تداعيـ.ـات عودة دمشق للحضن العربي على المعـ.ـارضة السورية

قررت جامعة الدول العربية الأحد استئناف مشاركة وفود الحكومة السورية في اجتماعاتها بعد أكثر من 11 عاماً على تعليق أنشطة دمشق إثر الاحتجاجات التي تحولت إلى نزاع دام قسّم سوريا وأتى على اقتصادها وبنيتها التحتية.

وتنتهي بذلك عزلة دبلوماسية فرضتها دول عربية عدة منذ بداية النزاع في 2011 على دمشق، التي تطلع اليوم إلى أموال إعادة الإعمار، برغم أن الطريق لا يزال يبدو طويلاً أمام تسوية سياسية في البلاد.

قرار الجامعة العربية هذا سبب صدمة للمعارضة السورية المنضوية تحت راية تركية.

ففي الوقت الذي كانت تعمل فيه الدول العربية للتخلص من جماعات الإسلام السياسي في مصر وليبيا وتونس، كان الائتلاف السوري يقف خلف تركيا ويدعم تلك الجماعات، ووصل به الأمر بأن أرسل الآلاف من عناصر الفصائل التابعة له إلى ليبيا ليقاتلوا من أجل المصالح التركية، فحولوا السوريين إلى مرتزقة وما زال الآلاف منهم هناك يحرسون الجنود والمصالح التركية في ليبيا.

وبذلك فأن الائتلاف السوري أثبت أنه مرتبط بجهة خارجية سيطرت على أراضي سورية وهجرت سكانها ووطنت آخرين في مكانهم، وبالتالي فأنه بعودة الحكومة السورية إلى الحضن العربي سقط عن الائتلاف مسمى المعارضة السورية.

وتعقيبا على قرار عودة دمشق للحضن العربي وخلال بيان أصدره الائتلاف أعرب من خلاله عن استيائه صراحة، وقال إن “الشعب السوري قد عاد اليوم وحيداً دون دعم رسمي عربي”؛ مشيراً أن القرار “يعني التخلي عن السوريين وعن دعم مطالبه المحقة”.

ولكن قرار الجامعة العربية واضح لجهة التأكيد على الرغبة العربية في إنهاء معاناة الشعب السوري، والتأكيد على ضرورة اتخاذ خطوات عملية وفاعلة للتدرج نحو حل الأزمة، وفق مبدأ الخطوة مقابل الخطوة وبما ينسجم مع قرار مجلس الأمن رقم 2254، وهو ذات القرار الذي يطالب به الائتلاف السوري، ولكن يبدو أن عودة الحكومة السورية لن تحقق غاية الائتلاف في السيطرة على الحكم.

الائتلاف السوري بدأ يخشى على مصيره بعد بدأ اللقاءات بين الحكومة السورية والنظام التركي أكبر داعمي الائتلاف، خصوصاً أن هناك تجارب عديدة لتخلي تركيا عن الأطراف التي دعمتها عندما انتهت حاجتها بهم، وكان الائتلاف يتقوى بالدول العربية على أمل أن يتوجه إلى حضنها إذا سلمتهم تركيا للحكومة السورية، ولكن الائتلاف تلقى الصدمة بأن العرب أعادوا الحكومة السورية إلى الحضن العربي وبالتالي لم يعد لهم حضن يلجئون إليه بعد الآن.

وبذلك يكون أمام الائتلاف خياران، إما الرضوخ والتنازل للحكومة السورية، أو الاستمرار مع تركيا التي ضحت بهم سلفاً من أجل مصالحها، وستخيرهم في نهاية المحطة بين العودة إلى حضن دمشق أو التوجه نحو الدول الأوروبية وتقديم طلب لجوء فيها كأشخاص عاديين وليس سياسيين وحينها ستقرر تلك الدول الأوروبية فيما كان بلدهم سوريا أمناً لترفض طلبهم وتسفرهم إليه أو أن تقبل بهم كلاجئين وتضعهم تحت اختبار القبول في مخيمات اللجوء.