“تدمـ.ـير التراث الأثري في عفرين تحت وطـ.ـأة الاحـ.ـتلال التركي”

بعد تهجير مئات الآلاف من أهالي مقاطعة عفرين وفرض سياسة التغيير الديموغرافي، تطوّرت انتهاكات الاحتلال التركي لتصل إلى محو تاريخ المنطقة كاملاً. ومع بداية الاحتلال التركي لمقاطعة عفرين، تسببت الضربات الجوية في إحداث أضرار جسيمة بالمناطق الأثرية والمدرجة على لائحة التراث العالمي اليونسكو، ومنها النبي هوري، دير مشمشه، وتلة عندارة التي تقع على بعد 5 كيلومترات جنوب مدينة عفرين و50 كيلومتراً شمال مدينة حلب، والتي يعود تاريخها إلى 10 آلاف عام، وتعتبر من المناطق الأثرية الفريدة من نوعها عالمياً.

لم تقتصر الانتهاكات التركية بحق آثار عفرين وتاريخها على هذه المواقع فقط، بل طالت ثلاثة محميات أثرية تقع على جبل سمعان وهي مدرجة على لائحة اليونسكو، حيث تم سرقة محتوياتها وتدمير أجزاء من كنيستها التاريخية. هذه القرى الأثرية تعود إلى العصرين الروماني والبيزنطي، ومنها قرية براده التي تحتل مكانة دينية كبيرة لدى الموارنة. تم تحويل المناطق الأثرية إلى ثكنات ومناطق عسكرية لمنع الأهالي من مشاهدة ما يجري من سرقات ونبش وتنقيب.

وثقّت تقارير تدمير 41 موقعاً أثرياً في عفرين. وبدافع سرقة الآثار، قام الفيلق الأول التابع لما يسمى الجيش الوطني، بقيادة العقيد المنشق عن قوات النظام معتز رسلان، والذي يعمل تحت إمرة قوات الاحتلال التركي، بسرقة آثار في منطقة قلعة النبي هوري الواقعة في مقاطعة عفرين على مقربة من الحدود السورية-التركية.

هيئة السياحة وحماية الآثار قد أشارت في وقت سابق، واصفة تلك الممارسات بالانتهاكات. أكدت أن دول العالم سنت قوانين من أجل الحفاظ على الآثار لمعرفة حضارة مناطقها عبر التاريخ. وأوضحت أن هذه الانتهاكات للمواقع الأثرية هي اعتداء فاضح على حضارة المنطقة والحق التاريخي الدفين لشعبها، وأن منطقة عفرين محتلة من قبل دولة خارجية.

أعربت الهيئة أن صمت منظمة اليونسكو يعتبر مساعدة في هذه الانتهاكات، مطالبة بأن يكون لها دور في الحفاظ على هذه الآثار. وأشارت إلى أن “الحكومة السورية” هي عضو في منظمة اليونسكو وهي جهة رسمية ويجب عليها أن تتحمل مسؤولياتها القانونية في الحفاظ على هذا الإرث التاريخي في المحافل الدولية.

وأكدت أن الحضارات الموجودة على الأرض السورية وخصوصاً في عفرين هي ملك للبشرية جمعاء، ولأجل الحفاظ عليها ومنع التعدي والنهب والتخريب وطمس معالمها، قامت هيئة السياحة وحماية الآثار بإصدار المرسوم رقم 1 لعام 2017 وهو قانون حماية الآثار، والذي يتضمن عدة إجراءات قانونية مشددة لمنع الاتجار أو الاعتداء على القطع والمواقع الأثرية.

رغم ذلك، لم يلتزم الاحتلال التركي بالقوانين التي نص عليها قانون حماية الآثار. فسياسة الاحتلال التركي بالاعتداء أو سرقة المواقع الأثرية هي اعتداء ممنهج يهدف لطمس هوية المنطقة وتشويه معالمها وتاريخها العريق.