اتفاق اضنة……الذريعة التركية لاحتلال شمال سوريا


في أكتوبر/تشرين الأول 1998 بلغت الأزمة بين تركيا ونظام الأسد ذروتها حيث حشدت أنقرة قوات كبيرة على حدود البلدين، مهددة باجتياح الجانب السوري منها إذا استمر نظام الأسد في توفير ملجأ آمن للزعيم الكردي عبد الله أوجلان. حتى جرت جرت وساطات إقليمية لاحتواء الأزمة شاركت فيها جامعة الدول العربية ومصر وإيران، وكان من نتائجها توقيع الدولتين اتفاقا أمنيا بمدينة أضنة التركية يوم 20 أكتوبر/تشرين الأول 1998، وشكل ذلك الاتفاق “نقطة تحول” رئيسية في مسار العلاقات بين كل من سورية و تركيا.

هذا ومع بدأ اللبطة التاريخية في سورية وتمكن حركة الحرية من تحرير أغلبية المناطق الواقعة في الشمال السوري تأزمت الأوضاع على الحدود المشتركة مع تركيا التي وفي اكثر من نقطة استغلت الفرصة وقامت بالهجوم على حركة الحرية, حيث جاءت عملية “درع الفرات” العسكرية التي أطلقتها أنقرة في صيف 2016 “تطبيقا تركياً” لبنود اتفاقية أضنة وملاحقها السرية المزعومة.

كما إن أنقرة لم تكتف بذلك فأطلقت عملية “غصن الزيتون” في مستهل العام 2018م التي نفذها الجيش التركي إلى جانب فصائل “الجيش السوري الحر” على مدينة عفرين، وأكّد حينها كبار الساسة الأتراك على أن العملية تأتي في إطار القانون الدولي وحقها الطبيعي في الدفاع عن النفس. وفي إطار الحقوق التي تمنحها الأمم المتحدة في ميثاقها للدول الأعضاء، ويشير خبراء قانون وباحثون أتراك إلى أن اتفاقية أضنة (1998) بين تركيا ونظام الأسد هي أبرز الأرضيات القانونية التي تستند عليها العمليات العسكرية التركية في شمالي سوريا.

شرعنة المنطقة الآمنة

ما يجب أن يشار إليه؛ لفهم ما دار ويدور، اليوم، من تحرك وتوسع  للعمليات العسكرية التركية  في مناطق  الحدود السورية أنها تأتي استنادا لاتفاق أضنة مع نظام الأسد عام 1998, ولإثبات قانونية عملياتها العسكرية تعمدت أنقرة تقديم رسالة خطية إلى ممثل نظام الأسد في القنصلية السورية في إسطنبول لتبلغه فيها ببدء أي عملية عسكرية مع توضيح الأهداف مدموغة بنصوص اتفاق أضنة، وبما أن نظام بشار الأسد وريث لتركة الأسد الأب بصفته الوظيفية فهو ملزم بتنفيذ كامل بنود الاتفاقية وعلى رأسها البند الذي ينص على “مكافحة الإرهاب عبر الحدود وإنهاء سوريا كل أشكال الدعم لتنظيم العمال الكردستاني وإخراج أوجلان من الأراضي السورية ومنع الثوريين الأكراد من التسلل للأراضي التركية, واحتفاظ تركيا في ممارسة حقها الطبيعي في الدفاع عن النفس وفي المطالبة بتعويض عادل عن خسائرها في الأرواح والممتلكات، إذا لم توقف سوريا دعمها للحزب الكردستاني فوراً، وإعطاء تركيا حق ملاحقة عناصرها في الداخل السوري حتى عمق خمسة كيلومترات، واتخاذ التدابير الأمنية اللازمة إذا تعرض أمنها القومي للخطر” بحسب الرواية التركية. ولسد الثغرات القانونية أبلغت أنقرة خطياً الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش وقبله بان كي مون والدولة التي تتولى الرئاسة الدورية لمجلس الأمن الدولي بأهداف أية عملية داخل الأراضي السورية وسندها القانوني.

المنطقة الآمنة من المنظور التركي

لم يتراجع قلق تركيا الأمني، بل تعاظم بقدر ما شهدته وتشهده الحدود من تطوراتٍ خلال ثماني سنوات، وبات المطروح اليوم منطقةً تركيةً آمنةً بعرض 20 ميلا، وفق ما حدّدها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أي 32 كلم. بتوافق مع الرئيس التركي أردوغان الذي أبلغ ترمب خلال الاتصال الهاتفي، أنه ينطر بإيجابية إلى مقترح المنطقة الآمنة، وأنه كان مقترحاً تقدم به للإدارة الأميركية السابقة، وأن ترمب عبر عن سعادته بالتعاطي التركي الإيجابي مع المقترح.

