في العشرين من كانون الثاني/يناير 2018، شنت تركيا عملية اجتياح لمقاطعة عفرين في تنسيق مع الجيش الوطني السوري الجديد، وأُطلق عليها اسم “عملية غصن الزيتون”. خلال هذه العملية، نزح ما يقرب من 300 ألف نسمة من السكان الأكراد الذين يشكلون 80-90٪ من سكان عفرين إلى مناطق أخرى مثل الشيخ مقصود والأشرفية، ومدينة كوباني، والقامشلي، والحسكة، والرقة.
شهدت تلك المنطقة تحولًا إلى أقبية وأوكار للتعذيب والاغتصاب. تعرض الأهالي لأشكال قاسية من التعذيب الجسدي والنفسي، وتضررت العديد من المواقع الأثرية والمعالم التاريخية التي تحمل قيمة تاريخية هامة. بالإضافة إلى ذلك، قامت الاحتلال التركي والفصائل الموالية لها بقطع آلاف الأشجار واستغلال مواسمها وبيع حطبها.
وقد قامت الفصائل المسلحة المدعومة من تركيا بارتكاب جرائم حرب، مع انتشار 80 مقطع فيديو تظهر أعمال تعذيب وانتهاكات لحقوق الإنسان، وكذلك 70 مقطعًا توثق قطع أشجار وبناء مستوطنات وتدمير مواقع أثرية.
يستمر الاحتلال التركي والفصائل الموالية له في أنشطته الإجرامية في منطقة عفرين، مثل الخطف مقابل فدية وسرقة المحاصيل ونهب 59 موقعًا أثريًا ومصادرة أراضٍ ومنازل بشكل غير قانوني وقطع 350 ألف شجرة زيتون وإنتاج وتجارة مخدرات.
كما قامت فصائل “االمدعومة من تركيا” باحتجاز وتوقيف 900 شخص مع الاستيلاء على أراضٍ زراعية، ما أجبر الكثيرين على مغادرة المنطقة.
يعاني لاجئون سوريون من ترحيل قسري وممارسات عنصرية، من دون وجود أي مبررات قانونية.
تزداد حدة العداء والعنصرية تجاه السوريين في الأراضي التركية، مما يضعف وضعهم ويضغط عليهم للعودة القسرية إلى سوريا. يجبرون على التوقيع على ورقة “العودة الطوعية” بعد اعتقالهم واحتجازهم في مراكز الترحيل هذه الورقة تُقدم كتصريح للعودة الطوعية، ولكن في الواقع تعتبر إجبارية.
تتم عمليات ترحيل السوريين في تركيا بطرق قسرية ومسيئة. عندما يتم استدعاء المعتقلين للإدارة، يجدون الحافلات في انتظارهم. يتعرضون للضرب والاعتداء من قبل الجنود قبل أن يتم إجبارهم على توقيع أوراق الترحيل.
بالإضافة إلى ذلك، يتم بناء وحدات سكنية في المناطق المحتلة في شمال سوريا تحت مسمى “العودة الطوعية”، والتي وصفها أردوغان بأنها تأمل في استقبال أكثر من ثلاثة ملايين سوري في تركيا. هذه الخطوة تهدف إلى تغيير تركيبة السكان وديمغرافية المدن السورية المتضررة، وتمحو الهوية الأصلية لتلك المدن.
من المهم أن يتضمن مصطلح “العودة الطوعية” و “الآمنة” إعادة السوريين إلى منازلهم وأحيائهم دون تعرضهم للعنف أو القتل أو الاعتقال. لكن بدلاً من ذلك، يتم توطينهم في مدن جديدة تم بناؤها بغرض سياسي وديمغرافي يخدم مصالح أردوغان.
