شهد العالم خلال الأسابيع القليلة الماضية أكبر موجة حر، ربما في تاريخه، وامتدت من الجزائر وشمال أفريقيا جنوبا حتى السويد وكندا شمالاً، مروراً بالطبع ببريطانيا وإيرلندا وأجزاء من الولايات المتحدة.
موجة الحر الشديد هذه دفعت السويد، وفي خطوة غير عادية، إلى إصدار التماس بطلب مساعدة دولية لمساعدتها على تخطي “وباء حرائق الغابات” التي انتشرت عبر البلاد في الأيام القليلة الماضية، وذلك بعد أن عانت البلاد من شهور من الجفاف وانقطاع الأمطار وارتفاع حاد في درجات الحرارة، فأصبحت الغابات عرضة للاشتعال في أي لحظة.
وفي الجزائر تم تسجيل أعلى درجة حرارة موثقة، حيث بلغت في مدينة ورقلة في صحراء الجزائر نحو 51.3 درجة مئوية، بينما ارتفعت درجات الحرارة في اليابان إلى أكثر من 40 درجة مئوية، وسجلت حالات وفاة جراء الحرارة بلغت نحو 30 حالة وفاة، بينما تدفق الآلاف إلى المستشفيات لتلقي العلاج جراء الحرارة العالية.
لكن، لماذا يتعرض جزء لا بأس به من عالمنا من ارتفاع درجات الحرارة بصورة غير معهودة؟ ولماذا تشتعل الحرائق ويذوب الجليد والثلوج على أسطح البيوت في المناطق شبه القطبية؟
معظم العلماء يشيرون إلى عدد من العوامل، لعل أبرزها التغير المناخي، بحسب ما أشار الأستاذ في جامعة بريستول دان ميتشل، منوهاً إلى أن هناك العديد من العوامل الأخرى التي ساهمت في هذا الأمر، بحسب ما ذكرت صحيفة الغارديان البريطانية.
من بين العوامل الأخرى التيار النفاث “جت ستريم”، وهو عبارة عن رياح غربية قوية على ارتفاع 8-10 كيلومترات فوق سطح الأرض تؤثر على حالة الجو حول الأرض.
في بعض الأحيان، عندما تكون الرياح شديدة، تتسبب بحدوث عواصف، وفي أحيان أخرى، تكون ضعيفة، فيكون الجو هادئاً ومستقراً، وهذا ما يحدث حالياً.
ويقول ميتشل إن التيار النفاث حالياً ضعيف للغاية، وبالنتيجة، فإن حالة الضغط الجوي المرتفع تستمر لفترات طويلة فوق المكان نفسه.
ومن العوامل الأخرى أيضاً، التغيرات الجوهرية في حرارة سطح البحر في المحيط الأطلسي.
ويقول الأستاذ أدام سيافي من مكتب الأرصاد الجوية “ميت” إن هذه الأمور جزء من ظاهرة معروفة باسم “تذبذب الجداول الزمنية للمحيط الأطلسي”، مشيراً إلى أن هذه الحالة شبيهة بما حدث عام 1976، أي حرارة مرتفعة في المحيط وثبات في التيار النفاث أبقت على حالة الضغط الجوي مستمرة لفترات طويلة في المنطقة نفسها.
وأوضح أنه في ذلك العام من القرن العشرين، كان الصيف الأكثر جفافاً ودفئاً وحرارة وكانت أيامه مشمسة في بريطانيا.
وبالنظر إلى ما تمر به الأرض من تغير مناخي وارتفاع مستويات ثاني أكسيد الكربون في الجو وغازات الدفيئة وغيرها، فإن تأثير أي ظاهرة مناخية وجوية مثل ضعف التيار النفاث ستكون عواقبه وخيمة وأكثر بكثير مما كان عليه الحال قبل 40 عاماً.