احتلال أراضي سورية عديدة، انهيار اقتصادي واجتماعي وثقافي كبير، سلب الدول المتدخلة بالشأن السوري للقرارات والثروات الوطنية والمرافق الحيوية، كل هذا حدث خلال 10 سنوات من الحرب، إلا أن ذهنية النظام التي تسببت بذلك لا تزال كم هي رافضة للتفاهم مع السوريين وذلك على مبدأ “نحن أو دمار”.
سنوات عديدة من الحرب وقد لا تنتهي بأخرى مثلها ولم يغير النظام السوري من فكره الرافض للتفاهم مع الإدارة الذاتية الديمقراطية في شمال وشرق سوريا وذلك بحجة الحفاظ على السيادة الوطنية واستقلال القرار واسترجاع الثروات الوطنية، وهذا ما يردده النظام السوري.
ولتوضيح ذلك وبعيدًا عن الشعارات وسياسة اللعب على أوجاع السوريين التي ينتهجها النظام، سنقوم بمحاورة هادئة لما يدعيه مسؤولي النظام وذلك عبر استعراض حالتين، الأولى هو ما يقوم به النظام من إطلاق تهم الخيانة على الإدارة الذاتية وادعاءه بأنها تنتهك السيادة الوطنية وتنهب الثروات الوطنية وغيرها من التهم، أما الحالة الثانية فسنتعرض ماذا كان سيستفيد السوريون لو اتفق النظام مع الإدارة الذاتية.
الحالة الأولى.. ادعاء بالحفاظ على السيادة والثروات الوطنية
خلال سنوات الحرب السورية، استمر مسؤولي النظام السوري بالعزف على أسطوانة الحفاظ على السيادة الوطنية ووحدة الأراضي السورية ومحاولة استرجاع الثروات الوطنية التي خارج سيطرته.
ولكن في الحقيقة وعند القيام بجردة حساب كما يقول السوريون، فنرى بأن كل ما يدعيه النظام لم يحدث حتى في مناطقه.
كيف يتحدث مسؤولي النظام عن وحدة الأراضي السورية، واحتلت تركيا العديد منها وذلك باتفاق مع حليفة النظام روسيا، فلماذا لم تدعم روسيا النظام وسيطر على هذه المناطق عوض عن تسلميها لتركيا التي ترفع أعلامها وتفرض عملتها، فأين هي وحدة الأراضي السورية.
يتشدق مسؤولو النظام بالحديث عن السيادة الوطنية والقرار الوطني المستقل، فماذا تفعل القوات الروسية والإيرانية على الأرض وباتت تتصرف بكل شيء.
في كل يوم يخرج النظام ببيان وتصريح يتحدث عن انزعاجه من خروج حقول النفط عن سيطرته وهذا لم نره عندما كانت هذه الحقول ذاتها تحت سيطرة داعش قبل أن تحررها قوات سوريا الديمقراطية.
هذا ليس كل شيء بالنسبة للثروات الوطنية، فهذه الثروات لا تقتصر سوى على النفط، فهناك ثروات أخرى قد تكون بمثابة النفط قيمة أو أعلى، فمثلًا هناك الأسواق الحرة التي كانت تحت سيطرة عائلة الأسد ومخلوف ينهبون مردوداتها لتصبح الآن تحت يد روسيا وإيران.
والأسواق الحرة تتضمن المعبر الحدودي مع لبنان، وكذلك المعبر الحدودي مع الأردن ومرفأ اللاذقية، ومرفأ محافظة طرطوس، ومطار دمشق، ومطار حلب، ومطار الباسل في اللاذقية، ومطار القامشلي، وغيرها من المرافق السورية الحيوية.
كما لم يستطع النظام الحفاظ على الطرق الدولية m4، m5 واللذين يعتبران من أهم الموارد الاقتصادية السورية حيث أصبح الطريقان تحت سيطرة تركيا وروسيا.
الآن النظام السوري لا يملك الكثير من الموارد الاقتصادية والثروات الوطنية، فهو سلم كل شيء لروسيا وإيران مقابل البقاء في السلطة.
ماذا لو اتفق النظام مع الإدارة الذاتية؟
سعت الإدارة الذاتية للتوصل إلى اتفاق مع النظام السوري لكن دون جدوى، لكن لو حدث ذلك ماذا كان سيجني السوريين؟
أولًا، الحفاظ على وحدة الأراضي السورية، لو اتفق النظام السوري مع الإدارة الذاتية لتم قطع الطريق على القوى الأجنبية وإخراجها من الأراضي السورية.
ثانيًا، كان يمكن التعاون بين الطرفين وتحرير المناطق السورية التي تحت سيطرة المجموعات المرتزقة.
ثالثًا، إنهاء المعاناة الاقتصادية للسوريين، حيث حقول النفط لدى الإدارة الذاتية ومصافي التكرير لدى النظام، بالإضافة إلى استثمار المناطق الزراعية.
لكن وعلى ما يبدو بأن النظام السوري خسر الأهم وهو الحس الوطني بالمسؤولية تجاه الشعب السوري.