المجلس الوطني الكوردي والعودة إلى خطاب التشويش على مباحثات توحيد الصف الكردي

تزامنا مع مساع انجاح مبادرات توحيد الصف الكردي في روج آفا والحديث عن تحقيق المرحلة الأولى من المباحثات تقدماً إيجابياً، والتوصل إلى تفاهمات سياسية مبدئية قد تمهد الطريق لمراحل أخرى من الاتفاقات، أصدر المجلس الوطني الكردي مؤخراً بياناً جديداً لم تختلف لغة الخطاب فيه عن مراحل ما قبل البدء بالمحادثات، ويثر لهجته التهجمية على PYD الكثير من التساؤلات والشكوك حول مصداقية المجلس في انجاح مبادرة الوحدة.
وتحت اسم “النقد” أصدر المجلس الوطني الكردي بياناً إلى الرأي العام بتاريخ 7 حزيران الجاري، تطرق فيه إلى الوضع الاقتصادي في سوريا عامة وشمال وشرق سوريا خاصة، ورغم أنه يذكر في بداية بيانه أن تدهور الأوضاع الاقتصادية في سوريا هي نتيجة انهيار الليرة السورية مقابل الدولار والذي جاء نتيجة ” توقف العملية السياسية لإيجاد حل سياسي للأزمة السورية ونتيجة تعنت النظام ورفضه الانصياع لقرارات الشرعية الدولية وايغاله في معاناة الناس، بالإضافة إلى قرب تطبيق قانون قيصر الذي يستهدف النظام ومؤسساته الأمنية” إلا أنه يعود ليتهجم على الإدارة الذاتية ويصفها كما في خطاباته السابقة بأنها “إدارة PYD” ولا يصفها بوصفها الحقيقي أي “الإدارة الذاتية التي يديرها كافة شرائح المجتمع في شمال وشرق سوريا بكافة شعوبها ومكوناتها وأحزابها” ولكن يصر للعودة إلى نفس الخطاب المبطن بالاستفزاز والتهجم والتشهير، والمغلف بادعاء أنه “النقد” ليوهم به الرأي العام وكأن PYD هو سبب تدهور الحالة الاقتصادية!!.

ولو افترضنا أن هذا البيان هو فعلاً يدخل في إطار النقد وليس التهجم كما المعتاد، فإن ادعاءات البيان واتهامه للإدارة الذاتية بالقول أن “القرارات الارتجالية لإدارة pyd في التعامل مع الناس وتسويق محصولهم وفرضها أسعار بخسة لا تعادل حتى سعر تكلفتها ولا تتقارن مع هذا الانهيار الحاد في الليرة السورية” هذا الاتهام يناقض الحقيقة، إذ أن الإدارة الذاتية اتخذت قراراً جديداً بعد الانهيار المتسارع لليرة السورية وهو بأن تشتري المحاصيل بموجب عملة “الدولار” وهذا الأمر سيساهم في حصول المزارع على السعر الثابت لمحصوله مهما ارتفع او انخفض صرف الليرة السورية، الأمر الذي يدل بأن القصد من الاتهام المذكور في البيان هو التشهير والتهجم وليس النقد بهدف تطوير الأداء.
فيما تغافل المجلس الوطني الكردي عن الخطوات الإيجابية الأخرى التي اتخذتها الإدارة الذاتية لدعم الحالة الاقتصادية، ومنها إعلان الإدارة الذاتية تشكيل خلية أزمة اقتصادية تهدف إلى تفادي العقوبات الاقتصادية بموجب قانون “قيصر” وتحسين المستوى المعيشي للعاملين لدى الإدارة الذاتية ودعم الإيرادات العامة وتنويع مصادرها وترشيد النفقات العامة وتوجيهها نحو المجالات التي تساهم في التنمية وتأمين فرص العمل، بالإضافة إلى اقتراح سياسات اقتصادية لضبط عملية المبادلات النقدية في أسواق شمال شرقي سوريا وتشجيع القطاع الخاص والصادرات المحلية وفقاً للإدارة الذاتية.
فلو كان خطابه فعلاً هو بحسن نية وهدفه النقد، لتضمن بيانه تشجيعاً على اتخاذ هكذا خطوات إيجابية من الإدارة الذاتية لرفع عبء تدهور الاقتصاد عن كاهل الشعب، ومع أنه يقول في بيانه “أن المجلس الوطني الكوردي وهو يشارك المواطنين معاناتهم و قلقهم من الأوضاع الاقتصادية المزرية ويتضامن معهم في دعواتهم” ولكنه بالمقابل ينسف بخطابه كل آمال وطموحات هذا الشعب في توحيد الخطاب الكردي وقواه ونيل حقوقه، وكان الأجدر بالمجلس أن يسارع الخطوات في انجاح مبادرات الوحدة ومشاركة الإدارة الذاتية فعليا في العمل على التطوير وتقديم المزيد من الخدمات، بدل اللجوء إلى حرب البيانات الذي لن يزيد الأجواء إلى احتقاناً.