بعد أن باتت سياسةُ الرئيس التركي معروفةً بالتذبذب والاضطراب وغيرِ الاستقرار، أدّى ذلك إلى انخفاض شعبيته، وانعكس سلباً على الواقع الداخلي في تركيا، ولا سيما الوضع الاقتصادي، الذي بات يواجه تحدياتٍ كبيرةً بالتوازي مع انهيار قيمة الليرة التركية.
فبعد قطيعة استمرت أكثر من عقد من الزمن، يستقبل الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، نظيره التركي، رجب طيب إردوغان، في القاهرة، في زيارة هامة لترسيخ المصالحة بين لاعبين إقليميين رئيسيين في المنطقة.
حيث أن أردوغان تعرّض لانتقاداتٍ عنيفةٍ من أحزاب المعارضة وإعلامها، بسبب زيارته للقاهرة ولقائِهِ الرئيسَ المصري عبد الفتاح السيسي، ودعوته لزيارة أنقرة في نيسان/أبريل القادم بعدما حمّلته مسؤوليةَ الفشل الذريع في السياسة الخارجية، ليس مع الدول العربية فحسب، بل مع جميع دول العالم أيضاً.
هذه الزيارة للقاهرة ترتّبت عليها تنازلاتٌ من قبل أردوغان، ولا سيما في ملف جماعة الإخوان، حيث عمد نظامُهُ إلى ترحيل عددٍ منهم، وسحب الجنسية من آخرين، في حين تظل هناك تنازلاتٌ أخرى غير مُعلنة.
وينقل التقارير أن الضغوط الاقتصادية للحرب في أوكرانيا والتأثير الناتج عنها على أسعار الطاقة والغذاء، والاتجاه المتزايد لخفض التصعيد الإقليمي والمصالحة، كانت عوامل ساعدت على الأرجح في تمهيد الطريق للتقارب بين إردوغان والسيسي.
مراقبون اعتبروا أن أردوغان يحاول في زيارته لمصر الحصولَ على صكِّ أمانٍ لتلميع صورته الداخلية، في ظل سيناريوهاتٍ محتملةٍ لموجة غضبٍ في ظل الظروف السياسية والأمنية والاقتصادية الصعبة التي تمرُّ بها البلاد.
وبالنسبة لخلاف مصر مع تركيا فيما يتعلق بليبيا، فقد تصاعد التوتّر عام 2020 عندما أرسل النظامُ التركي جنودًا ومرتزقةً تابعين له، وطائراتٍ مُسيّرةً لمحاربة الجيش الوطني الليبي بقيادة خليفة حفتر، الذي تدعمُهُ مصر بشكلٍ خاص، واعتبر السيسي تدخل تركيا تهديدًا صارخًا للأمن القومي المصري.
فيما يرى آخرون بأن تركيا كثفت مؤخراً من حركتها الدبلوماسية بين دول الجوار، للحصول على موافقات بهدف استكمال مخططه في سوريا بالوصول إلى حدود الميثاق الملي، بحيث طلب من السيسي التوسط لدى دمشق من أجل الهجوم على شمال وشرق سوريا.
مهما قام به أردوغان من مصالحاتٍ مع الدول العربية، ومهما قدّم من تنازلاتٍ في ملف الإخوان، فإنه لن يتخلّى عن سياسته القائمة على نشر الفوضى في المنطقة.