الهوية السورية المسلوبة تركيّاً والتبعية العمياء

في المناطق التي تتواجد فيها دولة الاحتلال التركي؛ عفرين، الباب، جرابلس، إعزاز وإدلب طبعاً سواء بشكل مباشر أو عن طريق المرتزقة لا توجد أي دلالة من دلالات الهوية السورية لا لهذه المناطق ولا لمن يعيشون فيها، حيث إن العلم التركي، النشيد التركي، صور مؤسس الجمهورية التركية، التسميات التركية، وكذلك شعارات وصور أردوغان حاضرة بقوة في هذه المناطق لدرجة إن البعض من الضباط الأتراك باتوا يقومون بوضع النياشين على صدور المرتزقة في إشارة واضحة بأن تركيا هي النافذة فعلياً وهؤلاء المرتزقة هم أدوات ليس إلا وهذا هو الواقع. في المجال التعليمي والثقافي تعمل الدولة التركية المحتلة في هذه المناطق التي يعتبرها البعض محررة بفرض اللغة التركية، الهويات التركية، الكتابة التركية والعلم التركي حاضراً ويرفرف فوق كل مدرسة، فأين التحرير وأين الهوية السورية وأين الطابع السوري؟! السؤال لمن يرحبون بدولة الاحتلال التركي ويصفونها بأنها تمثل الطريق نحو السلام للسوريين.
حينما تتعرض مناطقنا نحن شعوب شمال وشرق سوريا، الشعوب التي تشكل اليوم خطراً على أردوغان حسب زعمه لجملة من المخططات التركية؛ بهدف منع أن يكون هناك لون لهذه الشعوب ووضوح في طابعهم السوري يقف المرتزقة والموالون لدولة الاحتلال التركي معها وهم من السوريين ويصفون الحجج التركية واتهاماتها لنا بأنها صائبة لأسباب حسب رأيهم إننا خارج الإطار السوري ونسعى إلى بناء – حسب وصفهم- حكم خاص؛ ويغفل هؤلاء عما تفعلها دولة الاحتلال التركي بهم، حيث إضافة لكونهم اليوم خارج مناطقهم الأصلية خاصة المرتزقة وعائلاتهم الذين جاؤوا إلى عفرين فإنهم كذلك يتعرضون لسلب الهوية، لا يستطيعون العودة إلى مناطقهم ولن يبقوا في المناطق التي هم فيها الآن (عفرين)؛ كون لها أهلها الأصليين وفي الوقت نفسه يكونون هدفاً لممارسات دولة الاحتلال التركي.
مناطقنا التي يصفها من يدّعون الهوية السورية وهم أنصار أردوغان هي التي تدافع اليوم عن كل ما تم مصادرته سورياً من قبل دولة الاحتلال التركي، بحفاظ شعبنا على مبادئه في الدفاع عن حقوقه ونضاله من أجل الوحدة السورية والحقوق الديمقراطية ينتج اليوم إنجازات تاريخية في الحد من تطور الاحتلال التركي. الحرب الإعلامية ضد شعبنا اليوم والتفاخر بانتصارات أردوغان هو هروب من الفشل الذي يعيشه أردوغان، خاصة مع نتائج دبلوماسية شعبنا والتي عمرها سنوات التي جنبت سوريا ويلات ومآسي، ناهيكم عن حجم المسؤولية والتضحيات التي تمت ولا تزال.
نحن نوثِّق الانتهاكات التركية بحق مناطقنا وشعبنا وبخاصة في عمليات الدولة التركية المحتلة المتعلقة بخصائص التغيير السكاني (التغيير الديموغرافي) ونحن هدف للدولة التركية بحكم إنها لا تريد أن يكون هناك من يقف ضد مشاريعها في سوريا، وكذلك نتعرض للتهديد والوعيد دوماً فقط لكي تقوم الدولة التركية المحتلة بإيجاد أي منفذ للتحكم بمناطقنا؛ كونها بإرادتها الديمقراطية تتعارض مع رؤية ومصلحة دولة الاحتلال التركي في سوريا والمنطقة، والذين يتم تجريدهم من هويتهم وانتماؤهم السوري في مناطق تواجد الدولة التركية يصفوننا بأننا لسنا سوريين!
على ما يبدو ودون شك ذلك مؤكد بأن دولة الاحتلال التركي قد نجحت بشكل كبير في سلخ هؤلاء عن الجسد السوري؛ وباتوا هؤلاء بهويتهم السورية المفترضة ورقة تحسبها تركيا بأنها الشرعية للدخول في تفاصيل الأمور في سوريا والتحكم بها. في مناطق احتلال الدولة التركية الهوية السورية مفقودة، لا بل مسلوبة؛ وكذلك التعامل مع هذه المناطق يتم وكأنها أراضي تركية. لذا؛ من الأفضل أن يدرك كل من يقطن في مناطق احتلال الدولة التركية بأن تركيا لن تهبهم أي شيء يمكن أن يُفيدهم كسوريين، لا بل هم ورقة وكما يتم زجهم في معارك الوكالة لصالح دولة الاحتلال التركي؛ فإن تقديمهم على طبق من ذهب لأي طرف تتفق معه دولة الاحتلال التركي هو أمر ممكن ووارد كون تركيا لا تملك أصدقاء في تاريخها ولا في حاضرها.
بالرغم من دلالات انهيار فاشية أردوغان إلا إنه لا يزال هناك من يراه بأنه منقذ سوريا، ما يحدث في إدلب، ما يفعله حيال اللاجئين السوريين وعمليات ابتزازه لهم، تخبطه في الداخل التركي وانقلابه على إرادة الشعب في اختيار ممثليه في البلديات والبرلمان، التعقيد في علاقاته الدولية، مؤشرات انشقاق رفاق دربه؛ مع كل هذا فهل سيبقى هناك من السوريين ( الهوية المسلوبة) من يولي التبعية لمن أشعل المنطقة ناراً وباتت تحرقه وتحرق من معه؟! ثم ماذا يقدم بهذه التبعية هؤلاء للسوريين وأردوغان وهو من يحتل، يُقسّم، يخلق الفتن ويتهجم على الاستقرار ؟