التصـ.ـعيد بين دمشق وأنقرة.. خلافات متصـ.ـاعدة أو رفع سقف التفاوض؟؟

تتكشّف تباعاً العديد من العقبات والعراقيل التي تعترض التقارب الحاصل بين تركيا وحكومة دمشق بدعم من موسكو التي تسعى إلى وضع “خريطة طريق” لردم هوّة الخلافات بين أنقرة ودمشق، إلا أن التصريحات المتبادلة بين الطرفين تؤكد أن اتفاقاً ينهي القطيعة بين أنقرة ودمشق ربما يتأخر.
وفي هجوم غير متوقع، تحدث الرئيس السوري بشار الأسد في اجتماع جامعة الدول العربية على مستوى القادة، والذي عُقد في مدينة جدة السعودية، عمّا أسماه بـ”خطر الفكر العثماني التوسعي المطعّم بنكهة إخوانية منحرفة”، في إشارة واضحة منه إلى الجانب التركي.
في المقابل، أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أن بلاده ستحافظ على وجودها العسكري في الشمال السوري.
وبشأن طلب الأسد انسحاب الجنود الأتراك من سوريا، قال أردوغان: “لا نفكر في ذلك لأن التهديد الإرهابي متواصل ويقصد هنا بالأكراد والعلويين المعارضين في الجانب التركي أمثال معراج اورال وعلي الكيالي في لواء اسكندرون حيث يتهم الأسد بدعم العلويين المعارضين له”.
وكانت نبرة التصريحات الإعلامية العدائية بين حكومة دمشق والجانب التركي قد هدأت في الآونة الأخيرة خلال العام الحالي، مع بدء مسار تقارب وانفتاح بينهما برعاية من الجانب الروسي.
وجرت في العاصمة الروسية موسكو اجتماعات عدة برعاية روسية مهّدت لاجتماع على مستوى وزراء الخارجية في كل من: تركيا، روسيا، إيران، وحكومة دمشق في العاشر من شهر مايو/أيار الحالي.
واتفق الوزراء على “تكليف نواب وزراء الخارجية بإعداد خريطة طريق لتطوير العلاقات بين تركيا وسوريا، بالتنسيق مع وزارات الدفاع والاستخبارات للدول الأربع”.
ويعد البعدان الأمني والعسكري في صدارة أي خريطة طريق يمكن أن توضع لفتح طريق التقارب بين دمشق وأنقرة.
ويعكس الهجوم الذي شنّه الأسد على الجانب التركي عمق الخلافات بين الجانبين، والتي ربما تعوّق المساعي الروسية لتحقيق تقارب بين دمشق وأنقرة بعد أكثر من عقد من القطيعة، إذ يضع الأسد الانسحاب التركي من الشمال السوري، مع التخلي عن فصائل المعارضة السورية في شمال سوريا، شرطا للمضي في التقارب، وهو ما ترفضه أنقرة حتى اللحظة.
ويبدو أن التقارب العربي مع حكومة الأسد أخيراً ربما يدفع دمشق إلى التشدد أكثر في الشروط التي يضعها قبل الشروع في مفاوضات مع الجانب التركي.
ويُعدّ الشمال السوري غرب نهر الفرات، بدءاً من ريف اللاذقية الشمالي الشرقي، إلى منطقة جرابلس شمال شرقي حلب على ضفاف الفرات الغربية، منطقة نفوذ تركية، وفي شرق نهر الفرات، هناك منطقتا تل أبيض في ريف الرقة الشمالي، ورأس العين في ريف الحسكة الشمالي الغربي.
وأقامت الحكومة التركية خلال الأعوام الماضية العديد من القواعد العسكرية داخل الأراضي السورية، وتنشر آلاف الجنود خصوصاً في ريف إدلب منذ عام 2020 والذي شهد مواجهة عسكرية مباشرة بين الجيش التركي وقوات دمشق التي قتلت في فبراير من ذلك العام عشرات الجنود الأتراك، وهو ما دفع الجيش التركي لشنّ حملة قصف أدّت إلى مقتل العشرات من هذه القوات والمليشيات التابعة لها.
وتدخّلت موسكو لإيقاف الحملة التركية، حيث توصل الطرفان إلى اتفاق في العاصمة الروسية موسكو في مارس/آذار 2020، يتضمن وقفاً لإطلاق النار لا يزال صامداً حتى اللحظة.
كما أن الجانب التركي يدرك أن تقاربه مع حكومة دمشق لن يفضي إلى نتائج لأن أنقرة تعلم أن حكومة دمشق لا تملك القدرة على مواجه قوات سوريا الديمقراطية (قسد) وهو المطلب التركي الذي يحاول بشتى الطرق القضاء على تجربة الإدارة الذاتية في شرق الفرات خوفاً من تمدد ووصول هذا الوعي التحرري إلى الجانب التركي ومطالبة الاكراد في تركيا بحقوقهم.
كما أن الأسد “أراد من خلال حديثه في القمة العربية عن الخطر العثماني، وتذكير السعودية بمنافسة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لها على زعامة العالم الإسلامي .