الحرب العالمية الثالثة؛ شكلها والحل لإنهائها

ظهور المعضلات في الشرق الأوسط بنسقها الحديث الذي بدأ مع بداية التسعينيات إبان حرب الخليج أحداث تترابط مع حالة التعقيد ذاتها في الشرق الأوسط والمؤامرات التي ظهرت بهدف السيطرة وتوسيع النفوذ ما بين القوى المهيمنة منذ تلك السنوات وحتى الآن؛ أشكال الصراع المختلفة الآن هي ذاتها الواحدة التي تنقلب مع كل تحول وانعطاف في تاريخ المنطقة من قُبيل انهيار السلطنة العثمانية ونقطة التحول في مسارها ١٩٠٨ ومن ثم سايكس- بيكو ١٩١٦ ووصولاً إلى الحرب العالمية الثانية ١٩٣٩ طبعاً حينما نتناول التحليل وفق الشكل الحديث كون المنطقة نقطة صراع تاريخي لا زال يتطور حتى الآن.
إن تطور حالة الصراع وغلبة المصالح الموجودة بين الكثير من القوى في منطقة الشرق الأوسط والذي لا زال قائماً حيث وصل إلى ذروته مع نهاية الألفية الثانية (عام ٢٠٠٠) كذلك شّكل بكل حيثياته دلالات عملية لحرب جديدة في المنطقة ما سماه البعض كمسمى بالحرب العالمية الثالثة لكن في الحقيقة هي كذلك إلا إن القراءات كانت تختلف آنذاك، ما نعيشه الآن وما بعد حرب العراق ٢٠٠٣ حقيقة حرب عالمية ثالثة ومركزها الذي كان العراق بات الآن سوريا بحيث إن الأقطاب المهيمنة تتصارع في هذه النقطة مع تجاهل تام للظواهر الخارجية المبدية من قبلهم والزعم المستمر في العمل كجهود من أجل الاستقرار وما شابه.
لعل الأهم هو الآن التأثير أو الحد من آثار هذه الحرب بحكم إن انهاؤها غير ممكن دون آليات الحد منها ومن ثم البدء بكيفية المواجهة وفق معادلات الصراع بمعنى أقرب؛ الضغط شعبياً نحو إضعاف القوى المركزة في هذه الحرب وإحداث تحول فعلي في هيكلها وشكلها الموجود ليكون على خلاف الجسم والشكل الموجود في هذه الحرب وهنا القوى المحلية (التي هي جزء من الصراع والاستهداف) شرق أوسطياً في أولوية قوائم التغيير الواجب إحداثها كأمثلة كل الأطراف الموجودة حالياً في الساحة السورية وانتماؤهم وتاريخهم يعود للشرق الأوسط.
الطريق نحو التغيير والحد من المزيد من التأزم هو بناء نظام جديد تتفكك فيه السلطة المركزية للدولة كجسم وكهرم مدير للمنطقة ويتحول كل شيء إلى شكل مختلف يكون مفتوح بكل الإمكانات على الشعب وبمختلف تكويناته، النظام الأقرب والأكثر قدرة على حل هذه المعضلات والشكل الجديد من الصراعات والحرب الموجود هو نظام الفيدرالية الديمقراطية وما يتوحد معها في المضمون من مشاريع.
الشعوب وبمختلف اختلافاتها تستطيع اللقاء على هذا الهدف والعمل من أجل تحقيقه عملياً؛ حيث الغنى الموجود في الشرق الأوسط من لغة، ثقافة، تاريخ، تنوع ديني ومجتمعات كثيرة لا يوجد خلاف بينها ولا يمكن نسب الخلاف إلى الاختلاف والتنوع السائد على العكس هذا مصدر قوة كبيرة ويمكن وصفها بإنها أكثر أنواع القوة القادرة على إنتاج الحل الديمقراطي؛ الخلافات مصنوعة من قبل الأقطاب المحركة للصراع في المنطقة ولطالما بدأت بتفكيك قوة مجتمعات الشرق الأوسط فإن الحل والانتصار يكون بإعادة تلك القوة وتمتينها أكثر بالعمل معاً لهدف واحد وبالشكل المتنوع الموجود وفق نضال قوي وبكافة الأشكال وصولاً إلى الفيدرالية وتبنيها كمشروع وهذا ممكن وبشكل كبير من خلال مشروع الأمة الديمقراطية الطريق الأسهل والضامن الأقوى نحو التحول العملي إلى الديمقراطية.
سوريا التي هي الآن مركز للصراع والحرب الدائرة عالمياً هي ذاتها من تنتج الحل الذي يمكن بمضمونه الوصول إلى الشكل الجديد للمنطقة عبر بوابة النضال الكبير والمهم في شمال وشرقها-سوريا- المشروع الموجود كتفاصيل التنوع السائد فيه والعمل المشترك يجعله هدفاً؛ كون الإصرار لا زال قائم للحفاظ على المعالم الإدارية الكلاسيكية في المنطقة والتي لا تتفق مع طموح وآمال الشعوب قطعاً؛ كل الشعوب والمجتمعات في المنطقة يجب أن تركز في نضالها على التحول نحو الديمقراطية بالنموذج الذي يزيد من القوة والمتابعة ولا يعطي المجال لأن يكون هناك أي شرخ يمكن الاستفادة منها بالنسبة للقوى المناهضة للتطلعات الشعبية المشروعة كون الاختلاف والتنوع موجود وحالما يكون فقيراً من حيث التماسك والالتحام سيكون هناك فرص التحكم أقلها بالشكل الغير مباشر، الأمر الذي لا يمكن أن يكون إلا حال التحرك وفق نموذج وأطروحات الحل نحو التغير والديمقراطية ( الفيدرالية، الأمة الديمقراطية .