إيران شاركت بصورة فعلية في الميدان السوري عام 2013 عبر إرسال مستشارين عسكريين وخبراء، واقتصر دورها بالبداية على تدريب الفصائل الرديفة إلى أن تطور المشهد وانخرط عشرات الآلاف من فصائل الحرس الثوري ومن جنسيات إيرانية ولبنانية وعراقية وأفغانية بحرب لإعادة السيطرة على مناطق ومحافظات في أرياف حمص وحماة وحلب وجنوب البلاد في ريف العاصمة بالشراكة مع الحليف الروسي.
الان إيران تقوم بتقليص وجودها العسكري في سوريا بعد ضربات اسرائيلية، فبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان أن المناطق التي أخلتها المجموعات الإيرانية والفصائل الموالية لها تحركت إلى تغيير من تموضع انتشارها، وشملت إخلاء مقار في ريف حمص الجنوبي الغربي عند حدود سوريا ولبنان، وفي أقصى شرق سوريا عند معبر البوكمال الحدودي مع العراق حيث أخلت مجموعات مسلحة من جنسيات سورية وغير سورية مقارها.
في غضون ذلك شملت عمليات الإخلاء مقار لـ”حزب الله” في مناطق محافظة القنيطرة جنوب البلاد على الحدود الإدارية مع الجولان، وكذلك في ريف دمشق الجنوب الغربي عند حدود لبنان، أي المناطق الموجودة فيها قوات النخبة حيث أعيد تموضعها.
يأتي هذا بعد أن تعرضت مواقع عسكرية تابعة لقوات حكومة دمشق والمتخصصة بالدفاع الجوي للقصف عبر صواريخ استهدفت قواعد في تل الجايبة وقاعدة للدفاع الجوي وتل أم حوران في ريف درعا الغربي جنوب سوريا، مع محاولة الدفاعات الجوية التصدي لطائرات مسيرة كانت تحلق بالأجواء.
هذه الضربة جاءت بعد اتهامات تل أبيب لـ”حزب الله” اللبناني بارتكاب مجزرة أودت بحياة 12 شخصاً في ملعب رياضي بقرية مجدل شمس السبت الـ27 من يوليو (تموز) الجاري، بينما نفى “حزب الله” مسؤوليته عن الحادثة، وأفادت قياداته بأن صاروخاً إسرائيلياً اعتراضياً سقط على القرية.
واشارت الوسائل الاعلامية انه يأتي ذلك وسط تحركات مكثفة للفصائل الإيرانية تحسباً لهجمات إسرائيلية، وقامت إيران بإخلاء بعض مواقعها في الأراضي السورية خشية هجمات إسرائيلية متوقعة.
ووسط هذا الاحتقان الحاصل في المنطقة والمؤشرات التي تفضي إلى اشتعال الجبهة السورية واللبنانية بالتوازي مع المعركة الدائرة في قطاع غزة، تحاول طهران تأييد ما يسمى “وحدة الساحات”، وهو الوصف الذي أطلقه الأمين العام لـ”حزب الله” اللبناني حسن نصر الله في أحد خطابته.
ويرى مراقبون للتطورات الأخيرة بأنها بوابة لحرب مرتقبة وعلى وشك الاندلاع، وهذا ما يدفع الفصائل الإيرانية إلى إعادة تمركزها، وأن تحركات الفصائل على الأرض تمت ملاحظتها من خلال نقل مجموعات تتمركز في جنوب البلاد، وفي حمص القريبة من الحدود اللبنانية، وهناك تحركات أيضاً في شرق سوريا، مشيراً إلى إزالة الرايات أو أية إشارات دلالية للحزب (حزب الله) أو للفصائل العراقية أو السورية الموالية لإيران.
وأكدت المعلومات الواردة من دير الزور إلى ضربات شنتها الفصائل الإيرانية والموالية لها على قواعد أميركية، منها حقل كونيكو للغاز، ومن المتوقع قصف أميركي تشنه على مواقع في مدينتي البوكمال والميادين الخاضعتين للنفوذ الإيراني بشكل مباشر في حال اشتعلت جبهة الجولان على الحدود السورية – الإسرائيلية.
وتوحي الأحداث على الجبهة الجولانية باندلاع مناوشات وتكثيف الضربات على الحدود السورية ولا سيما المقار العسكرية التابعة للفصائل الإيرانية، بينما ترد الأخيرة بإطلاق صواريخ محدودة المسافة أو طائرات مسيرة، وفي حال فشلت الأوساط السياسية الدولية في كبح هذا التطور، وهو ما يرجحه متابعون بعد سحب كبرى الدول الأوروبية وواشنطن لرعاياها من بيروت وتوقف الملاحة بالأجواء فإننا أمام معركة وشيكة الحدوث.