، ورغم ذلك فإن خصوصية الكومونة في المجتمع لا تزال موجودة، وبعد 8 أعوام من الثورة هناك مستوى كبير من التطور في هذا السياق، ولكن هناك نواقص، تركزت في عدم قدرة المجتمع على التخلص من ذهنية السلطة ومن بيئة الحكم”.

 

وأضاف كوجر “إن المجتمع الأكثر فعالية في سوريا هو مجتمع شمال وشرق سوريا، نظرًا لتشكيله الكومينات والمجالس، وقد يعاني هذا المجتمع من بعض الضعف، إلا أنه يعيش نموذجًا ونظامًا وتجربة جديدة”.

 

وأوضح كوجر أن القدرة على الوصول إلى الفهم الحقيقي والصحيح للكومونة ومبادئها يحتاج إلى فترة زمنية ليست بالقليلة، مؤكدًا ضرورة تطوير الكومينات ومجريات الأوضاع الطارئة.

 

الحياة السياسية وشبه الاستقلال الديمقراطي في الأمة الديمقراطية

 

يستحيل تصور الأمة الديمقراطية من دون إدارة ذاتية، فالأمم عمومًا، والأمم الديمقراطية خصوصًا، هي كيانات مجتمعية لها إدارتها الذاتية، وإذا ما حُرم مجتمع ما من إدارته الذاتية، فهو يخرج حينها من كونه أمة، ولا يمكن تصور أمة من دون إدارة ضمن الوقائع الاجتماعية المعاصرة، وبل وللأمم المستعمرة أيضًا إدارتها، حتى لو انحدرت من أصول غريبة عنها.

 

وعلى هذا الأساس، كانت الإدارة الذاتية الديمقراطية التي أعلنت في كانون الثاني/يناير من عام 2014 ثمرة لثورة 19 تموز، وخلال أعوام الثورة وتحرر مناطق جديدة، ازداد عدد الإدارات الذاتية، وبالتالي باتت مناطق شمال وشرق سوريا تنظم على أساس 7 إدارات ذاتية لكل منها خصوصيتها بحسب سكان منطقتها، واجتمعت هذه الإدارات السبع في الـ 6 من أيلول/سبتمبر عام 2018 تحت سقف الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا.

 

وفي هذا السياق، يقول حمدان العبد نائب الرئاسة المشتركة للمجلس التنفيذي في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا “إن ثورة ١9 تموز هي انعكاس حقيقي لتطبيق مبدأ المساواة والعدل والإنسانية بوجه النظام السلطوي المركزي الذي يحتكر إرادة الشعوب ويمنعها من ممارسة حقوقها في التعبير عن الرأي وممارسة ثقافاتها وعاداتها وطقوسها الدينية واليومية”.

 

وأكد العبد أن الإدارة الذاتية زرعت الألفة والتسامح بين كافة المكونات وضمنت مشاركة الجميع في الإدارة ووفرت لهم ممارسة الديمقراطية عبر قوانينها التي تحترم حقوق الإنسان والحريات الأساسية، وسمحت للجميع بممارسة معتقداتهم وعاداتهم وتقاليدهم.

 

وأضاف “إن من ثمار ثورة 19 تموز حرية الرأي والتعبير وحرية المرأة”، معتبرًا أن الإدارة الذاتية نجحت في كافة المجالات، ولاقت القبول عالميًّا باستثناء الدول الديكتاتورية التي تحارب هذا المشروع خوفًا على عروشها.

 

الأمة الديمقراطية والحياة الاجتماعية

 

كينونة مجتمع الأمة الديمقراطية هي أول شروط العيش كمجتمع سليم، فهي تعيد المجتمع الذي استهلكته الدولة القومية إلى أصله.

 

لا يمكن تعويض المجتمع بأي شيء في حياة الإنسان، الخروج من المجتمع والابتعاد عنه، يعني الخروج والابتعاد عن الإنسانية، فالأمة الديمقراطية، وقبل كل شيء هي إصرار على المجتمعية، وهي تصر على ديمومة المجتمع الذي يتعرض للتخريب من قبل الحداثة الرأسمالية، وتطبيقها كواقع تاريخي – اجتماعي.

