حضر بشّار الأسد في منتصف ديسمبر/ كانون الأول الماضي اجتماع اللجنة المركزية لحزب البعث، وكالعادة بدأت ماكينة الإعلام السوري برفع وتيرة الحديث عن الحزب ودوره وعلاقته بالمجتمع، وتهيأ أعضاءٌ حزبيون للانتخابات.
وفي جزء من النشاط المفاجئ للحزب، عَقَدَ بشّار، وتحت العناوين نفسها، اجتماعا آخر قبل أيام، مع ما سميت كوادر حزبية مثقفة، في موازاة انتخاباتٍ داخليةٍ يقوم بها الحزبيون، ويختارون قياداتٍ مختلفة المستويات. ناقش بشّار مع مثقّفيه العملية الانتخابية الجارية، وما إذا كانت هذه الانتخابات ستنتج وجوها جديدة ومختلفة، وكان تأكيدُه في الاجتماع أن الهدف النهائي هو الممارسة ذاتها، لا الأسماء التي ستنتج عن الانتخابات. ولم ينسَ التذكير بأن الحزب هو الحاكم وما زال يملك الصلاحيات التشريعية والتخطيطية نفسها للمجتمع، ومن واجب الحكومة تنفيذ ما يُقدَّم لها من خطط يُعِدّها الحزب الحاكم! وفق عملية شكلية، وتحت عناوين الممارسة الديمقراطية بالانتخاب، أكّد بشّار أن المهم هو العملية ذاتها، وكأن الحزب مرهون بوضع ورقة في الصندوق كل عدة سنوات ليبرهن على وجوده.
وهذه الانتخابات جاءت أساساً للإطاحة بالأعضاء القدامى نتيجة تمردهم في هيكلية الحزب، وهذه الانتخابات فرصة للتخلص منهم وجلب وجوه جديدة مؤيدة و”مطيعة”.
وفي خطوة فاشلة وبعد أن نسي سوريون كثيرون حزب البعث، يريد بشّار الأسد أن ينفُض عنه غبار الزمن ليبيعه مرّة أخرى، وقد تجاوز عمرُه الافتراضي بعشرات السنين، حيث يمكن القول إن الحزب قد انتهى حين أسدل الستار على المؤتمر القُطري الثامن عام 1985، ولم يكن مؤتمرا العامين 2000 و2005 إلا تكريسا لبشّار الأسد من دون أن يكون للحزب أي معنى أو هدف آخر.
وفيما يتعلق بما نُشر حول قيام النظام بإعادة هيكلة الأجهزة الأمنية من قبل لجان بالقصر الجمهوري، أوضحت مصادر إعلامية، أنَّ رئيس النظام يسعى لتحجيم دور بعض الضباط الأمنيين وقص أجنحتهم بعد ما أصبح لهم دور كبير في السيطرة ليس فقط على مناطق محددة، إنما في استمالة عناصر تدين لهم بالولاء المطلق كنتيجة للمنافع التي يحصلون عليها من الإتاوات وغيرها من طرق السلب والنهب.
وذكرت المصادر أن عدم تجديد الأسد لـ “كفاح ملحم” في شعبة المخابرات العسكرية يُشكل إنهاء لدوره الذي تنامى لدرجة كبيرة في شعبة الاستخبارات العسكرية وبين عناصرها، عدا دوره الكبير في صفقات اقتصادية تتعلق بعمليات الاستيراد مع تجار السلطة.
مصادر الحزبية أفادت أن الأسد يتقصد توزيع واختيار أعضاء اللجنة المركزية للحزب من المسؤولين السابقين في نظامه المعروفين بالولاء المطلق له بغض النظر عن كفاءتهم ونظافة يدهم، وفق تعبير المصادر لموقع تلفزيون سوريا، مشيرةً إلى أنَّ اللجنة المركزية هي من تدير حكومة النظام التي تُنفذ قراراتها بما يخدم مصلحة النظام والمتنفذين في البلاد.
ويرى مراقبون، أنَّ اللجنة المركزية للحزب تعتبر “حكومة ظل” تدير البلاد في كل المجالات بالتعاون والتنسيق بين القصر الجمهوري والفروع الأمنية، لذلك يهتم رئيس النظام باختيار أعضائها بدقة وتُحدَّد أسماؤهم مسبقاً عند كل تغيير بغض النظر عن من نجح في الانتخابات الحزبية التي يعول عليها الأسد إعلامياً فقط.