بمجرد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب عزمه «الانسحاب الكامل والسريع» من سوريا، كثف القادة الكرد السوريون اتصالاتهم في أكثر من اتجاه، كان بينها قيام قائد «وحدات حماية الشعب» الكردية سيبان حمو على رأس وفد رفيع المستوى بزيارات سرية إلى قاعدة حميميم ودمشق وموسكو للحصول على «ضمانات روسية» لترتيبات عسكرية وإدارية بينها تسليم الحدود السورية إلى دمشق لـ«قطع الطريق على تركيا».
وبعد أيام من تغريدة ترمب على موقع «تويتر» وإعلانه أنه أبلغ الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في 14 الشهر الماضي نيته القيام بـ«انسحاب سريع وكامل» من سوريا، طار وفد من «الوحدات» الكردية بقيادة حمو إلى حميميم ثم جرى لقاء سري في دمشق ضم مدير مكتب الأمن الوطني اللواء علي مملوك ووزير الدفاع العماد علي أيوب ورئيس شعبة الاستخبارات العسكرية بحضور وفد عسكري روسي رفيع المستوى.
رسالة «الوحدات» إلى دمشق، بحسب المعلومات المتوفرة لـ«الشرق الأوسط»، كانت ضرورة «عدم تكرار خطيئة عفرين: تشدد الطرفين في دمشق وقامشلو (القامشلي) أدى إلى خسارة عفرين لصالح حلفاء أنقرة» عندما بدأ الجيش التركي بضوء أخضر روسي في بداية العام عملية «غضن الزيتون» وأدت إلى السيطرة الكاملة عليها بعد رفض دمشق عرض كردي بمحاصصة في المدينة الواقعة في ريف حلب. وقال القيادي: «الآن عفرين ليست معنا وليست معكم».
كما أبلغ وفد «الوحدات» المسؤولين في دمشق، أن عدم تكرار الخطأ يتطلب «المرونة وتحديد الأولويات»، حيث قال أحدهم: «نحن مختلفون حول مستقبل سوريا لكن ليس على سوريا وحدودها ووحدتها». وأبلغهم بعرض مفاده استعداد «الوحدات» لتسليم جميع النقاط الحدودية لـ«بسط سيادة الدولة السورية» ثم يجري ترك موضوع الدستور والحل السياسي للمستقبل، شرط أن يكون «الضامن روسيا لهذه الترتيبات».
منبج كانت المختبر للتعاون المتجدد بين دمشق و«الوحدات». إذ جرى التفاهم على إصدار مواقف علنية منسقة تسمح بأن تدخل قوات الحكومة إلى منبج. وفي 28 ديسمبر (كانون الأول)، أي بعد يومين من الاجتماع السري، صدر بيان من قيادة «الوحدات» رحب بدخل الجيش السوري إلى منبج وآخر من وزارة الدفاع السورية تضمن المسؤولية عن «استعادة السيادة الكاملة للدولة». تزامن البيانان مع إعلان الحكومة الروسية أن الجيش السوري سيتسلم المناطق التي يخرج منها الأميركيون، بموجب تفاهمات دمشق – «الوحدات».
(صحيفة الشرق الأوسط)