ساعتان ·
شمال شرق سوريا، منطقة الاستقرار المُهددة تركياً تحت أنظار ومسؤولية العالم. سنوات ولا تزال الدولة التركية تهدد شمال سوريا مُستهدِفة في مضمون تهديداتها حالة الاستقرار والتطور المهم للمشروع الديمقراطي عبر البوابة المؤدية إلى الحل وتعميم حالة الاستقرار في عموم سوريا – شمال وشرق سوريا-، التهديدات التركية تلتقي مع مجموعة من الأهداف التي تتخذها القوى الحاكمة في العالم بحيث يظهر دائماً عامل مهم ومشترك وهو منع وجود الاستقرار في المنطقة؛ حيث تستغل القوى الحاكمة في العالم وجود الرغبات التركية الجامحة نحو ضرب الاستقرار والتجربة الديمقراطية في سوريا والمتمثلة بمشروع شمال وشرق سوريا في كسب المزيد من التنازلات وإلا فإن إيقاف تركيا إجراء ليس بالصعب إن أرادوا ذلك بالفعل.
خلق حالة اللا استقرار تتوافق معها جميع قوى الهيمنة فالكل يريد توجيه الأمور نحو المزيد من الفوضى في ظل وجود حسابات خاصة لكل طرف، التهديدات التركية التي تأتي على لسان أردوغان في الآونة الأخيرة وإفصاحه عن عزمه لاجتياح شرق الفرات تشير بشكل أو بآخر بأن هناك نوع من الموافقة الضمنية للقوى المذكورة بقيام تركية بزعزعة الاستقرار في منطقة شمال سوريا؛ خاصة مع اقتراب حملة إنهاء وجود داعش عسكرياً(حملة هجين) والتي من أول وأهم مفرزاتها ولادة جديدة لمشروع مهم في المنطقة وهو مشروع الاستقرار النسبي بشكل كامل وهذا ما يتعارض مع جملة الأهداف التي تسعى إليها تركيا وغيرها من القوى.
يسعى أردوغان نحو صرف النظر عن الواقع الموجود في تركيا حيث من حملة الاعتقالات العشوائية إلى توتر في العلاقات مع المعارضة والأحزاب الأخرى، وتدهور الاقتصاد إلى وجود خلافات تركية حول الكثير من الأمور مع أوروبا، وصولاً إلى الفشل التركي مع روسيا في إدلب؛ كل هذا إضافة لاقتراب الانتخابات في تركيا مع بداية الربيع يريد أردوغان القيام بما يمكنه من إلهاء الرأي الداخلي التركي وتحقيق أهدافه في ضرب استقرار المنطقة ومنع تطور الحل الديمقراطي في سوريا والانتقام لداعش دون شك.
أكثر ما يُقلق تركيا ويوترها بأنه الخطر الأكبر هو نوعية المشروع الموجود في شمال سوريا، النوعية التي تتمثل بأنه غير محصور بمكون معين وإنما مشروع ديمقراطي تتوحد فيه كل المكونات من كرد، عرب، سريان، آشور وغيرهم بحيث لا يوجد ما يمكن أن يضعف هذا المشروع سوى ضربه والهجوم المباشر عليه؛ وبخاصة إن هذا المشروع الديمقراطي يحقق استقرار مهم في المنطقة على كافة المجالات؛ حيث في ظل استنفاذ أو نفي وجود مؤهلات القضاء على هذا المشروع من خلال السياسات التركية المعروفة منذ قرون وهي ضرب الشعوب ببعضها البعض؛ بمعنى حالة الوحدة الموجودة والاتفاق التاريخي في سوريا ما بين مكونات شمال سوريا على هدف واحد ومشروع ديمقراطي واحد – بعد أن عملت القوى المناهضة للشعوب بمنعه منذ عقود- من الصعب التغلب عليه أو تفتيته بسهولة؛ لذا اتجهت إلى الهجوم المباشر، والتهديدات المتتالية وهنا تكمن مسؤولية العالم.
مع الخطر التركي يجب على كافة القوى الفاعلة والتحالف الدولي والرأي العام في العالم أن يعرف أن حقيقة ضرب الاستقرار الموجود في منطقة شمال سوريا خطر جديد وكبير جداً، حيث إن شمال سوريا تُمثل البيئة المُهيئَة لتعميم الاستقرار في سوريا خاصة في المناطق التي لا تزال تَعمُّ فيها الفوضى؛ الهجوم على مناطق الاستقرار تقود الأمور نحو مرحلة سيئة جداً في سوريا بشكل عام. أمام تغليب المصلحة والأجندات الخاصة على مصلحة الشعب السوري فإن مسؤوليتنا تزداد في العمل على الحفاظ على استقرار منطقتنا؛ لذا فان شعبنا في شمال سوريا وبكافة تكويناته، الشعب الموجود في باقي مناطق سوريا، شعبنا في الأجزاء الأخرى من كردستان، شعبنا في أوروبا وكافة المناطق في خارج الوطن، يجب أن ينهض الجميع ويتخذ مواقف مسؤولة ليجعل الرأي العام العالمي على معرفة بحقيقة ما يوجد في منطقتنا، الحقيقة التي تكمن في محاربة الإرهاب، محاربة التطرف، منع وجود الصدامات والصراعات الطائفية، وجود مجتمع واحد متعدد التكوينات يعيش بحالة من الشراكة في الأهداف والإدارة، الهجوم على منطقة يوجد فيها كل هذه الضمانات التي تؤسس لحل ديمقراطي والاستقرار في سوريا يؤدي إلى ولادة كارثة خطيرة في سوريا. على عموم شعبنا في كافة أنحاء العالم التحرك نحو كافة المؤسسات والجهات الأممية، الحقوقية، الإنسانية، الاتحاد الأوربي والأمم المتحدة، إيصال حقيقة التهديدات التركية وأهمية المشروع الديمقراطي في سوريا الذي يقوده شعبنا مع ضرورة تبني آليات دعم الاستقرار في سوريا من خلال دعم مشروع شعبنا الديمقراطي .