وعن هذا التوافق, قال مولود جاويش أوغلو وزير الخارجية التركي “إن فكرة المنطقة الآمنة، التي تحدث عنها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، هي في الأساس مطروحة من قبل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان منذ بداية الأزمة السورية”. لكن الولايات المتحدة وقوى أوروبية رفضت المقترح. غير أنّ العمليات التي نفّذتها تركيا في أعزاز وجرابلس والباب وعفرين، شكّلت مناطق آمنة بحكم الأمر الواقع، وكانت نتائج هذا الأمر إيجابية بالنسبة للسكان المحليين.

ومن دون إعلان موافقة روسية صريحة على الاقتراح التركي، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، إن بلاده تنطلق من أن “الأولوية في المسار السوري تكمن في الحفاظ على وحدة واستقلال وسيادة سوريا، وتركيا والولايات المتحدة وغيرهما من أعضاء الأمم المتحدة وافقوا على هذا الهدف”، مؤكداً في الوقت ذاته أنه “بطبيعة الحال، ستكون المصالح الأمنية لدول المنطقة بما فيها تركيا جزءاً من الاتفاقيات التي نسعى إلى بلورتها”.

وأعلن لافروف، أن اقتراح تركيا لإقامة منطقة عازلة على الحدود في شمال سوريا سيكون محوراً أساسياً للبحث خلال القمة الروسية – التركية المنتظرة بداية الأسبوع المقبل.

كما إن المنطقة الآمنة التي أعلنت تركيا استعدادها لإنشائها في شمال سوريا بموجب اقتراح الرئيس الأميركي بعمق 32 كيلومتراً وبطول 46

0 كيلومتراً على الحدود التركية السورية، ستضم مدناً وبلدات من 3 محافظات سورية، هي حلب والرقة والحسكة وهذا بحسب وكالة أناضول التابعة للحكومة التركية حيث أوضحت “إن أبرز المناطق المشمولة في المنطقة الآمنة، هي المناطق الواقعة شمالي الخط الواصل بين قريتي صرّين (محافظة حلب)، وعين عيسى وتل أبيض (محافظة الرقة)”.

كما تضم المنطقة الآمنة مدينة القامشلي، وبلدات رأس العين، وتل تمر، والدرباسية، وعامودا، ووردية، وتل حميس، والقحطانية، واليعربية، والمالكية (محافظة الحسكة)، وكذلك ستضم المنطقة كلاً من كوباني (محافظة حلب)، وتل أبيض (الرقة).

كما أكد أردوغان، إنّ تركيا سوف تنشئ على طول حدودها مع سورية، منطقة آمنة بعمق 20 ميلاً (32 كيلومتراً).

نهايتا بحسب نظرتنا للوضع الراهن نجد بأن روسيا تلعب الأن على الحبلين حيث تريد مسك العصا من المنتصف, فمن ناحية نجدها تبارك المحادثات الجارية بين الادارة الذاتية وبين النظام السوري و من ناحية أخرى نجدها تدعم تفعيل اتفاقية أضنة في سورية, كما أن روسيا الأن تريد ان تجبرنا على تقديم تنازلات كبيرة للنظام السوري حيث تقوم بشكل مبطن بإرسال مسجات تهديدا لنا آلا وهي تفعيل اتفاقية أضنة و إضفاء طابعها القانوني على الملف السوري, أما من ناحية الثغرات الموجود في اتفاقية اضنة وكيفية الاستفادة منها يمكننا الركود أمام حجم العمق المحدود في الاتفاقية آلا وهي 5 كيلومترات آلا أن أردوغان يتحدث عن ما يقارب ال32 كيلومترا, من ناحية أخرى يمكننا الضغط على النظام السوري باستخدام ورقتين آلا وهما عمليتي ما يسمى بدرع الفرات و غصن الزيتون حيث لم إن تركيا ومن خلال هذه العمليتين الأن تتواجد في ناحية مورك التابعة لمحافظة حماة. من ناحية أخرى يمكننا الضغط على النظام ليس فقط من ناحية المفاوضات بل من خلال الترويج لهذه الثغرة القادرة على إحداث شرخ كبير في هذه الاتفاقية من خلال الإعلام.

المصدر :dar news