فاز الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من الجولة الأولى في الانتخابات الرئاسية التي أجريت بالتزامن مع انتخابات أخرى برلمانية، الأحد، وحصد خلالها أيضا تحالف حزب العدالة والتنمية الإسلامي والحركة القومية على الأغلبية البرلمانية.
وحتى مثول الجريدة للطباعة، حصل أردوغان على أكثر من 54 بالمئة بعد فرز 80 بالمئة من الأصوات، بينما حصل منافسه محرم إينجه على 30 بالمئة، وفق نتائج أولية أعلنتها وكالة الأناضول الرسمية كمصدر وحيد للنتائج.
وحصل تحالف الشعب (العدالة والتنمية والحركة القومية) على 55.5 بالمئة بعد فرز 75 بالمئة من الأصوات، بينما حصل تحالف الأمة (أحزاب الشعب الجمهوري والخير والسعادة) على 33 بالمئة.
وتضع هذه النتائج تركيا في مرحلة تسودها تكهنات باحتمال الدخول في فترة طويلة من الهيمنة السياسية المطلقة، إنطلاقا من إصرار أردوغان على تهميش الطبقة السياسية وحصر صلاحيات واسعة في يديه.
وقال بولنت تيزكان، المتحدث باسم حزب الشعب الجمهوري، في مؤتمر صحافي عقده في مقر الحزب في أنقرة، إن حزبه أحصى 10 آلاف صندوق اقتراع أظهرت أن نسبة الأصوات التي حصل عليها أردوغان تزيد قليلا عن 46 بالمئة. واتهم مراقبون أجهزة الأمن التركية بتزوير نتائج بعض الصناديق، خصوصا في المحافظات الكردية.
وستدخل التعديلات الدستورية، التي أقرت العام الماضي، حيز التنفيذ بمجرد إعلان النتائج الرسمية، لكن مكمن الخطر الحقيقي على الرئيس التركي ينحصر في البرلمان.
ويقول محللون أتراك إن حزب العدالة والتنمية الإسلامي بدا “مسنا ومتعبا” خلال هذه الانتخابات، ولم يتمكن من الحصول على الأغلبية إلا بمساعدة حزب الحركة القومية. وشهدت الانتخابات تحالفات في صفوف المعارضة لم تكن تخطر على بال أحد قبل شهرين.
وتكمن القدرة على جمع أحزاب الشعب الجمهوري والسعادة والخير، إلى جانب دعم حزب الشعوب الديمقراطي الكردي، الذي تمكن من تخطي العتبة البرلمانية بحصوله على أكثر من 10 بالمئة من الأصوات، في شخصية المرشح الأقوى أمام أردوغان في الانتخابات الرئاسية محرم إينجه.
ونجح إينجه، مدرس الفيزياء السابق والخطيب صاحب الكاريزما، في “تنشيط” معارضة كسولة ومنقسمة على نفسها. ولا تبدو حالة الاتحاد في وجه أردوغان وحزبه مقتصرة فقط على قيادات أحزاب المعارضة، لكن صداها سُمع على الفور بين القواعد أيضا.
ويقول محللون في أنقرة إن الفضل يعود إلى إينجه في “قلب المناخ السياسي في تركيا رأسا على عقب”.
لكن أردوغان حافظ على مكانته كمرشح أوفر حظا في الانتخابات الرئاسية.
ورغم الفوز بالرئاسة من الجولة الأولى، لا تزال تواجه أردوغان مشكلة تكمن في أمر واقع جديد خلقه استفتاء أبريل 2017 على تعديل الدستور. وعكست فلسفة حكم الرئيس التركي، منذ انتخابه عام 2014، حقيقة أن تركيا محكومة بنظام رئاسي استبدادي بشكل غير رسمي.
ومنذ محاولة الانقلاب الفاشلة عام 2016، فرض أردوغان حالة الطوارئ، التي منحت النظام الرئاسي القائم بالفعل صفة رسمية.
ويبقى على أردوغان رغم الفوز غير المتوقع التعامل مع قوة كبيرة معارضة له في البرلمان، الذي سيتشكل من 600 عضو، وفقا للتعديلات الجديدة. وستدخل هذه المعادلة السياسية تركيا في فوضى سياسية واجتماعية، لكن الاقتصاد سيكون في مأزق أكبر.
ويبقى الملايين في تركيا غير قادرين على الحصول على وظائف، رغم معدلات النمو الاقتصادي المرتفعة، في وقت تتزايد فيه نسب الفساد، ويقف فيه الاقتصاد التركي بأكمله على حافة الهاوية.
ويعود ذلك في المقام الأول إلى طريقة إدارة أردوغان للدولة، التي دفعت كثيرين إلى التساؤل عما إذا كان أي شكل من أشكال الديمقراطية التعددية سيبقى قائما بحلول الانتخابات المقبلة.