 

الأمة الديمقراطية هي مجتمع بديل ضد سلطة الدولة، وهي المجتمع الديمقراطي ضد اللااجتماعية، وهي ضد القضاء على المجتمع عبر إجبار هذا المجتمع على تقبل أساليب العبودية وعدم المساواة، هي المجتمع الكلي الحر والمفعم بالمساواة.

 

إن ثورة 19 تموز أحدثت تغيرات ملحوظة في مجتمع شمال وشرق سوريا، وأكسبته الثقة بقدرته على إدارة نفسه، وبناء مؤسساته التي تقف ضد السلطة والتبعية.

 

وفي هذا السياق تشير عضوة علم المرأة (الجنولوجي) غالية نعمت، إلى إن الامتحان الذي اجتازته الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا مهم جدًّا، وقالت: “عمليًّا الحياة التشاركية ليست غريبة عن مجتمع الشمال السوري الذي اتحد أمام الأنظمة التي سعت لتفرقة المجتمع وبعثرته”.

 

وأكدت أن الإدارة الذاتية أعادت الروح التشاركية للمجتمع وتابعت قائلةً “مثال على ذلك عفرين التي احتضنت الآلاف من النازحين من مختلف المناطق السورية، وكذلك حي الشيخ مقصود في مدينة حلب، احتضنت مناطق الإدارة الذاتية النازحين من مختلف المناطق السورية، ولم تشعرهم يومًا بأنهم نازحون”.

 

ولكن على الرغم مما حققه المجتمع من تطور في هذا السياق، إلا أن حسن كوجر يرى بعض النواقص في تحقيق هذه الركيزة والتي يجب تلافيها، ويقول في هذا الإطار “يجب على المجتمع النضال في هذا المسعى، يجب أن يثق بنفسه، وبقوته، وبثقافته، وبأفكاره ومشروعه، لأن المجتمع هو الوحيد القادر على الإطاحة بالأنظمة الديكتاتورية عبر التكاتف”.

 

الأمة الديمقراطية وشبه الاستقلال الاقتصادي

 

يُتخذ من شبه الاستقلال الاقتصادي أساسًا في الأمة الديمقراطية، لأنه أدنى حدود الوفاق الذي سيتحقق بين الدولة القومية والأمة الديمقراطية، وأي وفاق أو حل أدنى مستوى منه، يعد استسلامًا دالًّا على العبارة الآمرة “انته!”. أما الانتقال بشبه الاستقلال الاقتصادي إلى منزلة الاستقلال، فيعني بناء دولة قومية مضادة.

 

ومضمون شبه الاستقلال الاقتصادي لا يتخذ من الرأسمالية الخاصة ولا من رأسمالية الدولة أساسًا له، بل يعمل أساسًا بموجب الصناعة الأيكولوجية والاقتصاد الكومونالي باعتبارهما انعكاسًا للديمقراطية على حقل الاقتصاد، لذلك، تحدد الصناعوية، التطور، التكنولوجيا، الشركات، والملكية، ضمن إطار المجتمع الأيكولوجي والديمقراطي.

 

وفي مناطق شمال وشرق سوريا، تم خطو بعض الخطوات لتحقيق شبه الاستقلال الاقتصادي، إلا أن حسن كوجر يرى بأن هذه الركيزة لم تتحقق بالشكل المطلوب.

 

وتابع كوجر قائلًا “يجب أن نكون واقعيين، صحيح أننا تمكنا من تلبية بعض الاحتياجات وإدارة المنطقة اقتصاديًّا، وقمنا ببناء التعاونيات، إلا أنها لم ترق إلى المستوى المطلوب، ولم تلعب دورها الرئيس، وتحتاج إلى العمل الجدي عليها”.

 

البنية القانونية للأمة الديمقراطية

 

إن القانون في الأمة الديمقراطية يعتمد على التنوع، وقلّما يلجأ إلى الترتيبات القانونية ويتميز ببنية بسيطة غير معقدة، وتعتمد الأمة الديمقراطية على حل نسبة كبيرة من قضاياها بالإجراءات والتدابير الأخلاقية والسياسية.

