آلدار خليل –
سنة كاملة تمرّ على النكسة التي لا يمكن أن تكون مطلقاً بأي شكل من الأشكال في الجزء المنسي من الذاكرة السورية؛ النكسة التي تمت؛ كانت في عفرين، حيث الغزو الوحشي والقصف الجوي واستعمال مختلف أنواع الأسلحة فقط لأسباب هي ذاتها تتعارض مع قيم ومبادئ جميع العالم التي لطالما يتحدثون عنها وهي كونها ـ عفرين- جغرافية لم تخضع لسلطة الدولة التركية وعملائها وكذلك لم تقبل بأن تكون إمارة على النحو الذي يرضي تركيا، بل كانت منطقة تسعى لنموذج ديمقراطي وسط كل الفوضى المحيطة بها. مع مرور سنة على الاحتلال التركي لعفرين اتضح خلال الفترة التي مضت بأن تركيا تسعى لمطامع أكبر من عفرين عكس ما كانت تصّرح به على الدوام على لسان أردوغان الذي كان يقول بأن الدخول إلى عفرين يعني تأمين تركيا أو حفظ الأمن فيها.
اليوم تركيا تحاول بالحجج نفسها التي احتلت بها عفرين احتلال شمال سوريا برمتها؛ تحاول الاستفادة من بعض المواقف التي كانت صامتة وقت الغزو على عفرين في حملتها الحالية على المنطقة المستقرة في الشمال السوري، تقول تركيا: إن الحدود يجب أن تكون آمنةً – حسب ما تدّعي- دون أن تدرك بأن سياستها باتت مكشوفة ولا يمكن أن تكون تركيا بموقع تحاول فيه خداع أي طرف بما فيها الدول الفاعلة في سوريا.
التناقضات في الحديث الذي يدور الآن واضحة من قِبل تركيا، فإن كان هناك ما يهدد أمنها؛ فلماذا لم تفعّل- تركيا- تلك الإجراءات التي تتحدث عنها إبَّان وجود داعش في معظم مناطق الحدود التركية قبل تحريرها، بل كانت تفتح لهم المعابر والمنافذ الرسمية وتقبل بوجود علم داعش على النقاط كافة على الحدود التركية!
لا يمكن أن يكون هناك قبول للمشروع الذي تتحدث عنه تركيا مطلقاً وكذلك لا يمكن أن تكون تركيا جزء من أي مشروع أمان في المنطقة وبخاصة على الحدود السورية. الدول المعنية وبما فيها الولايات المتحدة الأمريكية يبدو إنها تحاول ألاّ تخسر تركيا. لذا؛ تريد أن تجد لها مبررات أخرى كي تدخل الأراضي السورية أو بالأحرى الخط الحدودي بعد ما فشلت مساعي تركيا العسكرية أو جهودها في الفترة السابقة خاصة مع تطور المواقف العالمية والإقليمية والوطنية المناهضة للمشروع التوسعي التركي. لذلك؛ يجب علينا (مكونات شمال وشرق سوريا) أن نكون مستعدين لكافة الاحتمالات كي ندافع فيها عن كل ما تم إنجازه خلال السنوات التي مضت، لن نقبل بأن يكون هناك احتلال تركي بمشاريع ظاهرها عكس محتوياتها. إن كان هناك من يريد لتركيا أن تكون آمنة، أو حدود آمنة؛ فيمكن إيجاد بدائل من ذلك كإقناع تركيا بإقامة المنطقة التي تتحدث عنها داخل أراضيها – طبعاً نحن هنا نتحدث مجازاً في حال وجود تهديد من الطرف الآخر على تركيا- وكذلك يوجد بدائل كثيرة في هذا الإطار أقلها ضمان أي طرف دولي، والواقع بأنّ من يشكّل الخطر على الشمال السوري هي تركيا، وليس الشمال السوري من يشكّل الخطر على تركيا، والإحصاءات تؤكد عدد حالات التجاوزات التركية على الحدود بدون مبررات طبعاً.
في جميع الأحوال الاحتمالات المفتوحة أمامنا؛ تجعلنا نبحث عن خيارات تلاءم موقفنا واستراتيجياتنا فطالما نحن عملنا ضمن الإطار السوري، وحافظنا على وحدة المجتمع السوري بالرغم من كل المحاولات التي بذلتها تركيا من أجل تقسيم المجتمع في مناطقنا وبث الفتن والصراعات نرى بأننا من واجبنا أن نكون ملتزمين بالحل وفق الإطار ذاته، الذي يؤمن بأن الحل في دمشق.
في هذه المرحلة وضمن هذه التطورات/ بالإضافة إلى ضرورة الخروج والتعبير بكل السبل عن الموقف الرافض لاحتلال عفرين في الذكرى السنوية الأولى، علينا أن نتوجه نحو مساعي رفض الخطط والمشاريع التي تُطلِق يد تركيا في منقطتنا، وكذلك الوقوف وقفة واحدة أمام مساعي تركيا وجهودها في الاحتلال بطرق أخرى عدا عن الاحتلال المباشر.
موقفنا الثابت هو: نرفض كلّ الإملاءات وكذلك نرفض توظيف قوى لخدمة تركيا من خلال تقديمها على أنّها تمثّل الحل من أجل حفظ الحدود، لن يكون هناك قبول لأي قوى ما لم تكن بإشراف دولي وضمن الإطار السوري بكل الأحوال.