الــمــقــاومـــة الـتـــي لا تـنــتـهــي هـــي الــتـــي سـتـــحــرّر عــفـــريــــــن

آلدار خليل –
نشهد في هذه الأيام الذكرى الأولى للمقاومة البطولية التي شهدتها مقاطعة عفرين وظهرت فيها الروح البطولية العالية للشعب الذي أكدّ بكل ما يملك بأنه يمضي بروح من الإصرار وبإرادة نوعية في مشروعه الذي يريد الإثبات فيه بأنه مشروع حقيقي؛ لتحقيق الاستقرار في المنطقة، ويكمن حقيقة المشروع في أنه يحقق البناء الحقيقي لإرادة الشعوب ويعيد الأمور التي مزقتها كل الممارسات الإنكارية إلى صوابها وحقيقتها التي يجب أن تكون.
المقاومة البطولية في عفرين والتي تمت على مدار ثماني وخمسين يوماً ولا تزال مستمرة في مرحلتها الثانية أعطت للعالم والمنطقة دروساً في إن القوى الاحتلالية مهما تعاظمت قوتها واحتلت جغرافيا المنطقة؛ لا يمكن لها أن تنال من إرادة الشعب الذي أخذ قراره في بناء مستقبله وفق حقائقه التاريخية والجغرافية وحتى السياسية بما إن الحرب في هذه الآونة حرب تتم حسب المعطيات السياسية في شقها الأكبر، مع العلم أن المحاولات التي تريدها القوى العدائية بحق شعبنا في كل الظروف تنبع من سياساتها غير الأخلاقية في معاييرها الوصفية لأنها لا تستند إلى أية حجج سوى إنها تريد دوام حالة الإنكار بحق كل الشعوب.
عبّرت المقاومة في عفرين على إن عفرين تمثل منبع المبادئ والقيم الديمقراطية. لذا؛ النوعية التي ظهرت في المقاومة بأحد أهم جوانبها كانت حالة الالتفاف القوي غير المحدود جغرافياً، حيث شهدت عفرين توجهات حاشدة مساندة، مشاركة، داعمة للمقاومة من كافة الأماكن والمناطق من روج آفا، بالإضافة إلى الأجزاء الكردستانية الأخرى والعالم أيضاً. الدماء التي سالت في عفرين قبل عام ولا تزال؛ باتت طريقاً نحو التعّرف على المقاومة والبطولة من أوسع أبوابها وأقربها، حيث إن الإرادة البطولية التي تصدت لهجوم بربري شرس من دولة تخدع العالم أجمع بأنها تبحث عن الاستقرار في ظل هجوم مكثف وبمختلف الأسلحة، الا ان الإرادة البطولية أسست لنتاج مقاوم لا يمكن أن يكون تحت أية ظروف عرضة للزوال بحكم ان الاستمرارية موجودة فيها بقوة.
عفرين كما أثبتت بأنها المدينة التي لن تسقط بالرغم من الاحتفالات الآنية من قبل القوى المعتدية والمحتلة؛ أثبتت مدى المواقف الأخلاقية للعالم من حيث وجوديتها، هل هي فعلية أم شكلية؟ صمت العالم وتخاذله إقليمياً وصمت الجهات والمؤسسات الأممية وعدم قيامهم بدورهم المسؤول الإنساني على الأقل أعطى معنى آخر للأمور وهو إن الإبادة لا تزال موجودة بالرغم من كل العهود والمواثيق التي تتبناها الجهات المذكورة والتي من المفترض أن تحد من أية هجمات عدائية دون مبررات. لم تأخذ النتيجة الكثير من الوقت حتى تنقلب عكسية، حيث تركيا اليوم أمام العالم أجمع تحاول إنقاذ الإرهاب في إدلب، وتريد الهجوم على كل من ساهم في القضاء على داعش؛ أي إنها تقوم بدور انتقامي؛ ما يمكن تفسيره بأن الصمت العالمي في عفرين كان دعم وسبب لتطور المواقف التركية اليوم والصمت حيال ما يحدث اليوم يمكن أن يكون طريقاً نحو عواقب يكون تأثيرها في أكثر الجوانب على من لزم ويلزم الصمت الآن بحكم إنه استهداف لمبادئ العالم في العدل والسلام والمساواة والحد من الدمار والحرب.
تحرير عفرين ضرورة ولا يمكن لشعبنا أن يقبل في أي وقت بدوام حالة الاحتلال فيها، وكذلك لن يقبل شعبنا بالممارسات الإجرامية التي تحدث في عفرين ولا بمحاولات تشويه هويتها الأصيلة من قبيل التغيير الديمغرافي وجهود تغيير ملامح عفرين البهية والأصيلة، الدماء والتضحيات التي تمت والبطولات التي قادها الشهداء في عفرين ستكون طريقاً لتحريرها بكل تأكيد، وكذلك طريق الشهداء أفيستا، بارين، كاركر وإيلان يلزم شعبنا بالمضي نحو النصر دون تراجع.
تحرير عفرين يستوجب مواقف فعّالة وجّادة ولا بد من أن تقوم كل الأطراف المعنية والمؤدية للحل والاستقرار في المنطقة وسوريا بدعم تحريرها وخروج المحتل والمرتزقة الذين يتسترون برداء المعارضة؛ كون بقاؤهم هناك إضافة إلى إنه خطر كبير يهدد كل سوريا؛ غير مقبول، فكما كانت داعش تهدد أي مشروع استقرار في المنطقة، تمثل تركيا ومرتزقتها أيضاً ذلك الدور؛ ما يتطلب جهود فعّالة تلتحم مع إرادة شعبنا وقراره في التحرير وإعادة عفرين إلى أهلها.