 

فالأمة الديمقراطية هي أمة أخلاقية وسياسية أكثر منها أمة قانون، وتبرز حاجتها إلى القانون عندما تعمل أساسًا بموجب الوفاق مع الدول القومية والعيش معها تحت سقف سياسي مشترك، وحينها يكتسب التمييز بين القوانين الوطنية وقوانين الإدارة الذاتية المحلية أهمية ملحوظة.

 

وفي هذا السياق يقول عضو مجلس التدريب في أكاديمية المجتمع الديمقراطي كيفارا شيخ نور “القانون في ظل الدولة القومية يعتمد وبشكل أساسي على تعزيز سلطة الدولة ولم يكن له أي صلة بالحق والعدالة وأن ادّعى ذلك، أما الأمة الديمقراطية فهي تعتمد على الأخلاق”.

 

وتابع شيخ نور قائلًا “لكن في إطار المرحلة الانتقالية من ذهنية الدولة القومية إلى ذهنية الأمة الديمقراطية، قد نضطر إلى استخدام القوانين، ولكن بشرط أن تحمل بعدًا أخلاقيًّا، حيث يستند هذا البعد وبشكل أساسي على المجتمع”.

 

ويؤكد شيخ نور أن الإدارة الذاتية خطت خطوات كبيرة في مجال القانون، وخاصة من خلال التركيز على البعد الاجتماعي في حل القضايا المستعصية عبر مجالس الصلح.

 

ثقافة الأمة الديمقراطية

 

البعد الثقافي عامل مهم في نشوء الأمم، لذلك تسعى الأمة الديمقراطية إلى تكوين نفسها من خلال إعادة المعنى الحقيقي إلى التاريخ والثقافة، أي، وكأن التاريخ والثقافة المعرضين للتشويه والإبادة يشهدان النهضة خلال التحول الوطني الديمقراطي.

 

وكانت مناطق شمال وشرق سوريا تحتاج إلى ثورة على الصعيد الثقافي قبل كل شيء نتيجة تشويه النظام البعثي لتاريخ وثقافة هذه الشعوب، لذا لعبت ثورة 19 تموز دورًا رئيسًا في تصحيح مسار التاريخ المشوه الذي تم تلقينه للمجتمع.

 

وفي هذا السياق يقول حسن كوجر “إن روح الوطنية والمقاومة والفداء والنضال كانت موجودة سابقًا لدى الشعب الكردي، ولم يبخل بروحه تلك عن ثورته، ولكن هناك ضعف في الوصول إلى حرب الشعب الثورية، لذا يجب أن ننظم أنفسنا بشكل أكبر، ونطور روح المقاومة والنضال، للوصول إلى الانتصار، وعلينا أن نطور ثورتنا الثقافية، وعلى جميع الأسر تحمل مسؤولياتها لتطوير هذه الثورة”.

 

نظام الدفاع الذاتي في الأمة الديمقراطية

 

الأمة الديمقراطية تتخذ من نظام الدفاع الذاتي أساسًا، فلكل كائن حيّ نظام دفاعي خاص به، وما من كائن حي واحد فقط يخلو من آلية الدفاع، ويستند تطوير مفهوم الدفاع المشروع في الأمة الديمقراطية على حماية الوطن والشعب، ويعترف بحق الجماعات بالدفاع المشروع.

 

وبناء عليه شكل أهالي شمال وشرق سوريا قواتهم العسكرية منذ بداية الثورة، بدأت بوحدات حماية الشعب وصولًا إلى قوات سوريا الديمقراطية التي تحظى اليوم بدعم كبير من العالم، نظرًا لما حققته في الدفاع عن الإنسانية ضد المجموعات المرتزِقة والإرهابية.

 

ويقول الناطق الرسمي باسم وحدات حماية الشعب نوري محمود إن القوات العسكرية التي تشكلت تعمل في إطار الدفاع المشروع عن المنطقة، ضد أي اعتداءات ولا تزال مستمرة في الدفاع، ويؤكد أن ما تحققت من مكتسبات وانتصارات وكذلك بناء مؤسسات وقطعات وتشكيلات عسكرية خلال الثورة، برهنت للعالم مدى نجاح القوات العسكرية الساعية إلى بناء مجتمع أخلاقي وسياسي، منبثق من ذاكرة سياسية يمتلكها المجتمع.

