ترعى موسكو منذ 2022 مسار التقارب بين أنقرة ودمشق، وانضمت إليهما طهران في 2023، وفي وقت لاحق من العام الحالي تصّدر اسم العاصمة العراقية بغداد.
حيث لم تحرز الاحتلال التركي وحكومة دمشق خلال الأيام الماضية، وفي العلن، أي تقدم على صعيد المسار الجديد الذي كشف أولى ملامحه الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، وعلّق عليه نظيره، بشار الأسد، بخطابين عبّرا فيهما عن مواقف مليئة بالتفاصيل.
وما يزال مشهد العلاقة من جانب كلا الطرفين يدور ضمن “متاهة” تتعلق في الأساس بـ”مطلب الانسحاب”، مما يثير تساؤلات عن المتوقع والأسباب التي تدفع أنقرة ودمشق للتمسك بمواقفهما المتناقضة على الأرض.
ومن جانبه، جدّد رئيس بشار الأسد تأكيده على عدم التقدم بشكل كبير في مسألة تطبيع العلاقات بين نظامه وتركيا، حيث أصبحت الشروط التي تمسك بها سابقًا بمثابة “حقوق لا يمكن التنازل عنها”. وقد رصدت أنقرة إشارات عدم رغبة حكومة دمشق في الانخراط الجدي بعملية التطبيع، مما دفعها لإعادة طرح شروطها، بما في ذلك إجراء انتخابات حرة ونزيهة في سوريا بعد إقرار دستور جديد، ومن ثم تسوية الخلافات بين البلدين مع حكومة دمشق وتركيا.
كما تطرقت مصادر من الخارجية التركية لما استعرضه الأسد، ونقلت عنها وسائل اعلامية، أن إعادة العلاقات التركية مع دمشق إلى ما كانت عليه قبل 2011، يتلخص في أربعة عناوين رئيسة.
العنوان الأول هو تطهير سوريا من “العناصر الإرهابية” حفاظا على سلامة أراضيها، والثاني قيام سوريا بتحقيق مصالحة وطنية حقيقة مع شعبها في إطار القرار الدولي 2254، والعودة إلى المفاوضات الدستورية، والتوصل إلى اتفاق مع الفصائل التابعة للاحتلال التركي.
ويشمل التوقع الثالث تهيئة الظروف اللازمة لعودة اللاجئين بشكل آمن وكريم، والرابع ضمان استمرار تدفق المساعدات الإنسانية لمناطق سيطرة الفصائل دون انقطاع.
وكان لافتا أن حديث الأسد وتأكيده مرة أخرى على “المرجعية المتعلقة بالانسحاب التركي من سوريا” جاء في أعقاب نبرة حادة أطلقها وزير الدفاع التركي، يشار غولر بقوله إن “أنقرة لن تناقش التنسيق بشأن الانسحاب إلا بعد الاتفاق على دستور جديد، إجراء انتخابات، تأمين الحدود”.
ولفت المحللون إلى أنه حتى الآن، لم يصافح الأسد يد إردوغان الممدودة إليه، ويبعث برسائل مختلطة، ولهذا السبب هناك حاجة إلى التساؤل: «هل الخطاب الذي ألقاه الأسد في البرلمان السوري صحيح؟».