اللامركزية بر الأمـ.ـان لسوريا في مواجـ.ـهة التقـ.ـسيم والاحـ.ـتلال

رأي روز برس

في وقت تقف فيه سوريا على أعتاب مرحلة جديدة في خضم أزمتها البنيوية والمستمرة منذ أكثر من 12 عاماً، فإن مركزية الحكومة السورية هي التي أوصلت البلاد إلى حالة يرثى لها على مختلف الصعد والنواحي.

إذ أن الحكومة السورية تعيش في هذه الأثناء فرصة تاريخية تعيشها لأول مرة منذ 12 عاماً، تتمثل بجهود التعويم ورفع القيود بقيادة السعودية والإمارات.

ومع كل ما تعيشه وتشهده من تفكك وتشتت ودمار واحتلال فإن سوريا بحاجة ملحة إلى حل ينهي أزماتها اللامتناهية والبنيوية، لا سيما أنها بلد ذو تركيبة معقدة ومميزة في الوقت نفسه، حيث تتعدد فيها الثقافات والأثنيات والأعراق والديانات والمذاهب والطوائف مما يضفي عليها طابعاً صعباَ وفريداً.

في الحالة السورية فإن اللامركزية (وهي نقل الصلاحيات والموارد من المركز أو العاصمة إلى الإدارات الفرعية) تعد حلاً مثالياً، انطلاقاً من تجارب دول استطاعت أن تحقق التنمية المستدامة في إدارة الموارد وتحافظ على السلم الأهلي والوحدة الوطنية، ودولة الإمارات أنموذجاً، حيث تطبق نظام الإدارات المحلية، وتتجه لتصبح مركزاً عالمياً.

وعلى الرغم من حالة الانقسام والأزمات المتلاحقة، فإن اللامركزية تستطيع أن تكون مدخل الحل وضمان وحدة الأراضي السورية، وتصبح وسيلة معالجة حقيقية لقضايا الإقصاء والتهميش والحرمان المفروض من قبل الأنظمة الشمولية المركزية التي حكمت المجتمع السوري.

نهج اللامركزية هو بالضبط ما تتبناه الإدارة الذاتية، وقد دعت في مبادرتها الأخيرة والتي طرحتها في 18 نيسان، إلى تأسيس نظام إداري سياسي ديمقراطي تعددي لامركزي يحفظ حقوق الجميع دون استثناء.

وهو ما تؤكد عليه الإدارة الذاتية مراراً وتكراراً لجعل سوريا بلداً ديمقراطياً يسوده الأمن والسلام بدلاً من التقسيم الذي تكرسه الحكومة السورية وحلفائها، ومن الاحتلال الذي تكرسه الدولة التركية المحتلة والفصائل الموالية لها.

حيث قدمت ما تسمى المعارضة السورية، مناطق عديدة من البلاد على طبق من فضة للاحتلال التركي الذي استباح دماء السوريين ومنح نفسه حق التلاعب بديمغرافية البلاد ونقل السكان من مواطنهم الأصلية إلى أماكن أخرى بعد تهجير سكانها الأصليين وخير مثال على ذلك عملية مقايضة الغوطة مع عفرين، حيث أجرى الاحتلال التركي تغييراً ديمغرافياً في المنطقتين المذكورتين، وذلك بهدف تحقيق مآربه وأطماعه التي لا يوفر فرصة للإفصاح عنها.

وآخرها التهديدات التي أطلقها وزير الداخلية التركي سليمان صويلو المعروف بفاشيته وعلى أنه بيدق بيد الدولة العميقة في تركيا، إذ ادعى أن حلب تقع ضمن حدودهم في “الميثاق الملي” وأنهم سوف يمنحون الجنسية لمن يعيشون هناك وسيسيطرون على الحدود السورية- العراقية.

أمام هذه الحالة المتأزمة، لا مناص إلا في اتخاذ اللامركزية كمدخل للحل وإجراء عملية التحول والتغيير الديمقراطي الجذري والشامل في سوريا.