 

دبلوماسية الأمة الديمقراطية

 

دبلوماسية الأمة الديمقراطية وسيلة لتكريس السلم والعلاقات المفيدة، لا لإشعال فتيل الحروب، وهي تعبر عن وظيفة أخلاقية وسياسية نبيلة يؤديها الناس الحكماء، وتتبنى الأمة الديمقراطية الفضائل السياسية والأخلاقية المتشكلة من ثالوث المجتمع الديمقراطي الأيكولوجي وحرية المرأة، وتهدف لأن تصبح أساسًا لسياستها الخارجية، وتستند في علاقاتها الدولية والإقليمية إلى استراتيجية السلام والحوار والصداقة.

 

وفي هذا السياق، يرى عضو الهيئة الرئاسية في حزب الاتحاد الديمقراطي PYD صالح مسلم بأن ثورة 19 تموز ومكتسباتها العسكرية والسياسية وخلال مسيرتها طيلة ثمانية أعوام، تمكنت من كسب الشارع العالمي ومساندته، واستطاعت التأثير على الرأي العام.

 

وخلال ثورة 19 تموز تسنى للكرد الوصول إلى مختلف القوى والدول والشعوب للتعريف بالقضية الكردية، ونتيجة مقاومة الثورة ونضالها افتتحت العديد من ممثليات الإدارة الذاتية في بلدان العالم، وحصلت الإدارة على الدعم العسكري من أكثر من 73 دولة أجنبية لمساندة قواتها العسكرية في كوباني.

 

الدبلوماسية التي اتبعتها الثورة في الوصول إلى المجتمعات والشعوب دون السلطات، للتعريف بالمنطقة ومشروعها، نجحت في كسب تأييد شعوب العالم التي ضغطت على حكومات بلادها لدعم ومساندة شمال وشرق سوريا، رغم الحرب السياسية التي تمارس ضد هذه المناطق والهجمات العسكرية التي تتعرض لها.

 

وما اتبعته الثورة في الخارج بدأت معالمها بالظهور تدريجيًّا، وتبين ذلك في الهجوم الذي تعرضت لها مناطق الثورة “عفرين وسري كانيه وكري سبي/تل أبيض”, والضغط الذي مارسه المجتمع الدولي وشعوبه على حكوماتها، والتي أدت إلى إيقاف الهجمات التركية بحسب تعبير صالح مسلم.

 

وقال مسلم “قد لا يعلم عن هذه الدبلوماسية وما حققته الثورة عبرها إلا من يتابعها عن قرب، صحيح أن السلطات والحكومات في الدول تعمل على أساس مصالحها، إلا أن دبلوماسية الأمة الديمقراطية من خلال استمرارها سيكون لها تأثير إيجابي أكبر على المنطقة”.

 

الحياة الندية الحرة في الأمة الديمقراطية

 

يتميز تحرر المرأة بعظيم الأهمية خلال التحول إلى أمة ديمقراطية، فالمرأة المتحررة تعني مجتمعًا متحررًا، والمجتمع المتحرر هو أمة ديمقراطية، وتتجاوز النظرة التي تنيط المرأة بأدوار من قبيل الزوجة أو الأم أو الأخت أو الحبيبة، مثلما الحال دومًا في الحداثة وفي الحدود التقليدية المرسومة.

 

عضوة علم المرأة “الجنولوجي” غالية نعمت أشارت إلى أن الحياة المشتركة هي أساس فلسفة الأمة الديمقراطية، ومفهوم الحياة التشاركية يبدأ من الفرد، ومن العلاقة بين الرجل والمرأة، وصولًا للعلاقة بين الأمم والدول والمكونات والأديان.

 

في الجزء الثالث من ملفنا سنتطرق إلى واقع المرأة في ثورة 19 تموز بشكل موسع.

 

(ح)

 

ANHA