أخبار عاجلة

“المرصد السوري لحقوق الانسان” يفضح انتهاكات تركيا في المنتدى الدولي حول عفرين

 

قدم رامي عبدالرحمن مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، تقريراً عن انتهاكات دولة الاحتلال التركي ومرتزقتها في عفرين إلى المنتدى الدولي حول عفرين تحت شعار <التطهير العرقي والتغيير الديمغرافي في عفرين> المنعقد في مدينة عامودا بالشمال السوري.

 

وجاء في تقرير عبدالرحمن ما يلي:

 

تنام عفرين على انتهاك وتستفيق على صوت السلاح، وفي كثير من الأحيان لا يكون ليلها إلا أضواء آليات عسكرية وصياح المتقاتلين المتناحرين على المنهوبات، وفي كل يوم يزداد الانتهاك بشكل أكبر وبخاصة مع دخول السيطرة على مدينة عفرين وكامل المنطقة شهرها التاسع على التوالي، منذ تمكن القوات التركية والفصائل المقاتلة والإسلامية في الـ 19 من آذار / مارس 2018، بعد عملية عسكرية بدأت تحت مسمى “غصن الزيتون” في الـ 20 من كانون الثاني / يناير من العام ذاته، وساندت هذه العملية قوات من مجموعات الذئاب الرمادية التركية والطائرات الحربية والمروحية التركية التي تسببت في دمار بممتلكات مواطنين وفي مجازر وقتل تسبب في استشهاد نحو 380 مدني بينهم 55 طفلاً و36 مواطنة، من المدنيين من المواطنين الكرد والعرب والأرمن، العشرات منهم استشهد في انفجار ألغام وتحت التعذيب على يد فصائل عملية “غصن الزيتون”، وغالبيتهم ممن قضوا في القصف الجوي والمدفعي والصاروخي التركي، وفي إعدامات طالت عدة مواطنين في منطقة عفرين، وقتل تحت التعذيب، منذ الـ 20 من كانون الثاني / يناير من العام 2018، إضافة لجرح المئات وتشريد مئات آلاف آخرين، فيما بقيت الانتهاكات والممارسات اللاإنسانية حصة من تبقى من سكان منطقة عفرين ممن رفضوا الخروج من المنطقة، وترك منازلهم ومزارعهم للقوات التركية والفصائل التي تناهبت وعفَّشت وسرقت واستولت على ممتلكات المدنيين والممتلكات الخاصة والعامة في كامل منطقة عفرين.

 

لم تقف الأمور عند هذا الحد فقط، إذ أن الفصائل العاملة في عملية “غصن الزيتون” ولعدم وجود ما يردعها، عن ممارسة الانتهاكات بحق المواطنين الكرد من سكان منطقة عفرين، عمدت إلى إيجاد أسلوب انتهاك جديد يتمثل باختطاف السكان وتوجيه تهم إليهم أولى هذه التهم هي الارتباط أو الانتماء للقوات الكردية، وهذا ما سهل على هذه الفصائل توسعة نشاطها واعتقال المزيد من المدنيين، وممارسة القتل حتى دون اكتراث أي من الأطراف الدولية أو الإقليمية وحتى المحلية بما تتعرض له المنطقة من انتهاكات، وآخر هذه الانتهاكات كان ما رصده المرصد السوري لحقوق الإنسان من قيام فرقة إسلامية باعتقال رجل وابنته من إحدى قرى ريف عفرين، بتهمة الانتماء للقوات الكردية، وتحدثت مصادر عن اعتقال الرجل وابنته نتيجة رفض الانصياع لطلبات الفرقة التي طالبت بمبالغ مالية كأتاوة على “حمايتها للمنطقة”، كما فارق طفل الحياة جراء إصابته بطلق ناري قالت مصادر أهلية أن مصدره مقاتل من فصيل إسلامي عامل في منطقة عفرين، أقدم على إطلاق النار عليه في مدينة عفرين تحت تأثير المواد المخدرة، فيما وثق المرصد السوري لحقوق الإنسان نحو 2380 مواطناً جرى اعتقالهم، من ضمنهم أكثر من 840 لا يزالون قيد الاعتقال، فيما أفرج عن البقية بعد دفع معظم لفدية مالية، يفرضها عناصر عملية “غصن الزيتون”، وتصل في بعض الأحيان لأكثر من 10 ملايين ليرة سورية.

