الكرامة والشرف والنزاهة قيمٌ إنسانيّة، وتعتبر معايير لتقييم أيّ سلوكٍ، ولا يجوز تبرير المس تحت أيّ طائل، وخلال سنوات الأزمة السوريّة تم إعداد الكثير من التقارير الحقوقيّة والإعلاميّة عن انتهاكات جسيمة بحق النساء والأطفال من جرائم اغتصاب وتحرش جنسيّ واختطاف،
التقرير الذي نشرته صحيفة الغارديان البريطانيّة يوم الإثنين 11/4/2022، حول قضايا التحرش الجنسيّ، بعنوان “تقرير يحذّر من أنَّ النساء يواجهن عنفاً مزمناً في مخيمات الأرامل بسوريا”، مروّع جداً، لجهة الإحصائيات والنسب التي وردت فيه، وهو من إعداد منظمة الرؤية الدوليّة World Vision .
وكشف تقرير جديد أن النساء والأطفال الذين يعيشون في بعض المخيمات التي يصعب الوصول إليها في شمال غرب سوريا يواجهون مستويات مزمنة ومرتفعة من العنف والاكتئاب، مع إجبار بعض النساء على ممارسة “الجنس من أجل البقاء”.
لندع الحديث عن الفقر والظروف الصعبة والغلاء المعيشيّ، ولكن مجرد عبارة “الجنس من أجل البقاء” يعبر عن حالة في منتهى الانحطاط والسقوط الأخلاقيّ، ولا يمكن تبرير ذلك باسم الثورة، والمفارقة العجيبة أنّ من يقومون بالانتهاكات ويقومون بأعمال الاختطاف والاغتصاب هم أنفسهم من يعجّون على مختلف مواقع التواصل والمنتديات والاجتماعات باسم “الثورة”، ولكن هل يمكن لمن لا يحفظ كرامة الناس الحديث عن ثورة! أيّ ثورة هذه بلا معايير أخلاقيّة؟!
يقول التقرير إنّه وُجد أنّ الأطفال فيما يُسمّى “بمعسكرات الأرامل” يتعرضون للإهمالِ الشديد والإساءة والإجبار على العمل بينما الأمهاتُ على وشك الانهيار نفسياً. تقول أكثر من 80٪ من النساء إنهن لا يتلقين رعاية صحية كافية و95٪ عبرن عن شعورهن باليأس.
حوالي 34٪ من الأطفال إنّهم تعرضوا لشكلٍ أو أكثر من العنف وقال 2٪ إنهم تزوجوا وهم في سن مبكرة. فيما تعتبر عمالة الأطفال مشكلة كبيرة إذ يُجبر 58٪ من الأولاد و49٪ من الفتيات بسن 11 أو أكثر على العمل.
من بين 419 شخصًا قابلتهم منظمة World Visionفي 28 مخيّمًا، حيث يقطن عشرات آلاف النساء العازبات – بما في ذلك المطلقات أو من فقد أزواجهن – وأطفالهن، قالت واحدة من كلِّ أربع نساء تقريبًا إنّهن شهدن اعتداءات جنسيّة في المخيم بمعدلٍ يوميّ أو أسبوعيّ أو شهريّ. وقال نحو 9٪ من المستطلعين إنّهم تعرضوا للإيذاء الجنسيّ.
قالت المنظمة: إنّه لا يُسمح للنساء بمغادرة المخيمات بحريّة، بسبب عدم تمكنهم من البحث عن عملٍ مأجور أو إعالة أسرهم، ووجد البعض أنّه “لا خيار أمامهم” سوى الانخراط فيما يسمّى بـ “الجنس” من أجل البقاءِ مع الحراس الذكور ومديري المخيم.
وقالت ألكسندرا ماتي، الكاتبة الرئيسيّة للتقرير: “إنّنا نرى العالم، وبحق، يعرب عن تضامنه مع ضحايا الصراع في أوكرانيا، والحكومات ملتزمة بسخاءٍ ببذلِ ما في وسعها لتلبية الاحتياجات الإنسانيّة هناك. لكنَّ الأرامل السوريات وأطفالهن يستحقون نفس مستوى التعاطف والرحمة والالتزام. وآلامهن ويأسهن وحاجتهن لا تقل عن أيّ شخصٍ آخر يفرُّ من الصراعِ”.
وتقولُ فاطمة (اسم مستعار)، أم لثلاثة أطفال في أحدِ المخيمات: إنّها تعاني من آلامٍ حادة بالظهر ولا تستطيع الحصول على رعاية صحيّة: “ليس لدينا حتى الخبز والماء”. عندما يطلبُ [الأطفال] الموز، أطلب منهم التحلّي بالصبرِ. لا يوجد شيءٌ يمكننا القيام به، الماء والخبز أهم”.
وأضافت: ليس من الآمن أن تذهبَ النساء والفتيات إلى الجبل لجلبِ الحطب لتدفئة أنفسهن أو الطبخ. إنّه ليس آمناً على الإطلاق. يجب أن آخذ جاري أو أيَّ شخص معي كيلا أذهب وحدي. ولا يمكنني إرسال أطفالي بمفردهم أيضاً، لأنّه ليس آمناً. ليس لديَّ أحد”.
نزح ما يقرب من 7 ملايين سوري داخليًا منذ اندلاع النزاع عام 2011. ويعيش حوالي 2.8 مليون فيما يقدر بنحو 1300 مخيم للنازحين داخليًا شمال غرب البلاد.
تُدارُ مخيمات الأرامل في إدلب وحلب من قبل “المعارضة السوريّة” والجيش التركيّ. وتُعدُّ الظروف هناك أسوأ “بشكل كبيرٍ” مما كانت عليه في المخيماتِ العامة. لا يوجد إلا القليل من الخدمات الأساسيّة المقدمة للسكان، أو لا تُقدّم على الإطلاق، الذين يعانون مما وصفه عمال الإغاثة بأنه “أزمة مروعة داخل أزمة” وتحديات الحماية “الأسوأ على الإطلاق”. تم تقييد الوصول إلى المنظمات غير الحكومية المحليّة.
يأتي تقرير “وورلد فيجن” قبل مؤتمر تعهدات الحكومة بشأن سوريا في بروكسل في مايو/ أيار. انخفض التمويل إلى أدنى مستوى له منذ عام 2015 بسبب ما قال التقرير إنّه “إرهاق المانحين وفيروس Covid-19، وتم الوفاء بأقل من نصف خطة الاستجابة الإنسانية لسوريا للعام الماضي. ووفقاً للأمم المتحدة، فإنَّ أكثر من 14 مليون سوريّ كان بحاجة إلى شكلٍ من أشكال المساعدة اعتباراً من الشهر الماضي.
مراجع
…………………………
https://www.theguardian.com/global-development/2022/apr/11/women-forced-into-survival-sex-in-syria-widow-camps?fbclid=IwAR3AMrIcPt2HZCPzietFyEX1giAzm9vAVljOUz3qEQqwJZceu_Wmqt_oTgc
ولات عفريني