قالت صحيفة العرب : كشفت مصادر روسية عن خلافات متصاعدة بين “حلفاء الضرورة”، روسيا وتركيا وإيران، في مسار أستانا حول الأوضاع المُستجدة في سوريا، وأكّدت أن الخلافات تتعمق مع كل من أنقرة وطهران.
وأوضحت مصادر دبلوماسية أن زيارة موفدي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى دمشق، وعواصم هذه الدول تسعى إلى “تخفيف التوترات” بينها والدفع بعمل اللجنة المُكلّفة وضع دستور جديد لسوريا.
وأشارت أوساط روسية إلى أن موسكو “ضاقت ذرعاً” بمناورات الرئيس السوري بشار الأسد “التكتيكية مع إيران في إطار محاولاته تخفيف الضغوط للامتثال لطلب المضي في ملف اللجنة الدستورية”.
في المقابل، رجح أحد المصادر انفتاحاً روسياً أكبر على بلدان الخليج العربية لبحث آفاق التسوية السياسية في سوريا، وملف إعادة الإعمار.
وتسعى موسكو إلى التحرك باتجاه بلدان الخليج العربية وخصوصاً السعودية من أجل مشاركة أكبر للرياض في ملف التسوية وإعادة الإعمار، وهو ما يمكن أن يبحثه في الرياض هذا الأسبوع ميخائيل بوغدانوف نائب وزير الخارجية المُوفد الخاص للرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط، بالإضافة إلى آفاق التسوية وعمل اللجنة الدستورية.
وبعد أيام على فشل عقد الجولة الثانية لاجتماعات اللجنة الدستورية المُصغّرة بسبب تعنت النظام السوري وطرحه برنامج عمل يخرج عن تفويض اللجنة وطبيعة عملها، أكّدت الخارجية الروسية في بيان، مساء الاثنين، أن ألكسندر لافرنتييف، الموفد الخاص للرئيس الروسي إلى سوريا، وسيرجي فيرشينين نائب وزير الخارجية الروسي، التقيا الأسد وشددا على “دفع العملية السياسية التي يقودها ويديرها السوريون أنفسهم، بدعم من الأمم المتحدة، كما نص القرار 2254”.
كما ذكر البيان الروسي أن الجانبين بحثا بشكل موسع “الوضع على الأرض”، في ضوء ضرورة استعادة وحدة الأراضي السورية مع أخذ مصالح كل المجموعات العرقية والدينية في الاعتبار، في إشارة فُهم منها رسالتان: الأولى لتركيا حول عدم جواز استمرار وجودها طويلاً في شمال سوريا، والثانية للنظام تحضّه على “إبداء مرونة أكبر” في المفاوضات مع الإدارة الذاتية في شمال سوريا وشرقها.
وأكّدت مصادر مطلعة أن موسكو تتجه نحو “تسهيل عمل اللجنة في اجتماع جديد يحدد في موعد أقصاه منتصف ديسمبر بعد جولة مفاوضات أستانا المقبلة في العاصمة الكازاخية نور سلطان”.
وزادت أن مواقف روسيا في شأن ضرورة عدم التدخل في عمل اللجنة، كانت موجهة أساساً إلى الموفد الدولي إلى سوريا غير بيدرسون الذي أشار في إحاطته الأخيرة بمجلس الأمن الشهر الماضي إلى “توافق في اللجنة الدستورية”.
ولفت مراقبون إلى أن موسكو منزعجة من محاولات الأسد المتكررة للتقرب إلى إيران كي يخلق نوعاً من التوازن للإفلات من الضغوط الروسية، وتخفيف نفوذ موسكو المتزايد في سوريا، ما دفعها إلى توجيه انتقادات مبطنة على لسان مقربين لتذكير الأسد بدور الكرملين في حمايته واستمراره، إضافة إلى تشجيع الحراك الرافض للتغلغل الإيراني في مناطق سوريا اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً.
في المقابل تواصل روسيا الحوار مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، وتولت عملياً الإشراف على عدد من المدن الكبيرة بموجب اتفاقات معها، ما يغضب تركيا التي لم تكن تتوقع أن تنتشر روسيا عسكرياً بهذه الكثافة وتُسيطر على قواعد أخلتها الولايات المتحدة، وتواصل التنسيق مع الكرد ألد أعداء أنقرة.
ويبدو واضحاً أن روسيا وتركيا تتنافسان للسيطرة على الطريق الدولية والمدن الاستراتيجية القريبة منها. وترفض موسكو إقامة منطقة آمنة في شمال سوريا رغم أنها تتفق مع طروحات أنقرة في شأن عودة اللاجئين وإعادة الإعمار من دون ربط ذلك بالتقدم في التسوية السياسية.