 

المرصد السوري رصد عمليات استهداف طالت قوات عملية “غصن الزيتون” التي وصلت لنحو 140 عملية، منذ خسارة القوات الكردية لمنطقة عفرين في نهاية الثلث الثاني من آذار / مارس من العام الجاري 2018، حيث ارتفع إلى 677 تعداد عناصر القوات التركية والفصائل المقاتلة والإسلامية بينهم 83 جندياً من القوات التركية، كما وثق المرصد السوري ما لا يقل عن 1582 من مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردي وقوات الدفاع الذاتي، ممن قضوا منذ بدء عملية “غصن الزيتون” ممن قتلوا وقضوا في الاشتباكات مع القوات الكردية في منطقة عفرين والاستهدافات التي تعرضوا لها، وعمليات الاغتيال منذ بدء عملية “غصن الزيتون” في كانون الثاني / يناير من العام 2018، كما كان قتل 91 على الأقل من عناصر قوات النظام الشعبية في القصف التركي منذ بدء دخولهم في الـ 20 من شباط / فبراير من العام الجاري 2018، ونفذت القوات الكردية نحو 140 عملية اغتيال واستهداف طالت القوات المسيطرة على منطقة عفرين، في الوقت الذي كانت نفت مصادر قيادية من وحدات حماية الشعب الكردي، أن تكون لقواتها أو خلايا تابعة لها العلاقة أو المسؤولية عن الكثير من الاغتيالات وعمليات التعذيب والتي ظهر بعض منها في أشرطة مصورة، منسوبة إلى القوات الكردية، واتهمت المصادر خلايا أخرى تابعة لجهات أخرى بتنفيذ عمليات الاغتيال هذه ونسبها إلى القوات الكردية لغايات في نفسها، تهدف بشكل رئيسي من خلالها إلى تصعيد انتهاكاتها تجاه المدنيين، الذي بات استياؤهم يتصاعد يوماً تلو الآخر، مع الإجراءات غير العادلة وغير الرحيمة، وصم القوات التركية القائدة لعملية “غصن الزيتون” آذانها عن الاستجابة لشكواهم.

 

ووسط كل هذه الأرقام بدت عملية التضييق بعد السيطرة على منطقة عفرين، والتي تنفذها قوات عملية “غصن الزيتون”، متطابقة مع رغبة من القوات التركية التي تحاول إبعاد نفسها عن أي انتهاك من شأنه أن يثير الرأي العام الإقليمي والدولي تجاهها، وفي التفاصيل التي حصل عليها المرصد السوري فإن فيلق الشام المقرب من السلطات التركية، شكل محاكم صورية تقوم بطلب أوراق ثبوتية تتعلق بملكية العقارات في منطقة عفرين الواقعة في القطاع الشمالي الغربي لمحافظة حلب، وأكدت المصادر أن عملية طلب الأوراق تترافق مع معلومات أوردتها مصادر متقاطعة، عن بدء تحضيرات من محكمة الفيلق لإعادة العقارات التي يقطنها مقاتلون لأصحابها، كما أكدت المصادر أن المنازل يجري الحجز عليها، لحين إثبات ملكية المنزل، بسند من السجل العقاري بحلب، يثبت أن ملكية المنزل للمدعي، حتى وإن كان هناك اتهامات بتبعيته للقوات الكردية أو الأحزاب السياسية الكردية، حيث يجري إعادة ملكية المنزل لأصحابه، فيما من لا يمكنه إثبات ذلك، فتجري عملية الحجر على الممتلكات وبيعها في مزاد علني، وبيع السلاح الفردي والمقتنيات الشخصية، كذلك بالطريقة ذاتها في مزادات مخصصة، الأمر الذي أثارا استياءاً واسعاً لدى سكان عفرين الذين لم يفسح لهم النظام المجال للوصول إلى مدينة حلب كنازحين، وسط مخاوف من عدم إمكانية الكثير من الأهالي المهجرين والمتبقين حتى من إثبات ملكيتهم، واعتبر الأهالي ذلك فصلاً جديداً في عملية التضييق لتهجير المدنيين المتبقين*

 

بينما كان قد قام لواء “السلطان شاه” المنخرط ضمن فصائل “غصن الزيتون” على شرعنة سرقاته لأرزاق أهالي عفرين عبر سلسلة قرارات أصدرها وعممها فيما يتعلق بموضوع جني محصول الزيتون، في ناحية شيه بريف عفرين، وتنص هذه القرارات على فرض أتاوات بنسب مختلفة من محصول الزيتون، حيث تم إجبار الأهالي أصحاب الأراضي الزراعية المتواجدين في الناحية على دفع 10 % من إنتاج محصولهم، أما في حالة عدم وجود أصحاب الأراضي الزراعية في الناحية ونيابة الوكلاء عنهم فتم تحديد نسب أكبر على النحو التالي: – يتم دفع نسبة 15 % من إنتاج المحصول في حال كان الوكلاء على قرابة بأصحاب الأراضي من الدرجة الأولى (أب – أم – أخ – أخت)، أما إذا كان الوكلاء من أهالي الناحية وليسوا على قرابة من أصحاب الأراضي فستكون نسة الأتاوة 25% من إجمالي إنتاج المحصول، فيما يتم دفع نسبة 35 % من إنتاج المحصول إذا كان الوكلاء من “أنصار ومؤيدي” وحدات حماية الشعب الكردي وفق ما عم به فصيل السلطان شاه.*

