قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط أن تركيا تدفع بمشروع لا يقل خطورة عن المشروع الإيراني، وهو مشروع يعتنق الإسلام السياسي في ثوب من العثمانية الجديدة، ويسعى إلى الترويج لمنطلقاته الأيديولوجية في منطقةٍ ثبت أنها ترفض هذا المشروع.
ووصف الأمين العام للجامعة العربية مشروع تركيا في المنطقة بأنه مشروع توسعي، وذلك خلال كلمة أبوالغيط اليوم الأثنين بندوة البرلمان العربي بعنوان “نحو بناء استراتيجية عربية موحدة للتعامل مع دول الجوار الجغرافي”، وتابع الأمين العام: “وتركيا، من جانب آخر، تُعطي لنفسها الحق بالتدخل والتوغل في أراضي دولٍ عربية دفاعاً عما تعتبره أمنها القومي، ومن دون أي اعتبار لأمن الآخرين أو سيادة الدول.. وهو توجه مرفوض ولا يؤسس لعلاقة سليمة ومتوازنة بين طرفين تقوم على الاحترام المتبادل، والإدراك المشترك من كل طرف لشواغل الطرف الآخر”.
وأكد الأمين العام أن كلا المشروعين، الإيراني والتركي، “توسعي ويؤسس لعلاقة تقوم بين طرف مُهمين وآخر تابع .. وكلاهما يقفز فوق الدول وسيادتها.. وكلاهما يرى في الصراعات الدائرة في المنطقة فُرصة للتغلغل والتمدد .. وهو نظرٌ قاصر يقتنص مغانم قريبة ولا يهتم بعلاقة طويلة الأمد تقوم على الثقة المتبادلة، وتُحقق منفعة مشتركة للجميع عبر التعاون في مواجهة تهديدات، هي بطبيعتها، تستلزم حواراً إقليمياً.. إننا نتطلع إلى يوم يتغير فيه ذاك النهج، فيكون للحوار ساعتها معنى ونتيجة.”
ودعا الأمين العام للجامعة العربية إلى وجود تنسيق عربي حول الحوار مع دول الجوار حتى لا يكون الحوار ضارا بالأمن القومي العربي، مضيفا: “أي تعاملٍ مع جوارنا الإقليمي، ولكي يكون نافعاً ومجدياً، لابد أن يسبقه اتفاق بيننا كدول عربية على أولويات أمننا القومي، وتوافق واضح حول منطلقاتنا الاستراتيجية الرئيسية .. فلا يُضعف الموقف العربي شيء قدر الحوار مع الآخرين فرادى .. من دون أولويات واضحة متفق عليها، أو موقف جماعي محدد ننطلق منه .. ومن ثمّ فإن الحوار المطلوب –أولاً- هو حوار مع الذات، قبل أن ننتقل إلى مرحلة الحوار مع الآخر…ويقيني أن الجامعة العربية هي خيرُ من يرعى مثل هذا الحوار الذي طالبتُ به منذ توليت المسؤولية … ولا شك أن لقاء اليوم يأتي في هذا الإطار.. وأرجو أن تتواصل مثل هذه المبادرات من جانب كافة الفاعليات المعنية بالشأن القومي والتفكير الاستراتيجي والقضايا العربية .. بامتداد العالم العربي من المحيط إلى الخليج.”
وتابع أبوالغيط أن “الهدف المنشود لأي علاقة جوار هو النفع المشترك لطرفيها .. ولا شك أن العرب، كغيرهم من شعوب الدنيا، لا يسعون سوى إلى حسن الجوار ومد جسور التعاون لمواجهة التهديدات المشتركة في منطقة تموج بتحديات أمنية وسياسية واجتماعية وبيئية، كان من شأنها أن تفرز أوضاعاً استثنائية تمثلت في حالات نزوح كبرى وغير مسبوقة، وأوضاع أمنية هشة تؤثر على الجميع في المنطقة ، القريب والبعيد.. ومن حيث المبدأ، فإن الحوار المباشر يظل السبيل الأنجع والجسر الأقصر لتناول هذه المعضلات جميعاً، بصورة تستجيب لشواغل الجميع وتحقق مصالح الجميع.. على أننا نقف هنا ونقول: هل يكون هذا الحوار من دون أسس أو مبادئ تُحدد وجهته وأهدافه وإطاره العام؟”