عدد المرحلين يصل يوميًا إلى حوالي 100 شخص عبر ثلاثة معابر حدودية: باب الهوى وباب السلامة وتل أبيض. تم ترحيل 552 شخصًا عبر معبر تل أبيض فقط خلال شهر يوليو، و838 شخصًا في أبريل، و966 شخصًا في مايو، و1538 شخصًا في يونيو. أما في معبر باب الهوى شمال إدلب، فقد تم ترحيل 6307 شخصًا خلال النصف الأول من العام.
تبرر تركيا هذه السياسات بحجة بناء مساكن للاجئين السوريين العائدين إلى مناطقهم في سوريا.
منذ بداية العام الحالي، أقامت تركيا 10 مستوطنات، تركزت 5 منها في جبل الأحلام بناحية شيراوا، واثنتان في ناحية جنديرس (أجنادين والزعيم) واثنتين في ناحية شران وواحدة في ناحية الشيخ حديد.
ويبلغ عدد المستوطنات في منطقة عفرين حوالي 25 قرية، تتوزع في مناطق شيراوا والشيخ حديد وجنديرس وراجو، بالمنطقة مؤخرًا.
أقامت تركيا في ناحية جنديرس 4 مستوطنات، وناحية الشيخ حديد 3، جبل الأحلام وحرش الخالدية 10، وناحية مركز عفرين 4 وناحية شران 3، وواحدة في راجو، ووسطيًا تتضمن كل مستوطنة 100 منزل.
تواصلت جهود الاحتلال التركي في زيادة وتسريع بناء المستوطنات في عفرين المحتلة. واستغل الاحتلال كارثة الزلزال واعتمد على تمويل من منظمات قطرية وأخوانية. في 12 آذار، بدأت “جمعية العيش بكرامة” الإخوانية بالتعاون مع جمعية تركية غير معلنة الإسم، إنشاء مستوطنة جديدة في قرية ماراته في عفرين المحتلة. كما قامت فصائل المرتزقة مثل “السلطان عثمان” و”الحمزة” بتأجير منازل الأهالي المهجرين في عفرين للمستوطنين.
لم يتوقف الاحتلال التركي ومرتزقته عن انتهاك حقوق البشر فحسب، بل واستهدفوا حتى الأشجار في تلك المناطق. منذ احتلال عفرين، تواصل فصائل المرتزقة حملاتهم الهمجية في قطع الأشجار لبيعها كحطب للتدفئة. في قرية ميدانكي، قطعت فصائل مثل “فيلق الشام” و”جيش النخبة” و”السلطان مراد” و”أحرار الشام” حوالي 270 شجرة من أشجار الزيتون والمشمش واللوز والجوز. أيضًا، قطعت فصيل “السلطان سليمان شاه” العشرات من أشجار الجوز واللوز التي كانت تعود ملكيتها للمدنيين في قرية كوبلكة. وقامت فصيلة “الحمزة” التي تعمل بأمر مباشر من قبل الاستخبارات التركية بقطع حوالي 80 شجرة زيتون بشكل كامل وجزئي في حقل تعود ملكيته إلى مدني في قرية كوركا. في 13 آذار، قطع فصيل “فيلق الشام” 50 شجرة زيتون معمرة من بستان تعود ملكيته لمدني في قرية باصوفان.
كما وثقت منظمة حقوق الإنسان عفرين ـ سوريا حول انتهاكات الاحتلال التركي في المدينة ” تم قطع أكثر من 372 ألف و500 شجرة من الأنواع الحراجية والزيتون والفاكهة، وحرق أكثر من 13 ألف و500 شجرة وأكثر من ثلث المساحة المخصصة للزراعة تم حرقها، وأما بالنسبة للمناطق الأثرية فقد تم تدمير أكثر من 59 موقع وتل أثري في عفرين، بالإضافة إلى تدمير أكثر من 28 مزار ديني لمختلف الأديان المتعايشة في عفرين وخاصة الإيزيدية، وتجريف العديد من المقابر وتحويلها إلى أسواق للماشية”.