منذ سنوات النزاع الأولى في سوريا، كانت إيران أحد أبرز داعمي الرئيس بشار الأسد، سياسيا وعسكريا واقتصاديا. وتدعم طهران مجموعات موالية لها، على رأسها حزب الله، في القتال إلى جانب الجيش السوري.
الاغتيالات المتكررة للمستشارين الإيرانيين كانت تدفع بالكثير من الأصوات القريبة من طهران للقول بوجود اختراق أمني أوتغاضٍ سوري كبير عما يحدث خصوصاً أن هؤلاء القادة عملوا في سوريا بظروف أصعب وأكثر انكشافاً من الناحية الأمنية، وعلى جبهات عدة، ولم يسقط منهم هذا العدد الكبير.
التوتر الذي بلغ ذروته في الأشهر الماضية عندما أرسلت الأجهزة الأمنية الإيرانية “رسالة مكتوبة” إلى نظيرتها السورية اشتكت فيه تلميحاً من خرق أمني كبير لدى الجانب السوري ينعكس نجاحاً في الاستهدافات الإسرائيلية المتكررة للأراضي السورية، لتلي مطالبات إيرانية من دمشق بمنح أراض زراعية وامتيازات لمشاريع وإدارة قطاعات حيوية أسوة بالجانب الروسي، الذي تتولى شركات منه إدارة مناجم الفوسفات ومصانع للسماد وقطاعات أخرى كانت مملوكة ومدارة من قبل شركات حكومية سورية في الماضي.
وتفيد مصادر محلية بأن طهران بدأت بوضع خطط لإجلاء عناصر الحرس الثوري ونقل مقارّ قياداته المعروفة من ريف دمشق إلى مناطق قريبة من لبنان، بعد مقتل الكثير من قادته البارزين في غارات إسرائيلية. وطالت رياح تلك الحرب أيضاً علاقات البلدين، إذ بدأ التراجع في وهجها بعد موقف الحياد الذي اتخذته دمشق تجاهها، ثم شكوك طهران بتورط أجهزة أمن سورية بتسريب معلومات حول تحركات ضباطها، إضافة إلى قلقها من تجاوب دمشق مع مؤشرات لانفتاح عربي، ورغبة بالخروج من عنق الزجاجة الإيرانية بتطبيع العلاقة مع الغرب.
وأفاد مصدر مقرّب من حزب الله اللبناني والمرصد السوري بأن إيران قلصت من وجودها العسكري في سوريا، بينما حلّ مقاتلون من الجماعة الشيعية اللبنانية وآخرين عراقيين مكان القوات الإيرانية في مناطق انسحبت منها طهران.
وبحسب المصادر الخاصة، أخلت القوات الإيرانية منطقة الجنوب السوري وانسحبت من مواقعها في ريف دمشق ودرعا والقنيطرة في جنوب البلاد خلال الأسابيع الماضية، خشية استهدافها مجددا، وحل محل المقاتلين السوريين مقاتلين من حزب الله وآخرين عراقيين مكان القوات الإيرانية في المناطق المذكورة.
حيث أشار المحللون إلى أن استقطاب إيران لمقاتلين غير سوريين إلى سورية، ماهي إلا لكشف أن حكومة دمشق تستخدم السوريين لمراقبة تحركاتهم، بعدما أبدت إيران شكوكها تجاه تورط حكومة دمشق بالقصف الإسرائيلي على مواقع قيادات إيرانية في سوريا.