بيان إلى الرأي العام
بعد مرور حوالي عقد من الزمن لا تزال الأزمة السورية في ذروتها، ولم تتضح مساعي وجهود الحل الحقيقية حتى اللحظة، وأكثر ما يؤكد على ديمومة هذه الأزمة هو شكل التعاطي الذي ينتهجه البعض حيال الواقع السوري، حيث لا تزال هناك قوى وأطراف وفي مقدمتها النظام السوري تتعامل مع الواقع والمتغيرات في سوريا بتجاهل كامل لحيثياتها.
هذه القراءة الخاطئة للواقع الفعلي في سوريا تؤثر بشكل كبير في تعميق الأزمة، وتزيد من معاناة السوريين.
إن ما يدعو للاستغراب، وبعد كل هذه المعضلات والدمار والقتل والتشريد والإحتلال والإرهاب، هو وجود من لا يزال يؤمن بأن هذا التجاهل يمكن أن يحقق أي حل، علما أن لغة الإنكار هذه هي السبب في كل هذه المآسي.
إن تعليق الرئيس السوري مؤخراً، خلال مشاركته في الإجتماع الدوري الموسع الذي عقدته وزارة الأوقاف في جامع العثمان في دمشق، بتاريخ السابع من الشهر الجاري، على بعض القضايا ومنها تناوله غير الكامل للواقع السوري وإنكاره للتنوع السائد الموجود في سوريا لا يعبر بأي شكل من الأشكال عن الإنفتاح الواجب توفره لدى كل الأطراف التي تدّعي حرصها على مصلحة سوريا وشعبها.
فحديثه عن التعدد والتنوع السائد في سوريا وحصره بلون واحد لسوريا، وهو الطابع العروبي البحت، لا ينسجم مع المتغيرات المطلوبة في سوريا ولا مع جهود بناء سوريا الجديدة، فهذا التناول الضيق للشكل العروبي البحت حالة إنكار واضحة لباقي المكونات الأصيلة في سوريا، ومحاولة لصهر هذه المكونات والثقافات والتعدد السوري الموجود من كرد، سريان، أرمن وشركس وغيرهم في هذه البوتقة الضيقة.
نحن نحترم كل المكونات ونؤكد على أن العرب جزء كبير وأصيل من النسيج السوري ولكن يجب أن لا يكون هذا المكون ومن خلال إستغلاله وإستغلال هويته السورية منصة ينفذ من خلالها النظام سياساته مدعياً خدمة العرب في حين أنه يخدم مصلحته فقط، فالعرب كغيرهم من المكونات يعانون من الإنكار رغم كل الكلام الذي حاول الرئيس السوري أن يؤكد من خلاله على الدور العربي.
هذا الخطاب التقليدي لم يحقق منذ سنوات أي تقدم على صعيد الحل في سوريا وهي لغة غير مأمول منها تحقيق أي نتائج إيجابية.
إننا في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا نؤكد بأن سوريا أحوج اليوم لأن تتبنى فيها كل الأطراف لغة تتناسب مع حالة التغيير والتنوع والواقع الموجود فعليا، فالإنكار بحق أي من الشعوب أوالمكونات المتعددة في سوريا يلغي غناها المجتمعي والثقافي والديني، وهذا الإلغاء لا يخدم مستقبل سوريا ووحدة شعبها، بل يسهّل كل إجراءات تفتيت وحدتها المجتمعية.
الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا
عين عيسى
١٣ كانون الأول ٢٠٢٠