إن المواقف التركية ضد الكرد معروفة وواضحة ولا تكاد تخفى على أي أحد بما فيهم من غير الكرد، هذه المواقف العدائية المباشرة هي من ضمن التخطيط العام لسياسات تركيا المرحلية والاستراتيجية على الدوام، بمعنى متى ما تضع تركيا أي سياسة فالكرد حاضرين دوماً من خلال سبل تطوير هذه السياسات ضدهم، في سوريا لا يوجد أي شيء من الكلام الذي تتحدث فيه تركيا عن مساعيها لتحقيق الاستقرار والانتقال نحو مستقبل واعد للسوريين، هي تطور كل الممارسات التي تحقق مصالحها بالدرجة الأولى وكذلك سبل العداء المباشر للكرد ومنع أي تطور لقضية الديمقراطية الفعلية والتي يقودها الكرد اليوم في سوريا بجدارة.
تركيا موجودة في باشور كردستان بذات السياسة؛ أي سياسة العداء ضد الكرد، وما تفعله هناك هو إتمام لسياساتها ضد الكرد في عموم الأجزاء الأربعة والعكس صحيح. لذا؛ أن نعي هذه السياسة هو أمر مهم وفي منطق التناول التركي للكرد وقضيتهم يرى أردوغان بأن كل الحركات الكردية واحدة ومرتبطة ببعضها البعض وهذه حقيقة واقعية حتى فيما بيننا نحن الكرد لا يوجد ما يمكن أن نسميه بالخلاف. لكن؛ يوجد ما يمكن تسميته بالابتعاد عن الحاجة الكردية وتجاهل بعض الحقائق من قبل بعض الأطراف الكردستانية للأسف. لا يمكن لنا أن نفصل ما حدث ولا يزال في كل من شنكال، كاري، حفتانين، ومتينا، عن أي نشاط عدائي تركي في أي منطقة كردية أخرى. لو تحدثنا عن مثال قريب عما تم ذكره؛ هذه السياسة التي تمارسها تركيا بزعامة أردوغان يجب أن لا تكون مقبولة على الإطلاق من قبل عموم الحركات والأحزاب الكردستانية، لا بد من ألا يبقى الكرد صامتين حيال هذه الممارسات، كيف يمكن الهجوم على قوى كردستانية تحوي بينها مقاتلين من الأجزاء الأربعة؟ لديهم إيمان مطلق بحماية الكرد وكردستان ويناضلون من أجل ذلك، والأمر غير المنطقي وغير المعقول هو أن يكون هناك البعض من الأطراف الكردية يستغل ذلك من أجل الهجوم على الكرد أنفسهم، الأمر مدهش للغاية!
الحادث الأخير الذي حدث في باشور بالقرب من دهوك في منطقة آمدية وهجوم مجموعات تابعة للاستخبارات العسكرية التابعة لأحد الأجهزة الأمنية في باشور على بعض عربات الكريلا ليس بحادث بسيط، بالرغم من أن الحركة الطبيعية للكريلا وذهابهم وإيابهم موجودة هناك على الدوام وبشكل معتاد منذ عشرات السنين إلا أن ما حدث غير متعلق بموضوع الحزب الديمقراطي الكردستاني وحزب العمال الكردستاني، هو مخطط أبعد من ذلك في محاولة لإشغال الكرد ببعضهم البعض؛ لتمرير القوى المعادية لمخططاتها العدائية. وحقيقة ما حدث هو مؤلم لكل كردي، كيف يمكن أن تكون هناك حكومة وإدارة كردية وواقع فعلي للكرد ويقوم هؤلاء بالهجوم على قوة كردستانية أخرى؟ والتي تدافع عن باشور كما أي جزء آخر من كردستان.
من هنا علينا أن نتفهم بأن الكرد هم الهدف وليس كما تدّعي تركيا بأنها تستهدف حزب العمال، هم من خلال حزب العمال يريدون استهداف الكرد جميعاً، هل يوجد مصلحة لأي أحد في أي صراع أو صدام بين باشور وحزب العمال عدا تركيا الوحيدة التي تستفيد من ذلك؟ أنظروا ماذا يحدث في عفرين، هل يوجد حزب العمال هناك؟ انظروا إلى حجم الانتهاكات هناك بحق الكرد، قتل، تهجير، خطف، تغيير ديموغرافي، كذلك في سري كانيه وكري سبي/ تل أبيض توجد كل الأفعال التي تكرّس العداء للكرد دون وجود أي من الحجج التي تروّج لها تركيا على الدوام، إذاً لماذا ينجر البعض وينخدع بمخططاتها؟
لا بد من ألا يقع باشور كردستان في الخداع وهذا الفخ التركي المستدام منذ عقود من الزمن، لا بد من التركيز على الواقع الموجود وأن تكون كل الجهود خدمة للكرد وكردستان. في باشور الآن توجد أزمة لأسباب خاطئة وكذلك لسوء الإدارة وخلاف مع المركز في بغداد على موضوع واردات النفط وكذلك المعابر الحدودية وأيضاً الميزانية، هذه الأمور نحن لا نريد الغوص في تفاصيلها ولا التدخّل فيها لكن هي واضحة للعموم، رغم كل هذه المعضلات لماذا يتم السعي لنيل الرضا التركي؟ أليس من المفترض أن يكون هناك تركيز على الواقع الموجود والبحث عن سبل الحل، بالإضافة لتطوير العلاقات بما يلزم لأن تكون أي معاناة في باشور هي معاناة لكل الكرد في الأجزاء الأربعة؟ هل التوجه نحو تركيا والعمل على تطوير الصدام مع حزب العمال الكردستاني سيوقف تلك المظاهرات التي تنادي بما تريده في باشور؟ أليس من واجب المعنيين في باشور أن يتساءلوا لماذا شعب باشور المضحي والمناضل منذ عقود من أجل كردستان وإرادة كردية يخرج اليوم ضد الأهداف التي كان يؤمن وينادي بها وقدّم التضحيات من أجلها؟ الموضوع متعلق بمسألة الديمقراطية، لابد من أن يتم سماع صوت الشارع، كما إن الحديث عن وجود أيادٍ خارجية تُسيّر هذه المظاهرات أيضاً حجج غير مقبولة، لماذا يمكن لجهات من الخارج تحريك شعب لديه حكومة وسلطات وجهات تديره؟ هذه تساؤلات مهمة.
العمل على استرضاء تركيا خطأ وسياسة غير صائبة وفي ظروف خاصة تمر بها باشور، كل شيء يتم على حساب باشور والتعامل مع تركيا لا يخدم باشور مطلقاً، هذا التعامل تجلى بوضوح من خلال نتائجه العلنية حينما ذهب باشور كردستان إلى الاستفتاء، حيث تركيا أول من وقفت ضده؛ هل هناك معنى بعد هذا الموقف الذي يقول فيه أردوغان لا أريد أن يكون للكرد أي إرادة؛ أكانت المواقف التركية حول استفتاء باشور لصالح حزب العمال مثلاً أم لصالح باشور؟
آلدار خليل