بعد قطيعة استمرّت عقداً من الزمن بين تركيا مصر، تخللته الكثيرُ من المواقف السياسيَّة العدائية، والتصريحات السلبية المتبادلة تجاه كلّ منهما لنهج سياسات الآخر الإقليمية، توجّه أردوغان إلى القاهرة في زيارة رسمية لمدة يوم واحد.
ورغم قطع العلاقات في عام 2013، على خلفية تلاسن سياسي جراء موقف أنقرة من جماعة الإخوان المسلمين، إلا أن مصر وتركيا حافظتا على علاقات اقتصادية مستقرة ترجمها تبادل تجاري قيمته بلغ 7.7 مليار دولار في عام 2022، بحسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري.
وفي وقت سابق، تقلصت الفجوة بين تركيا ومصر عبر سلسلة لقاءات رسمية جمعت وزراء في البلدين، وأخرى على مستوى الرؤساء كانت على هامش مؤتمرات ومناسبات دولية.
وتسعى الزيارة الأولى من نوعها بين البلدين منذ نحو 10 أعوام لتنشيط التعاون بينهما، في ضوء تحديات كبيرة تفرضها المتغيرات في المنطقة.
إن تظاهر أردوغان إنه إيجابي الموقف تجاه القاهرة، وتعاطيه بكل هذا الودّ والتَرحاب مع رئيسها عبدالفتاح السيسي بعد مرحلة من الكراهية الشديدة التي ميزت تعاطيهما على الصعيد الشخصي لسنوات، وهو ما انعكس بصورة سلبية على علاقات البلدين السياسية والدبلوماسية، يجعل ذلك من المنطقي البحث عن إجابة لسؤال طالما شغل أذهان الكثيرين من الأتراك والسوريين معًا: متى إذاً يزور أردوغان دمشق؟!
خطوة المصالحة التركية مع القاهرة والسعي لتحسين علاقاتها معها ليست الأولى التي تخطوها أنقرة في سبيل إنهاء خلافاتها الإقليمية، وتحسين علاقاتها السياسية، وتوسيع حجم تعاونها السياسي والاقتصادي مع دول المنطقة، فقد سبق لها استعادة علاقاتها مع المملكة العربية السعودية.
كما استأنفت علاقاتها الدبلوماسيّة مع الإمارات العربية المتحدة بعد سنوات من الجفاء والتوتر نتيجة التباين في وجهات النظر بشأن قضايا المنطقة، وموقف كل منهما من ثورات الربيع العربي.
من هذا المنطلق يبدو من الطبيعيّ بل ومن المنطقي أن يتم فتح باب ملف العلاقات التركية – السورية على مصراعيه، وأن يبدأ الجميع في التكهن بالموعد الذي سيتم فيه تبادل الزيارات الرسمية بين البلدين، ويلتقي أردوغان والأسد وجهًا لوجه.
خاصة أنه كانت هناك علاقة صداقة عائلية قوية ربطت لسنوات بين الرجلَين، قبل اندلاع الثورة السورية، تبادلا خلالها الزيارات الخاصة، وقضاء العطلات، والاحتفال بالعديد من المناسبات الاجتماعية سويًا.
نستنتج من لقاء أردوغان بالسيسي ومبادرته لتحسين وتطوير العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية بين البلدين ما هو إلا تلوٍ نحو سوريا، فقد أفادت مصادر بأن الرئيس السيسي سيقوم بزيارة إلى سوريا الشهر القادم، سيزور دمشق ويلتقي الأسد حاملاً معه حقيبة العروض التركية ومخططاتها العسكرية في سوريا وما تتغنى به من “حماية أمنها القومي”، فهي تسعى من وراء هذه الحجة للتوغل أكثر واحتلال المزيد من الأراضي السورية وخاصة في شمال شرق البلاد.