في الشمال السوري فرضت دولة الاحتلال التركي ومنذ احتلالها للمنطقة التعامل بالليرة التركية، ما أدى لتعرض هذه المناطق لهزّة اقتصادية جديدة عقب حالة عدم الاستقرار في قيمة الليرة التركية، الذي ظهر بشكل واضح في النصف الثاني من عام 2021،
ارتدادات التذبذب والانهيار الاقتصادي كانت واضحة في مناطق الشمال السوري، إذ ارتفعت الأسعار بشكل جنوني، وانخفضت القيمة الشرائية للرواتب، وبدأت بوادر أزمة إنسانية كبيرة بالظهور في المنطقة، لاسيما وأن الأسعار لم تعاود الهبوط مع التعافي النسبي لليرة التركية.
وتُظهر هذه الحادثة مدى هشاشة الاقتصاد في هذه المنطقة؛ ويُقدَّر عدد سكان مناطق الشمال السوري ب 6.7 مليون نسمة بشكل تقريبي؛ يعيشون على مساحة قدرها 20.3 ألف كم2 تشكل 11% تقريباً من مساحة سوريا، بكثافة تصل إلى 330 شخصاً في الكيلومتر المربع الواحد، ويتوزع السكان بين ثلاث مناطق رئيسة؛ 4.2 مليون شخص في مناطق إدلب وريف حلب الجنوبي المحتلة من قبل هيئة تحرير الشام التابعة للاحتلال التركي، بنسبة تصل إلى 63% من إجمالي القاطنين في مناطق سيطرة المعارضة، و2 مليون شخص في مناطق “جرابلس واعزاز والباب” بنسبة تصل إلى 30%، ونصف مليون شخص في منطقة عفرين وريفها بنسبة تصل إلى 7 % وفق تقديرات وتوثيقات تقارير إعلامية مهتمة بالشأن، كما ويبلغ عدد سكان المخيمات قرابة 1.5 مليون نسمة، يشكّلون 23% من إجمالي عدد السكان الكلي.
وقد تعرضت المنطقة لتدمير ممنهج من قبل قوات الأسد وحلفائه على مدى سنوات الأزمة قبل الاحتلال التركي؛ فخرجت عن الخدمة أكثر من 5487 منشأة حيوية تضم مشافٍ ومدارس نتيجة القصف والاستهداف المتكرر، ودُمّر ما يزيد عن 60% من الأحياء السكنية أو أصبحت غير قابلة للسكن.
يعيش قرابة 80% من سكان الشمال الغربي في سوريا على المساعدات الإنسانية، نصفهم من الأطفال، وقد زادت الاحتياجات الإنسانية في المنطقة بنسبة 21 % بين عامي 2020 و2021 في وقتٍ تراجع فيه تمويل المساعدات الإنسانية بشكل واضح؛ مما يُنذر بحدوث مجاعة وشيكة في سوريا، وذلك بسبب تحكم الاحتلال التركي وفصائله المسلحة بمساعدات المنظمات الإنسانية وتوزيعها على عوائل الفصائل العاملة بإمرة تركيا.
كما وكشفت مصادر من إدلب ونتيحة لتدهور الوضع الاقتصادي التركي، بقيام تركيا المحتلة بتخفيض رواتب عناصر الفصائل المسلحة، وقد وصل بعضها للنصف.
وتوقعت ذات المصادر استمرار تخفيض الرواتب في الفترة المقبلة في ظل استمرار العجز المالي.
ولفتت المصادر إلى أن تخفيض الأجور شمل المرتزقة السوريين الذين يقاتلون خارج سورية لصالح أردوغان وأجندته العدوانية التوسعية.
وليس هذا فحسب فقد قامت تركيا إلى جانب تخفيض الرواتب، بفصل قيادات من الفصائل المسلحة في إدلب، وفق ما أفادت مصادر لـ “روز برس”، كما وتسعى للاحتفاظ بهم داخل إدلب لإرسالهم للقتال بدول أخرى.
وعلى إثر ذلك،ووفق ما أفادت مصادر لـ.ـ”روز برس” ولمنع انتقال “الجولاني” وكذلك التهريب وانتقال الأفراد تسعى تركيا بإغلاق المعبرين الحاليين بين عفرين وإدلب، وتعزيز معبر واحد بين المنطقتين، ليبقى كل من هناك تحت سيطرتها فحتى ولو فكروا بالانتقال والهروب لخارج مناطق الاحتلال التركي فلن يتمكنوا من ذلك، لعلّ وعسى بعد كل ما ترتكبه تركيا بالمعارضة تعود لرشدها “المعارضة” وتقتنع بأنها ليست أكثر من ورقة تحركها تركيا هنا وهناك تبعاً لمصالحها.