حينما بدأت الثورة في سوريا؛ ركّزت بعض الأطراف على موضوع إسقاط النظام كشعار مماثل لما تم في المنطقة وبالتحديد في تونس وليبا ومصر. إن الوضع السوري المختلف والموقع على خارطة التنافسات بالنسبة للعالم كإضافة جعل الوضع مختلف أكثر؛ ذلك أنّ التفكير بموضوع إسقاط النظام لم يكن ممكناً بالطرق التقليدية إن صح التعبير كمقارنة مع المنطقة، الأمر المختلف كان يتطلب رؤية مختلفة وقراءة أخرى للأمور، وما طرحته مكونات شمال وشرق سوريا من رؤية في معالجة الحالة السورية من خلال الطرح الديمقراطي البديل والانتقال السلمي نحو التغيير العام؛ كان موضع مناقشات تُعرض من خلالها للتهجم وكيل التهم عليها بحكم إن من كان يريد إسقاط النظام كان يرى بأن الصراع على السلطة هو الحل وأن ذلك ممكناً ببساطة ما يؤكد عدم الوقوف بشكل دقيق عند بعض التفاصيل المهمة في الوضع السوري ومنها ما تم ذكره.
مع مرور ثماني سنوات لا يمكن وصف الوضع في سوريا بأنه قد تغير، على العكس تماماً بات في تراجع خاصة ما بعد مرحلة عام 2016 وظهور الدول الموجودة في سوريا بشكل فعلي بساحات التفاوض وكأن الموضوع غير معني بالشعب السوري؛ إضافة إلى ذلك الفئة التي كانت ترّكز على إسقاط النظام ومنها في المقدمة من يتخذ من تركيا مكاناً وسنداً لهم ويصفون أنفسهم بالمعارضة، حيث الائتلاف الآن في رؤيتهم وطرحهم مغاير تماماً لما كانوا يتحدثون به في البداية لا، بل باتوا يمثلون البوصلة التركية، فأينما وجّههم أردوغان؛ فإنهم يبادرون بالعمل مستغلين الصفة السورية في كيانهم وفي الحقيقة هم واجهة للدولة التركية، هذه الحقيقة التي لطالما كان الجميع يبحث عنها في المشهد السوري ويطرح التساؤلات حولها.
إذا ما كان إسقاط النظام لم يعد في جدول أعمالهم؛ فلماذا هناك هجوم بكافة ما يملكون من قوة وبخاصة إعلامياً على مناطقنا وإدارتنا الديمقراطية وهي المناطق الآمنة التي دحرت الإرهاب وبنت نموذجاً جديداً ونوعياً مثالاً حقيقياً للاستقرار وتجربة حل ضامنة بمجرد اعتمادها كرؤية في الطريق نحو الحل العام في سوريا؟، لاشك بأنها حرب الوكالة لتركيا وكذلك جهودهم في خدمة الدولة التركية كما ذكرنا وفي معاداة واضحة لطموح الشعب السوري.
إن ابتعادهم عن الخط الوطني في سوريا يتجلى في مواقفهم هذه وكذلك تحولهم لقوة متعاونة مع تركيا لتطوير سياساتها الاحتلالية في سوريا، فحينما يتحدث هؤلاء عن التغيير والحل في سوريا؛ فهل التغيير في وجود الدولة التركية واحتلالها لمناطق من سوريا؟ كما إنه لا يزال هناك تهديد على عموم سوريا، عدم تحليهم بقرارهم الذاتي ووقوعهم ضمن قوة التأثير التركي يجعل منهم علاوة على كونهم أعداء للحل والاستقرار في سوريا؛ أدوات سينتهي دورهم حالما طرأ أية تغييرات في مواقف تركيا التي لطالما تتميز في تاريخها بأنها ذات توجهات ومواقف تكتيكية ولا يوجد لها أي تجربة في محاولات الحفاظ على الأصدقاء؛ الفكرة التي تنطلق منها تشكيلة الائتلاف بحديثهم عن أردوغان كصديق للشعب السوري.
باتت القوى المعارضة كما تسمي نفسها في حالة من الحرج ولا سيما في ظل توتر الوضع القائم في إدلب وكذلك إمكانية تقارب نظام أردوغان ودمشق وارد ففي الحالتين؛ هذه الأطراف تخسر دورها وتخرج أمام كل الخدمات التي قدمتها لتركيا دون تحقيق أي شيء للشعب السوري؛ كونهم في البداية انتهجوا الطريق الخاطئ حينما باتوا تحت تحكم وتوجيهات تركيا.
معاداتهم اليوم للحل الديمقراطي الذي يريد شعبنا تحقيقه وتضحيات مكونات المنطقة من أجل التغيير في سوريا؛ ستجعل من هذه القوى وبشكل علني وواضح تنحرف عما يضمن الاستقرار ويسعون إلى التقسيم وإطالة الحرب والدمار بالتزامهم في التعاون مع تركيا في خانة كل الأطراف التي ساهمت في دمار سوريا ومنها داعش وتركيا، حيث إن كل ما يُقدمون عليه من سياسات باتت تفشل وتتوضح ولم يعد هناك ما يمكن إخفاؤه خاصة في ظل التحولات القادمة في تركيا بغض النظر عن تفاصيلها.