أعضاء اللجنة الدستورية؛ شرعنة للاحتلال بشكل دستوري

في ظل تعقد الأمور ووجود قوى كثيرة وكذلك أطراف لا ترى ولا تتناول الوضع في سوريا إلا من باب واحد وهو مصلحتها، كذلك بوجود احتلال علني وهو الاحتلال التركي في مناطق سورية التي يتم التعامل معها وكأنها ليست بمناطق سورية؛ حيث اللغة تركية، والتمجيد لسلطة أردوغان، والتسميات التركية، والقوانين والإجراءات المفروضة هي ذاتها المعمول بها في الداخل التركي، ناهيكم عن حجم التدخل للإرهاب؛ قامت الأمم المتحدة وأعلنت في أيلول من العام الجاري عن تشكيل لجنة من أجل العمل على إعداد دستور جديد للبلاد كما يُقال من ناحية ومن ناحية أخرى البعض يتحدث عن إعادة للصياغة.
دون الوقوف أمام التفاصيل الخاصة بمهام وعمل هذه اللجنة وآليات التقاسم في شكلها، يجب أن يكون هناك إدراك عميق لماهية الدستور! ماذا يعني الدستور؟ إن النظر إليه – الدستور- وكأنه إجراء عادي خطأ كبير يولّد معه الكثير من المشاكل والمعضلات في البلاد، حيث لا زال أمام أعيننا التجربة التي لم تنجح، حيث حتى الآن هناك إعداد لحوالي خمسة دساتير في سوريا منذ عام 1920 وآخرها كان في عام 2012 وتعديل للمادة السابعة فيه (التي كانت تنص على إن حزب البعث هو القائد للدولة والمجتمع) عملياً عدم الانطلاق من المعطيات الميدانية ومن الحاجة الشعبية؛ فإن إعداد أو صياغة أي دستور لا يقدم ولا يؤخر، لا بل يضمن ظهور مشاكل ومعضلات مستقبلية بكل تأكيد.
من ناحية أخرى من يفتقد للرؤية الوطنية الشاملة وعدم الإلمام بحاجة البلاد والشعب وكذلك اللا حيادية لا يمكن أن يكتب دستور؛ من هم المشاركون في اللجنة الدستورية المدعومة أممياً؟ ماذا فعل هؤلاء قبل البدء بالعمل في هذه اللجنة؟ كيف يمكن كتابة دستور؟ نحن حينما نقول دستور؛ نعني ميثاق وشكل وإطار وحدود وتفاصيل كل شيء، فهل يمكن كتابة دستور وسط غياب تمثيل لإرادة ما يزيد عن خمسة ملايين مواطن؟ (مناطق الإدارة الذاتية)؛ كيف يمكن كتابة دستور وهناك من ينتهك الدستور والسيادة يومياً ويقوم بأفظع الأمور في الداخل السوري، لا بل يقتطع أجزاء من سوريا ويتعامل معها كأنها ولايات تابعة له (الدولة التركية)، كيف يمكن إعداد دستور وما هو المرجو ممن يتفاخرون بالاحتلال التركي أو ممن يريدون فرض القبضة الأمنية في البلاد؟
إذاً من يكتب هذا الدستور ومع إنه لن ينجح؛ فإنه وسط تجاهله لكل ما يحصل على الأرض فإنه يشارك في تأزيم الوضع السوري؛ في خنق الحل السوري الشامل؛ في فرض لواقع التقسيم، كذلك في دعم الفوضى وشرعنة الاحتلال في ظل صمت اللجنة عن ممارسات دولة الاحتلال التركي وتجاهلها لحالة الإرهاب؛ الأمر الذي نراه لا يتناسب مع خدمة سوريا ومستقبلها خاصة في ظل وجود أقلام تركية بأيدٍ سورية في اللجنة.
نحتاج وبعد كل هذا المخاض لدستور وطني سوري يعالج الأخطاء السابقة ويعالج الأسباب التي فرضت الأزمة وهذا الصراع الطويل على السوريين. المشاركون اليوم في هذه اللجنة يحاولون في رياح عاتية لمّ الطحين المنثور بين الشوك، حيث كان الأجدر على هذه اللجنة أن تتخذ موقف يحد من الاحتلال التركي؛ كونه يستهدف أراضٍ سورية بغض النظر عمن هم في مرمى الهدف؛ لأن من يشارك في إعداد دستور يجب أن يرى كل أبناء سوريا سوريين ويرى كل رقعة جغرافية في سوريا هي أرضٍ سورية قطعاً. مع إن احتمالات نجاح هذه اللجنة معدومة. ولكن؛ وإن أعلنت عن نتاج ما فهو سيكون لخدمة الجميع إلا سوريا وشعبها!
فهل من المعقول يكون هناك دستور بهذا الشكل وبيد أشخاص يفتقرون لأدنى المعايير المؤهلة لعمل وطني وتاريخي كهذا؟!.