 

أيضاً أكدت مصادر متقاطعة للمرصد السوري أن قائداً عسكرياً في فيلق الرحمن المهجر من غوطة دمشق الشرقية، أجرى اتفاقاً مع المجلس المحلي في مدينة عفرين، يقوم على أخذ القائد العسكري، لمساحة من أرض جبلية تقع في منطقة بين الباسوطة ومدينة عفرين، على اعتبار أنها “أرض مشاع”، ولا تعود ملكيتها لأحد، ومن ثم منح المهجرين من غوطة دمشق الشرقية مساحة 400 متر، لقاء مقابل مادي قدره 100 دولار، وأكدت المصادر الموثوقة أن الاتفاق جرى بين الجانبين، فيما لم تجرِ إلى الآن أية عملية تسليم للمهجرين، فيما تعدى كل ذلك لفرض الأتاوات المفروضة على السكان المدنيين والمتنقلين في منطقة عفرين، على الطرق الرئيسية والفرعية، من حيث يجري دفع مبالغ مالية متفاوتة لحواجز قوات “غصن الزيتون”، الذين يعمدن لتوقيف السيارات الصغيرة والكبيرة والعامة والخاصة، وفي بعض الأحيان يتعدى الأمر كونه تحصيل أتاوة إلى عملية سلب ونهب، ناهيك عن تحكم فصائل عملية “غصن الزيتون” بشكل اعتباطي في الموارد الاقتصادية في عفرين، واستيلاء فصائل عملية “غصن الزيتون”، على غالبية مزارع الزيتون في عفرين، وتضمينها لتجار وعاملين للعمل بها واستلامها مبالغ مالية سلفاً كثمن لعملية الضمان هذه للمزارع المستولى عليها والتي بلغت نسبتها أكثر من 75% من مساحة مزارع الزيتون الموجودة في عفرين، عقب أن كانت الفصائل عمدت لتقاسم السيطرة على مزارع الزيتون.

 

كذلك كان المرصد السوري رصد عملية استيلاء على مدينة عفرين بشكل كامل من قبل القوات التركية وفصائل عملية “غصن الزيتون”، حيث تعمدت هذه الفصائل تقسيم مناطق سيطرتها، وكتابة عبارات على كل ما يجري الاستيلاء عليه، لتثبت ملكيتها عليها وتمنع بقية الفصائل من الاستيلاء على نفس العقار أو الآلية، كما تعمدت حرق مزارع زيتون وحرق ممتلكات، في حين تعدت الانتهاكات من الاستيلاء وتقسيم الممتلكات إلى تنفيذ عمليات مداهمة يومية للمنازل، بحجة البحث عن أسلحة وخلايا نائمة، وغيرها من الذرائع، والقيام بتعفيش ممتلكات المنازل من مجوهرات وأموال وأجهزة إلكترونية وحتى الهواتف النقالة والأثاث، كما وصلت السرقة من الممتلكات الخاصة إلى الممتلكات العامة، إذ أقدمت مجموعات من فصائل عاملة في منطقة عفرين على سرقة الأكبال النحاسية الناقلة للتيار الكهربائي، على رؤوس الأشهاد ودون رادع، وسرقة المشافي والمؤسسات الخدمية، فيما خلقت هذه السرقات عمليات اقتتال داخلي بين الفصائل المقاتلة والإسلامية العاملة في عملية “غصن الزيتون”، قتل وأصيب على إثرها عشرات العناصر، في جولات متكررة من الاقتتال الدامي، فيما لم تعمل السلطات التركية على ممارسة أي نوع من الردع أو الضغوطات، بل تحاول فض النزاعات التي من الممكن أن تخرج عن السيطرة الكاملة.

 

ومع دخول السيطرة على عفرين الشهر التاسع، هذه الأشهر التي شهدت مأساة إنسانية كبرى في الشمال السوري، فإننا في المرصد السوري لحقوق الإنسان نطالب المجتمع الدولي للعمل الحثيث والجاد من أجل إعادة سكان منطقة عفرين إلى موطنهم وتأمين الضمانة لحياتهم وعدم المساس بهم، إذ لا مكان يسع تشردهم ولا منظمات تقدم لهم المساعدة، كما نطالب الجهات الإنسانية والإغاثية بتقديم المساعدات التي تمكن المهجَّرين من عفرين من الاستفادة منها، وتقديم العلاج الطبي لمئات آلاف المشردين في منطقة جغرافية ضيقة، كما نطالب الجهات الفاعلة في المجتمع الدولي بالضغط على تركيا لفتح الحواجز أمام الراغبين بالعودة إلى عفرين، وضبط فصائلها التي لم تترك ممتلكات لا صغيرة ولا كبيرة إلا ونهبتها، وتمارس يومياً الانتهاكات بحق سكانها”.