تتلاعب دولة الاحتلال التركي بأبناء الشعب السوري منذ شرارة الأزمة الأولى في عام 2011، عندما “ادّعت” وقوفها إلى جانب مطالب السوري بإسقاط حكومة دمشق وفتحت حدودها لتضمهم بالملايين على أرضها كلاجئين، لتصرح السلطات التركية في شهر آب العام الماضي عن بوادر إعادة تطبيع العلاقات مع الحكومة السورية، الأمر الذي قسم صف المعارضة نفسها إلى شقين ما بين موالٍ ومعارض وخاصة وقد سبق هذا التصريح، إعلانٌ آخر من قبل أردوغان مطلع شهرِ آيار عن العمل على إعادة توطين مليون لاجئ سوري في المناطق المحتلة من سوريا وفي عفرين على وجه الخصوص تحت ما اسماه “العودة الطوعية”.
أدرك السوريون حينها أن “ادّعاء” تركيا وقوفها لجانب السورين لم يكن إلا لغاية أدركها أردوغان وهو نجاحه في الانتخابات ووصوله للسلطة آنذاك.
لذا ومنذ الإعلان السابق الذكر “العودة الطوعية” تعتقل السلطات التركية السوريين وتقودهم إلى مراكز الترحيل ليتم تبصيمهم على أوراق العودة إجباراً وتحت تهديد السلاح وفق ما أفادت تقارير ومواقع إعلامية.
وعادة تظهر بوادر الترحيل بعد اعتقال الشخص السوري من مكان عمله أو في الطرق العامة، ثم اقتياده إلى أحد مراكز الترحيل، ثم إلى مخيمات وصفت بـ “السجون الكبيرة” جنوبي تركيا، تحتوي على آلاف السوريين ممن وضعوا أمام خيارين، إما البقاء في المخيم، أو التوقيع على أوراق العودة الطوعية، وهنا يلعب العامل النفسي دوره، خاصة في ظل عدم السماح بتوكيل محام، وفق ما نقلت وسائل إعلامية.
وفي الرابع من شهر فبراير المنصرم، وتحت عنوان “دعونا نوقف عمليات الإعادة القسرية ونخلق فرص حياة إنسانية لطالبي اللجوء”، عقدت منظمات حقوقية دولية وتركية، في مدينة إسطنبول، مؤتمرا صحافيا تناول واقع اللاجئين السوريين، والضغوط الممارسة عليهم.
حيث شارك في المؤتمر الذي نظمته منصة “طالبي اللجوء”، ممثلون عن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ومنظمة العفو الدولية، ومنظمة هيومن رايتس ووتش، ونقابة المحامين السوريين- فرع إسطنبول، ومركز حقوق اللاجئين، وممثلون عن هيئة حقوق الإنسان والمساواة التركية، بالإضافة إلى منظمات حقوقية تركية، وناشطون حقوقيون سوريون، وفق ما نقلت تقارير إعلامية.
وتم التركيز على واقع اللاجئين في مراكز الترحيل والإيواء المؤقت، حيث يتعرضون للعديد من الانتهاكات، وتحديدا في مركزي “أوغزلي” في مدينة غازي عنتاب و”أبايدن” في مدينة هاتاي.
وجاء في بيانات المتحدثين، أن اللاجئين السوريين يتم احتجازهم في ظروف سيئة، ويتعرّض العديد منهم لسوء المعاملة، كما يُجبَر بعضهم على التوقيع على استمارات “العودة الطوعية”.
وأكدوا أن السلطات التركية “اعتقلت مئات اللاجئين السوريين، بينهم عدد من الأطفال غير المصحوبين بذويهم، وأجبرتهم على العودة إلى شمال سوريا”.
“كما تم إجبار بعض اللاجئين على العبور إلى الشمال السوري تحت تهديد السلاح، وتم ترحيلهم بشكل تعسفي دون إجراء محاكمات لهم، وهو الشيء الذي يتعارض مع القوانين الدولية التي تنص على أن اللاجئ حتى لو ارتكب جريمة خطيرة، يجب أن يقضي عقوبته في بلد اللجوء، ولا يمكن إعادته إلى منطقة الحرب”، وفق المتحدثين.
ولفتوا إلى توثيق حوادث لترحيل لاجئين سوريين في الآونة الأخيرة، منها ترحيل 15 عائلة سورية لاجئة تقيم في أنقرة وتحمل بطاقات حماية مؤقتة.